حوار: عبد الله عبد الرحيم تصوير: متوكل البجاوي في هذا الحوار الذي أجرته معه «الإنتباهة» بمنزله بالملازمين، وجه الإمام أحمد المهدي انتقادات واضحة للأوضاع داخل حزب الأمة والتجاوزات التي حدثت في انتقال إمامة الأنصار للسيد الصادق المهدي مشيرًا إلى أن الطريقة التي حصل فيها الصادق المهدي على إمامة الأنصار غير دستورية، وعبَّر الإمام أحمد المهدي عن استيائه الواضح للأوضاع السياسية بالبلاد. إلا أنه عاد وقال إن الحوار بينه وبين السيد الصادق المهدي ممتد ومستمر ويسعى الطرفان من خلاله للخروج بالذي ينفع القاعدة الأنصارية وينميها ويطورها. وأضاف ما زالت المساعي جارية والحوار متواصل مع الصادق وإن شاء الله سنهتدي إلى ما يصلح للقاعدة الأنصارية. وزاد: أصبحت رؤيتنا واحدة في القضية السياسية للبلد، وكشف عن ملابسات اعتقاله في العهد المايوي، والصدامات التي وقعت بين الأنصار ونظام الرئيس جعفر نميري، كما تناول الحوار بعض قضايا الراهن السياسي، فإلى نص الحوار: هل يرى سيادتكم أن حزب الأمة الذي أنشطر إلى ما يقرب العشرة أحزاب سيلتئم شمله في حزب واحد كما كان؟ يمكن أن تتوحد إذا ما كانت هناك منهجية وتنظيم وبرنامج ستتوحد، وجاءت اللحظة لكي نفسح الفرصة للشباب لأنهم أكثر حيوية، وأنا متفائل بذلك، وأنا على اتصال وثيق بالسيد الصادق نتحاور ونتفاكر لإيجاد السبل التي من الممكن أن تقوِّي الحزب وتدعم مؤسساته وتعالج مشكلاته وتستقطب قياداته كلها وتقربها لبعض وبالتالي نوحد كلمته في حزب واحد بدل أحزاب متعددة، وأتمنى أن يتم ذلك وسيكون له أثر فاعل في تحول الأحداث في السودان. يقال إن مايو حاولت نزع الإمامة من السيد الصادق وإعطاءها لك ولكنها عدلت عن ذلك؟ حقيقة نحن لدينا قضية كبيرة جداً مع مايو، وهي الاعتداء الذي حدث للجزيرة أبا وعلى بيت الإمام عبد الرحمن، وكان اعتداء غاشمًا وكنا مشفقين جداً من نتائج هذا الصراع، وأئمة الأنصار دائماً كانوا حريصين جداً على عدم اصطدام الأنصار مع الجيش، فهم كانوا دولة لو أرادوا الاصطدام لفعلوه، وهذا ما جعل الإمام عبد الرحمن ينادي بالاستقلال دون إراقة دماء مما مكَّنه من تحقيقه. ولم يُطلق الإمام الهادي يد الأنصار في ضرب حكومة مايو للجزيرة أبا لأنه كان يريد السلم وتلك الحرب لم أحضرها، فكنت في منفاي في الخارج وهو منفى اختياري. هل كان هذا المنفى لغرض العلم والتعلم؟ لقد سافرت صدفة إلى لندن ومعي المحجوب وحدثت الأحداث من بعدي ولم تكن السبل سانحة لي للرجوع فقمنا بالشكوى هناك للأمم المتحدة وحقوق الإنسان عن الاعتداءات التي حدثت للأنصار، ومن بعد أتيت راجعًَا في «1974م»، ومايو وقتها تغيرت ولانت ووجدت الأنصار كيانات قد تحطَّمت فعملت على إعادة الأنصار إلى ما كانوا عليه ولم تعترضني حكومة مايو وسُئل الرئيس نميري وهو كان في زيارة للبنان ماذا تعني عودة أحمد المهدي للسودان؟ هل تنوون عمل إمامة أنصارية أخرى؟ فقال لا يوجد شيء من ذلك القبيل، ولكن أحمد سوداني ولا يوجد ما يمنعه من العودة لوطنه السودان، وعندما وصلت خلت أنني سوف اُعتقل ولكن لم يحدث وبدأ الأنصار يلتف حولي في الجزيرة أبا ونحيي شعاراتنا التي توقفت منذ «1970 1974» وهذا أقلقهم، وبمجرد ما قامت أحداث حسن حسين اعتقلوني وظللت تسعة شهور في زنزانة في كوبر. وأين كان الصادق وقتها؟ بمجرد وصولي أخذ الصادق إذنًا من حكومة مايو وغادر السودان. حتى إن الصادق المهدي أشار إلى أن من الأسباب التي جعلتهم يعملون أحداث يوليو هو اعتقال مايو لشخصي دون مبرر ومواصلة القمع للأنصار. وظل التوتر قائمًا بيني وبين مايو إلى أن جاءت المصالحة الوطنية في «1967م» والسبب أن أخواننا في المعارضة بالخارج ارتكبوا «شوية» حماقات وهي أحداث يوليو التي مات فيها الأنصار وكانت فطيرة وغير معدّة إعدادًا قويًا ولم أُشاوَر فيها، إذ أن الأنصار سابقًا كانوا يحاربون لإحدى الحسنيين إما الشهادة وإما النصر، لذلك كانوا ينتصرون ولكن ناس يوليو كانوا يريدون النصر فقط مما كانت نتائجه سالبة على الأنصار، وكان أئمة الأنصار كلهم ضدها، وكان الأنصار يُقتلون في الطرقات، ورأينا أن الفتنة ستقوم، لذلك عندما تحركت قوى مختلفة للمصالحة الوطنية كنت أول من أيدها وبعثت بمذكرة للرئيس نميري وضَّحت فيه أن الذي يجري «أحداث يوليو» ليس من عمل الأنصار. وبعد أن تمت المصالحة السيد الصادق نفسه جاء راكبًا طائرة إلى السودان وأيد نميري وصالحه. والمايويون رحَّبوا بذلك وجعلوا من الأنصار وزراء أمثال شريف التهامي ونور الدائم وبكري عديل والسيد الصادق ذاته صار له مكتب في الاتحاد الاشتراكي وأدى القسم لمايو. مما أشرت إليه عن علاقتكم بمايو ومهادنتكم لها ألم تُبدِ مايو تعاطفًا معكم وتقف في صفك ضد الصادق الذي ناصبها العداء أول الأمر؟ بالعكس أجهزة الأمن كانت تتعامل مع السيد الصادق أكثر مني فكانت تدعمه والعلاقات وطيدة جداً فيما كانت العلاقة بيني وبين مايو ليست بالوطيدة. الخلافة في حزب الأمة بعد اعتزال الصادق؟ والله هذا يهمنا كلنا في الحزب ونعتقد أن خطوات الوحدة واعية ومسؤولة من القيادة العليا ونرحب بهذا الاتجاه ونتمنى أن يكون هناك مشاركة منا كلنا. هل سيتنازل الصادق المهدي لك عن الخلافة؟ والله الخلافة في الوقت الراهن غير محسومة من ناحية أن هناك إمامين في الساحة، وبالتالي خليفتين وتنظيمين للأنصار والمنابر السياسية، وهذا وضع غير مريح، فالحوار والتفاكر والرؤية القاعدية لها أثر كبير، وأنا في تقديري كلها تتجه لإعادة ترتيب الأمور بحيث يكون هناك خليفة واحد وإمام واحد ورئيس واحد في الحزب، هذه هي الرؤية الأمثل، ولكن العافية درجات، وفي رأيي أن الإمامة تنظيم أكثر من أنها أشخاص، وفيها لو تحدَّدت مسؤوليات القيادات والمهام سيكون خطوة مفيدة للأمام في توحيد النظام الأصغر. كيف تقيِّم الوضع السياسي العام في البلاد ومآلات ذلك وماذا عن مشاركة قيادات حزب الأمة «صلاح مناع ونصر الدين الهادي المهدي» في الفجر الجديد؟ أنا غير مرتاح للموقف السياسي العام، فهناك رموز قيادية وناضجة مع الأسف غير متفق في رؤيتها مع التوجه السياسي للبلد، وهذا فيه حضور للمعضلات الكبيرة المواجهة للبلد، وفيه ضعف شديد جداً للإرادة الشعبية التي يمكن أن تنقذ البلد، فالوضع يتطلب توحيد الرؤى بين القيادات الكبرى كلها، وليس كل شيء بالبندقية، ونعتقد أن السودان مؤهل ليخرج برؤية موحدة وفقًا لما مر به من ظروف.. وحقيقة لم أطَّلع على الوثيقة ولكن يجب أن تناقَش كل الأطروحات التي طُرحت من الأمة أو الشعبي وخلافه للقيادات السودانية ليخرج الناس برؤية واحدة.. أما بخصوص عزل الدين عن السياسة فمن الصعب جداً أن يتم فصله عنها وستكون مرفوضة، فكل الناس يتفقون على عظمة الإسلام وهو مرجعية ليس للمسلمين فقط وإنما للعالم أجمع، فيجب وضع هذا في إطار لا يكون فيه خلاف البتة، وكما قلت إن السودان مرشح لتحقيق هذا من جديد؟ هل أنت راضٍ عن دور الأحزاب في التفاعل مع ما يدور بالساحة سياسيًا بما فيهم حزب الأمة؟ أنا لستُ راضيًا وأعتقد أن حزب الأمة مقصر تقصيرًا كبيرًا جداً ولو كان حزب الأمة بقوته ومنهجيته الواضحة الصريحة كان ممكن يكون أقوى من ذلك في الساحة. رؤيتك لما خرجت به قمة البشير وسلفا كير؟ نحن نرحب بهذه اللقاءات والحوارات، ونرى أن مثلها يجب أن تأخذ شكلاً جادًا ويجب أن تكون اللقاءات في الخرطوم وجوبا وحاجتنا لوسيط دائمًا أضعفت الدور الإيجابي المفترض يكون، كما أنه لماذا نلجأ للخارج لحل قضايانا، فكان يمكن أن تكون اللقاءات في الخرطوم وجوبا بدون ما نذهب لأي منبر خارجي والوسيط دائمًا ما يؤزم الأمور كما يحدث في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كرد فان. لمن يقرأ الإمام أحمد المهدي؟ لديَّ مكتبة تحتوي على كتب تاريخ السودان والمهدية والتصوف على وجه الخصوص بجانب كتب السيرة النبوية والفقه الإسلامي وكتب في مجال القانون والدعوة والخطابة وكتب التفاسير وأمهات كتب الحديث وأحرص على أن أضع في هذه المكتبة أي كتاب كُتب عن السودان. ما هو آخر ما قرأه الإمام أحمد المهدي من كُتب؟ آخر كتاب وما زلت أقرأ فيه كتاب باللغة الإنجليزية لصحفي إنجليزي يُدعى جون برادلي وهو يتحدَّث فيه عن الربيع العربي ومآلاته. وحوار قرأته وأعجبك؟ حوار أُجري مؤخراً مع صديقي بكري عديل، كما أنني كثير الاطّلاع على ما يُكتب عن الشخصيات الوطنية. علاقتك بالشخصيات والقيادات الوطنية والدينية؟ على اتصال وثيق بمشايخ الطرق الصوفية والشخصيات والقيادات الحزبية وحريص جدًا على مواصلة العلاقة التي ربطت بين الإمام المهدي ومشايخ الطرق الصوفية.