وقفت كثيرًا متاملاً في فكرة وعبقرية وزارة الرعاية الاجتماعية وهي تدشن مشروعاً استثمارياً يعتبرالاول من نوعه ضمن منظومة المشروعات الاستثمارية والمشروع حمل اسم «فندق كورال» بحاضرة جنوب دارفور نيالا يتبع لجهاز الاستثمار والضمان الاجتماعي .. من حق هذه الوزارة ان تستثمر في سبيل توسيع مواردها ولكن من غير المنطق ان تتجه للاستثمار في مجالات الفندقة والسياحة في بلد يزداد فيه الفقراء فقرًا والاغنياء يتضخمون وينتفخون ثراءً وترفاً وهي الجهة المسؤولة وبالمعنية بالدرجة الاولى بمحاصرة الفقر وتقديم كل معينات الاستقرار في معايش الفقراء والنازحين والمشردين. يبدو أن امر هذا الاستثمار «الفندقي» يضع هذه الوزارة في محك وحرج امام الذين بحت اصواتهم وحفيت اقدامهم وهم يطرقون ابوابها بحثا عن مشروع صغير او فرصة عمل خصوصا ان كثيراً من الولايات غير راضية عن الطريقة التي تتعامل بها وزارة الرعاية الاجتماعية في توزيع هذه المشروعات الانتاجية الصغيرة على المحتاجين، ففي ولاية الجزيرة مثلاً كان واليها الزبير بشير طه قد وجه انتقادات حادة عاتب فيها الوزيرة اميرة في احتفال حاشد عندما تحدث بان ولايته لا تعلم شيئا عن «مشروعات التمويل الاصغر» رغم ان الجزيرة اصبح الفقر فيها يتمدد بمعدلات مخيفة نتيجة للانهيارات المستمرة في البنيات الانتاجية والتحتية والاقتصادية لمشروع الجزيرة. ألا ليس من الاوجب ان تتجه اموال هذا الجهاز الاستثماري الى بناء المساكن والملاذات الآمنة للنازحين الذين فتكت بهم الحرب واحالت امنهم واستقرارهم الى بؤس وشقاء ولكن قدر هؤلاء ان العقل الذي يخطط لتحسين واقعهم المأزوم يفكر بعبقرية لا تتناسب والواقع الذي فرض نفسه فقرًا ونزوحاً ومرضاً لقطاعات كبيرة من السودانيين الذين هم يتبعون لوزارة الرعاية الاجتماعية التي كنا نتوقع ان تعلي هذه الوزارة شان الانتاج والانتاجية وتبسطت كافة امكاناتها وآلياتها ومواردها وافكارها لوقف نزيف الفقر وإغلاق كل النوافذ التي يلج عبرها قادمون جدد يطلبون العون والرعاية، يبحثون عن مشروعات صغيرة او متوسطة الحال وبامكان هذه الاموال الضخمة التي صرفت في تاسيس هذا الفندق السياحي بنيالا ان تعين آلاف الاسر العائدة من الحرب والنزوح اذا وظفت في شكل مشروعات صغيرة تملك الى فقراء ونازحي جنوب دارفور او غيرها من المناطق التي تدهورت اقتصادياتها.