في ظل ظروف وتحدِّيات اقتصادية وسياسية صعبة تحتضن العاصمة السعودية الرياض اليوم فعاليات الدورة الثالثة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية بمشاركة كبيرة من الملوك والزعماء العرب والأمين العام للأمم المتحدة وأمين عام الجامعة العربية وأكثر من 500 منظمة في أكبر تظاهرة اقتصادية عربية. القمة كما قال وزير الخارجية السعودي سمو الأمير سعود الفيصل قمة غير تقليدية في ظل المتغيرات والتحديات التي تواجهها المنطقة العربية بكاملها وأنها تحمل أشواق وتطلعات الشعوب العربية، داعيًا القادة إلى الارتقاء بها وإلى معالجة كل قضاياهم التنموية الاقتصادية والاجتماعية وفق منظور شامل. القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية تمثل تحدِّيًا حقيقيًا للملوك والقادة والزعماء العرب، وهم يناقشون ربط هذه المنظومة العربية بشبكات الإنترنت والطيران والسكك الحديدية ومشروع الربط الكهربائي العربي، ومشروع الاتحاد الجمركي، ومنطقة التجارة الحرة، والمشروعات العربية المشتركة في مجالات البنى التحتية، ودعم مشروعات البنى الإسلامية، والاستثمار في التنمية البشرية، وتعزيز قدرات الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الأهداف التنموية للألفية، والمشروعات العربية لدعم صمود القدس، وقبل ذلك متابعة مسيرة التكامل الاقتصادي العربي الذي اتخذت قراراته في القمتين السابقتين في الكويت عام (2009م وشرم الشيخ 2011م)، واعتماد الاتفاقية الموحدة المعدلة لاستثمارات رؤوس الأموال العربية. الشعوب العربية تنتظر مقررات القمة حتى تسهم من خلال القطاع الخاص في بناء الإستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة، وفي بناء سوق عربية واعدة. قضايا معظم الدول العربية التي في ظاهرها قضايا سياسية إلا أن مسبباتها الحقيقية تنموية تتطلب العمل المشترك لحل قضايا الفقر والبطالة والفساد وغيرها من القضايا التي ظلت تعاني منها الشعوب العربية كافة نعوّل كثيرًا على قمة الرياض؛ لأنها تستكمل حلقات قمتي الكويت وشرم الشيخ في الخروج بقرارات وليس تصورات أو مقترحات لحل القضايا والعوائق والعقبات للمضي قدمًا في البناء وتحقيق الأهداف جميعها. توقيت القمة يأتي تأكيدًا لرغبة القادة العرب في وضع مسار جديد للعمل العربي المشترك وعلى حرصهم على متابعة تنفيذ القرارات التي خرجت بها القمتان السابقتان. لا بد للجامعة العربية أن ترتقي لتحقيق المتابعة الفنية لتنفيذ قرارات قمة الرياض حتى يعود التكامل العربي للمنطقة وتحقيق التكامل لا يتأتّى إلا بنجاح الجهود التنموية، وتعاون الدول من خلال الأواصر المشتركة. نريدها تنمية اقتصادية عربية تحد من مستويات البطالة والفقر والارتقاء بمستوى المعيشة ومن ثم تحقيق الاستقرار في المنطقة العربية. ونثمِّن دور الجامعة العربية في ترجمة الإرادة السياسية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على أرض الواقع وفي صياغة رؤى وآليات عمل لدعم الجهود التنموية للدول العربية. أخيرًا نقول مبادرة العاهل السعودي لتحقيق الأمن الغذائي تستحق تضامن القادة والزعماء العرب حتى تكون هذه القمة انطلاقة أساسية للمضي قدمًا في البناء وتحقيق الأهداف المنشودة.