انتهت محنة أربعة من الرهائن الصينيين اختطفوا السبت الماضي بولاية شمال دارفور، وجرى تسليمهم إلى البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي بدارفور «يوناميد» بعد أن نُقلوا إلى الفاشر بطائرة عسكرية. وسيُنقل الصينيون إلى بلدهم بعد تكملة الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات. وكان مسلحون مجهولو الهوية اختطفوا الصينيين الأربعة التابعين لإحدى الشركات العاملة في تشييد طريق الإنقاذ الغربي قطاع «الفاشر أم كدادة» قرب مدينة الكومة بولاية شمال دارفور مساء السبت الماضي. وقال والي شمال دارفور عثمان يوسف كبر وقتها لدى استقباله المختطفين بمطار الفاشر إن جهوداً مضنية بُذلت من الأجهزة الأمنية والعسكرية والأهلية أدى إلى إطلاق سراح الرهائن بجوار خور أبشي بالقرب من حدود ولايتي شمال وجنوب دارفور. ولم يشمل الإفراج «11» سودانياً تم اختطافهم فى نفس العملية. وكشف الوالي فى تصريحات للصحافيين أن السلطات وضعت يدها على خيوط وملابسات عملية الاختطاف، لافتاً إلى أن هنالك جهة تقف وراء العملية. وذكر أن عملية التحرير جاءت نتيجة للجهود التي بذلتها حكومة الولاية والشركاء من المجتمع الدولي، مضيفاً أن الصينيين لم يأتوا إلى دارفور إلا للمساهمة في دفع مسيرة التنمية والعمران. على الصعيد ذاته أكد وكيل وزارة الخارجية رحمة الله عثمان ل«الإنتباهة»على متابعة الإدارات المختصة فى الوزارة لتطورات الحادثة، وأشار إلى أن تكرار حوادث اختطاف بعثة اليوناميد فى دارفور ظاهرة تحتاج إلى معالجة فورية. رغم تأكيدات الحكومة والبعثة نفسها بتحسن الأوضاع الأمنية في دارفور، وقرار مجلس الأمن الأخير القاضي بمراجعة وضعية البعثة بعد انقضاء أربع سنوات من عمرها، إلا أن حلقات مسلسل حوادث الاختطاف والقتل في أوساط تلك القوات لم تنته بعد، وظلت ردود فعل قيادة البعثة تجاه الاعتداءات المتكررة، لا تتجاوز حد الإدانة والشجب والمطالبة بضرورة إجراء تحقيق كامل وفوري في مواجهة الجناة وتقديمهم للعدالة. حوادث الاعتداء على اليوناميد في دارفور ليس بالأمر الجديد، فقد تعرضت البعثة منذ بداية عملها للهجوم المسلح من قبل مجموعات مجهولة الهوية، كان آخرها اختطاف منسوبيها في بعض الدول، تقاعس يوناميد عن حماية منسوبيها رغم التفويض الممنوح لها، ربما قصدت به يوناميد حسب مراقبين، التمهيد لدخول قوات أممية في دارفور، الأمر الذي رفضته الحكومة رفضاً قاطعاً. ودلَّل المراقبون على تحليلهم بأنه رغم الأحاديث المتكررة عن الخطف لم يكن هنالك أي صدام مباشر بين البعثة والعصابات المتمردة، ومن هنا تبرز أسئلة تستوجب الإجابة عنها، هل اختطاف الشخصيات المنسوبة للبعثة مدنية أم عسكرية؟ وإذا كانت مدنية، فلماذا لا تُوفر لها الحماية العسكرية اللازمة، وإن كانت عسكرية فهي كفيلة بحماية نفسها، إذن، هل يوناميد تعلم الجهة المختطِفة؟ مهما كانت الإجابات، فقد وضح جلياً أن البعثة حذرة جداً ولا ترغب في الصدام المباشر مع الحركات المتمردة. وحسب رأى المراقبين، أن المهمة الأساسية لأفراد البعثات أصبحت جمع المال فحسب، وكان ذلك خصماً على عملية السلام التي جاءوا لحفظها في الدولة المعنية، بل في كثير من الأحيان تتقوقع تلك القوات على نفسها بحيث تصبح فريسة سهلة للمتفلتين والحركات المسلحة المتفلتة وتكون مصادر سهلة لها للحصول على السلاح والإمداد. أستاذ العلوم السياسية فتحي الرحمن السيد له رأي مختلف، وقال في حديثه ل«الإنتباهة» إن العصابات والحركات المتمردة أخذت أهدافها في تحقيق الانتصار تتلاشى يوماً بعد يوم، من جانبها أصبحت حركات التمرد تعمد إلى تعرية اليوناميد لإقناع المجتمع الدولي بقوة الحركات نفسها، مما يتيح الفرصة والمجال لدخول قوات أممية خاصة، ولأن الحركات المتمردة تميل لدخول القوات الأممية في دارفور لأنها سند لها في محاولاتها لإدانة الحكومة وتسليط السيف على رقبتها، ويرى فتحي الرحمن انه لا مناص من وجود يوناميد كتجربة إفريقية رائدة لحلحلة القضايا الإفريقية داخل البيت الإفريقي في ظل اعتقاد الغرب أن القوات الإفريقية تحت وصايته إلى جانب النظرة في أن أي متمرد إفريقي هو إرهابي عدا متمردي السودان، الذين ينظر إليهم على أساس أنهم أصحاب قضية، ومقاتلون من أجل الحرية في حين أنها في السودان تدعم متمردين لزعزعة الدولة، واليوناميد تسعى لنجاح البعثة لأسباب كثيرة جداً، وبالرغم من كل ما ورد نستنتج الآتى: أن بعثة اليوناميد لا تريد أن تزج بنفسها في صدام مباشر مع العصابات التي تقوم بعملية العنف بدارفور.