{ وقبل أن نذهب في عطلة طويلة.. نحزن ونحن.. من خطابك نرى مصيرك. { فأنت قرّاية .. وكتّابة.. وربرابة.. تخمشين الأشياء.. وهذه كلها تقود إلى الثقافة.. أو على الأقل.. المعرفة.. والمعرفة /مثلما حدثناك/ من يسلم من أنيابها تجعله حماراً أخرس.. ومن لا يسلم من الأنياب تجعله.. إن كان سودانياً.. شخصاً تتخبطه الأحداث من المس!! { ثم أنت تطلبين أن نحدثك بكل شيء وكأننا نجلس على البرش في ظل العصر. { والطلب هذا وصفاتك هذه وما نعرفه عن الأشياء.. أشياء تجعلنا في البداية نتجاهل خطابك ونمشي { .. لكن شيئاً آخر يجعلنا قبل الذهاب نجيبك وبأسلوب من يكتب في وصيته يطلب «تسليم الهموم والمواجع والمصائب إلى فلان» «2» { .. والحقائق نقدمها ركاماً.. دون رصف.. ولسبب بسيط وهو أنها ركام لا يُرصف. { وهكذا ننتهي إلى أسلوب مريح لنا تماماً أسلوب نقل صفحات من مذكرتنا كما هي { وتحت كل حديث توقيع «3» { ويوماً ونحن نتجه إلى المحكمة يتهمنا أحد هنا أو جهة هناك بالعدوان نكتب جملة تقول { «الجريمة الآن ليست هي أن أصنع أنا خراباً.. الجريمة هي أن تشير أنت إلى أنني صنعت خراباً». { والقانون بالمناسبة يؤيد المنطق هذا وكل شيء في السودان بالذات وفي العالم من حولنا يمضي بالأسلوب هذا { وصفحة في مفكرتنا تقول { «العطالة.. رهيبة.. والإنقاذ تجد السودان يطير في فضاء الهاوية.. بسبب العطالة .. ضمن أشياء أخرى.. والإنقاذ تمسك السودان من يده.. لكنه يظل يتدلى في فراغ الهاوية.. لأسباب وأسباب. { وما يحدث حتماً بعد الزمان الطويل من التدلي هذا هو أن ذراع الإنقاذ تتعب.. وذراع المواطن تتعب. { والإغراء بالراحة ولو لدقيقة يعقبها الاصطدام بالقاع يصبح خياراً قوياً. { والهندي عام 1967 كان أشهر ما يفعله «وينقذ» به البلاد هو بند صغير في الميزانية سماه «بند العطالة» يستوعب به الشباب. { والهندي قال للدولة : مرتبات أدفعها لعاطلين في المكاتب أتفادى دفع أضعافها في محاربة الجريمة. { و... { هاتف { أستاذ إسحق : عندنا أربعة ملايين سوداني في الخليج والسعودية كلهم ينفقون على أسرهم. { والدولة حين تتولى تنظيم دولاراتهم هذه فإنها تحصل على ثمانية ملايين دولار كل شهر. { والبلاد تسلم و... { لكن فلسفة هدم السودان بأسلوب «خلط الأسئلة» تستمر. «3» { وبراعة خلط الأسئلة وليس خلط الأجوبة براعة ممتعة مثلما أن عصر الدمامل الصديدية ممتع. { وما يقتل السودان هو جهات سودانية كل منها يقضم البلاد بأسنانه بحجة أنه يطلب حقوقه. { والغريب أنه صادق وأنه صاحب حقوق يا أستاذة سهى.. لكن { أشهر مسرحية في الأرض هي مسرحية «تاجر البندقية» والعقدة فيها هي إعادة تعريف الحقوق ما هي والحصول عليها كيف. { وفي مسرحية تاجر البندقية المرابي اليهودي يُقرض أحدهم أموالاً ويجعله يكتب وثيقة.. وفي الوثيقة أن اليهودي يحصل على رطل من لحم المستدين إن فشل هذا في تسديد القرض. { والمستدين يفشل والمحكمة حسب القانون تحكم لليهودي بقطع رطل من اللحم. { الحقوق.. حقوق { لكن المحامي يبين لليهودي أن «من حقه قطع رطل من اللحم لكنه إن سكب قطرة دم واحدة أو هدد حياة المستدين فقد أصبح معتدياً». { اليهودي صاحب الحق كان يغطي هدفه الحقيقي وهو قتل الرجل بغطاء الحق هذا. { والقبائل والأحزاب والجهات التي تتناهش لحم السودان أكثرها يغطي الهدف ذاته تحت غطاء كلمة «الحقوق» ذاتها. { ما الذي يجري في الساحة منذ سنوات؟.. «مفاوضات.. مفاوضات» { والمفاوضات ما يجعلها تمتد هو الخلط المقصود هناك بين «الحقوق» في ذاتها وبين أسلوب الحصول عليها. { ما الذي يجري في الإعلام الآن؟ تحقيق مع فلان ومع فلان مع فلان. { والجري كله ما يقوده هو الشعور بوجود «شيء غلط» في التعامل مع الحقوق هذه دون أن تقع عين على الغلط هذا.. اين يكمن { وكل مخطط في الدنيا يفشل عندما يكشف.. لكن المخطط هذا بالذات لا يوقفه كشفه. { فالمخطط هذا مخطط هدم السودان بالأسلوب هذا أسلوب الخلط ما يجعله يمضي هو أنه مخطط لا يوقفه إلا معرفة «كل» الناس به. { وهذا مستحيل { والمخطط من يقودونه يعرفون.. لكن التصور الذي يقول إن معرفة القادة هؤلاء للمخطط شيء يجعل المخطط يتوقف هو تصور يعتقد أن ما يقود القادة هؤلاء هو العلم أو الجهل!! { والحقيقة غير ذلك { والثالثة مما يقود الجدال في السودان هي قانون العالم الذي نشير إليه أعلاه. «الجريمة ليست هي أن أصنع أنا خراباً.. الجريمة هي أن تشير أنت إلى أنني أصنع خرابًا». «5» { ونكتب الأسبوع الأسبق عن أن ألمانيا واستخباراتها هي العدو الأول للسودان.. العدو الذي يعمل منذ عام 1970م { ونكتب عن أن معهد ماكس بلانك هو ما يكتب ويصنع نيفاشا وأبوجا و... { ونفاجأ أمس بأن المعهد هذا يهبط الخرطوم الآن ليقدم «دروساً» للمحامين السودانيين. { وبعض من السادة الكبار يسرعون إليه الآن مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. { الناس إذن يا ابنتنا العزيزة في ذاتهم وتحت ثيابهم.. والأحداث إذن ومعاني الأحداث إذن والصراع إذن .. ومن يدير الصراع إذن وغطاء كل شيء إذن.. وو.. و كل هذا الركام يصبح شيئاً يجعلنا نسألك بصراحة { هل تريدين حقاً أن تعرفي حقيقة ما يحدث الآن؟! { ولو أن المصائب تترك الناس لكنا ننصحك بألا تعرفي أبداً.. لكن الأحداث الآن شيء مثل الكوليرا يحملها حتى الهواء { ونشرح مضطرين فذراعنا مهما تعبت لا تستطيع أن تترك البلد المعلقة في الهاوية تسقط { لكن.. اللهم .. تعبت تعبت.