وُقِّع مؤخرًا بين دولة جنوب السودان وشركات إسرائيلية اتفاق للاستثمار في مجال النفط، وتناولت الصحف ووكالات الإعلام المختلفة الخبر بتفاصيله التي تضمنت تصريحات أدلى بها وزير البترول والتعدين بجنوب السودان إستيفن ديو داو بمطار جوبا عقب عودته من تل أبيب مؤخراً قال فيها إن بلاده اتفقت مع شركات إسرائيلية تعمل في مجال النفط والتعدين أبدت استعدادها للاستثمار في هذا المجال، دون تحديد طبيعة العرض الإسرائيلي ومقترحاته بشأن الاستثمار. وأوضح ديو داو أنه التقى خلال زيارته بالعديد من المسؤولين الإسرائيليين الذين أبدوا رغبتهم في الاستثمار في صناعة النفط والتعدين، وأشار إلى أن المفاوضات مازالت جارية مع الجانب الإسرائيلي بغية التوصل لاتفاق، وأكد أن وزارته ستتعاون مع وزارة البنى القومية في إسرائيل بحكم اتفاق خاص للاستثمار مع جنوب السودان في هذا المجال. من جانب آخر قال ديو إن جنوب السودان لن يكون جاهزًا للبدء في ضخ النفط عبر الموانئ السودانية إلا في مارس القادم. وكشف مراقبون عن ضغوط عنيفة تواجه رئيس دولة الجنوب الفريق أول سلفا كير ميارديت من قبل من وصفهم بالحاقدين على السودان داخل حكومته بسبب حصول الأخير على «25» دولاراً قيمة إيجار أنبوب النفط ورسوم عبور البرميل عبر الشمال، مبيناً أن ذلك المكسب شكل صدمة مفاجئة للشعب الجنوبي الذي قال إن سلفا كير وعده بإرغام الخرطوم على القبول بأقل من دولار للسماح بتصدير بترول الجنوب عبر موانئها، مشيراً إلى أن خطاب سلفا كير الذي أدلى به بمناسبة احتفالات بلاده بالذكرى 57 لاندلاع أول حرب أهلية من قبل الجنوبيين ضد الخرطوم ليس له أي قيمة في طاولة المفاوضات بين الدولتين، كما أبان أن سلفا أراد بخطابه استدعاء ظاهرة الغضب والكراهية في نفوس الجنوبيين ضد الشمال. وقطع حزب المؤتمر الوطني بأن الحكومة لن تلقي بالاً لأي تصريحات من قبل الجنوب حول المواقف التفاوضية إلا في حالة تسلمها مكتوباً رسمياً من قبل الوساطة الإفريقية مبيناً أن الجنوب يسعى لاستباق استئناف المفاوضات بضغوط جديدة على الحكومة عبر التصريحات عن تصدير نفطه عبر إثيوبيا وكينيا وتارة أخرى عن طريق إسرائيل وضرب الشمال فى مقتل بتوقيع وزير البترول ستيفن ديو داو اتفاقية تفاهم مع دولة إسرائيل عقب الزيارة التي قام بها إلى تل أبيب الأيام المنصرمة ووصفها بالناجحة حيث تم التعاقد مع عدة شركات إسرائيلية لبيع النفط الجنوبي. هذه المحاولة لا تعدو كونها كرت ضغط ظلت حكومة الجنوب تمارسه على السودان من فينة لأخرى للتنازل عن القضايا الخلافية العالقة على طاولة المفاوضات بأديس. الخطوة التي قامت بها دولة الجنوب حسبما يراها مراقبون أن اتفاق جوبا وتل أبيب قد خرق ونسف كل الاتفاقيات التي تعقد في أديس أبابا إذا ما قام الجنوب بالفعل ببيع نفطه إلى إسرائيل في هذا التوقيت تحديدًا ومحاولة قطع حبل الود أو القليل من بصيص الأمل الذي يشي بتقارب وجهات النظر خلال الجولة القادمة والتوصل إلى أنصاف الحلول بين الدولتين.. ويشير الخبير الاقتصادي أحمد شيخ المك في حديثه ل «الإنتباهة» إلى التكلفة الباهظة التي سوف تواجه دولة الجنوب في حال ترحيل نفطها إلى إسرائيل عبر الشاحنات إلا في حالة تمويل إسرائيل عملية الرحيل وهذا قطعًا غير وارد إضافة إلى توفر الأمن لضمان وسلامة وصول البترول دون التعرض له مضيفًا أنه وكما نعلم فإن عدم الاستقرار الذي يلازم الجنوب وحركات المعارضة ربما ليس في مصلحتها أن ينعم الجنوب بالراحة والأمان، وقطع د. عمر رحمة مسؤول قطاع الطاقة والتعدين بالبرلمان في حديثه ل«الإنتباهة» أن حكومة السودان لن تسمح بأن يتم عبور نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية إلى إسرائيل تحديدًا بالرغم من أن الاتفاقية لم تنص على من يتم بيع النفط، مبينًا أن إعلان جوبا لتلك التصريحات اختيار غير موفق ومحاولة لدفع مفاوضي الجنوب إلى التعنت وإفراغ كرت النفط من مفعوله إضافة إلى أن الحكومة السودانية ظلت تربط بين تصدير النفط وتنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية وفك الارتباط مع قطاع الشمال بالحركة الشعبية منوهًَا أن اتفاق جوبا تل أبيب لن يؤثر على الاقتصاد في السودان لأن الميزانية قد تم ترتيبها على عدم الاعتماد على نفط الجنوب مطلقاً إضافة إلى تقديم شكوى للوساطة الإفريقية ومجلس الأمن الدولي ضد الجنوب لخرقه الاتفاق واتخاذ القرار منفرد وعدم مراعاة للوسيط الإفريقى، ونوه عمر رحمة بأن القضية الأساسية ليست النفط أو المسائل الاقتصادية وإنما الخطورة تكمن في بقية الملفات الأخرى الشائكة. وفى هذا السياق أشار الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير عبيد أحمد مروح أنه حتى الآن لم يصلهم تأكيد أو خطاب رسمي من دولة الجنوب عن الاتفاق الذي تم بين جوبا وتل أبيب حول بيع نفط الجنوب إلى إسرائيل معلنًا أنه لو ثبت ذلك فعليًا فهناك تصرف آخر نعلن عنه في حينه.