انتهت مزاعم المحاولة الانقلابية في العاصمة الإريترية أسمرا حيث استسلم الجنود الإريتريون وعاد بث التلفزيون القومي مرة أخرى عقب انقطاعه يوم الإثنين الماضي وعادت الاعتقالات التي طالت رموز سياسيه منها القيادي عبدالله جابر ، وحصيله عملية التلفزيون كان إطلاق سراح ابنة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي التي تعمل بالتلفزيون بعد أن أخذت رهينة مقابل إطلاق سراح المعتقلين في السجون الإريترية، رغم مرور يومين على تلك المحاولة لم يظهر الرئيس الإريتري أسياس حتى الآن في أي حدث في البلاد مما يعطي مؤشرات حول حالة اختفائه منذ آخر لقاء له مع الصحفيين في أسمرا في اجتماع في قصره يوم الجمعة الماضي الموافق 18 من الشهر الجاري، وفي ذات الأثناء واصلت الفضائيات العربية والعالمية تغطيتها حول الأوضاع في إريتريا حيث استضافت قناة الجزيرة السفير السابق حمد كلو فيما شنت وسائل الإعلام التابعة للمخابرات الإريترية مثل موقع القرن الإفريقي الذي يديره عبد القادر حمدان هجوماً على قناة الجزيرة ووصفها «بالكذب والدجل الإعلامي وتحريف الحقائق والوقائع وترويج الحكايات المفبركة من قبل أجهزة المخابرات الإثيوا الأمريكية» وذلك على خلفية تغطيتها للمحاولة الانقلابية التي حدثت في أسمرا فيما أشار المراقبون إلى أن هذا الهجوم غير المسبوق على قناة الجزيرة له ما بعد. لكن الحقيقة الواضحة أن الرئيس أسياس اختفى منذ الأسبوع الماضي لأسباب منها أنه يعتقد أن المعارضة الإسلامية يمكن أن تنفذ ثورة شعبية ضد النظام خاصة وأنها بحسب الخبير الإريتري الإستراتيجي سعيد صالح رغم أن الصورة لم تكتمل بعد إلا أن البيان المقتضب الذي بثه التلفزيون الإريتري الذي طالب بضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين يشير إلى أن ما يجرى عملية تصحيح مسار وهو ما يطلبه الشارع الإريتري بكل أطيافه، ويشير صالح إلى أن هذه المرحلة لم تكن وليدة اللحظة فكثير من التقارير ذكرت الأوضاع المتردية لقوات الدفاع الإريترية وحالة الفوضى الشاملة التي تعيشها بسبب تنافر رؤى قياداتها وعدم الالتزام بروح المؤسسية العسكرية. على ذات السياق في شهر ديسمبر الماضي اختفى وزير الإعلام والمتحدث الرسمي باسم حكومة إريتريا علي عبده خلال سفره إلى أوروبا، وذكر راديو فرنسا الدولي آنذاك أن حكومة أريتريا تبذل كل جهودها من أجل التكتم على هذا الملف، مشيرًا إلى أن عبده توجه إلى أوروبا في مهمة منذ أواخر شهر نوفمبر الماضي، وأضاف الراديو أن أمن الدولة داهمت منزل الوزير في أسمرا واستولت على الكثير من مقتنياته الشخصية وكذلك سيارته الحكومية ولايزال مفقودًا. بدوره يقول الصحافي الفرنسي ليونار فنسنت متخصص في إريتريا ومؤلف كتاب «الإريتريين» إن هذا الانشقاق يظهر الواقع حيث أصبحت إريتريا ببساطة لا تطاق. يذكر أيضا أن أحد العاملين بإذاعة الرئيس أسياس أفورقي الذي كان يعتبر الرجل المقرب جدا من رئيس الدولة، قد اختفى أيضاً. لذا فإن التحرك الأخير للحركة الإسلامية في إريتريا عقب عقد مؤتمرها العام الخامس حيث اختارت صالح محمد عثمان أميناً عاماً لجناحها السياسي «الحزب الإسلامي»، ستكون تلك الأحداث بمثابة زلزال للرئيس أفورقي خاصة أنه تلقى ضربتين الأولى بعملية حصار التلفزيون بواسطة الجيش والثانية بمؤتمر الإخوان المسلمين والثالثة بفقدانه للحائط الأول المقرب له من السياسيين، حيث لم يتبقَ له غير العسكريين الذين بالتأكيد عقب عملية حصار التلفزيون لن يساندوه حال انطلاق ثورة ربيع إسلامية شعبية بقيادة الإخوان في المدن الإريترية، ويختم الخبيرالإريتري سعيد صالح حديثه بأنه ينبغي على القوى الإقليمية التي يهمها استقرار المنطقة أن تلعب دور تقريب بين الإصلاحيين والمعارضة الذي قطعاً سيصبُّ في مصلحة التحول السلس والتخلُّص من دكتاتورية الرجل الوحد وهو ما تحتاجه إريتريا في هذا الوقت.