غصت القاعة الدولية بقاعة الصداقة ظهر أمس بحضور كثيف لمتابعة المحاضرة القيمة التي ألقاها الرئيس الإيراني محمود نجاد في زيارته الثانية للسودان التي نظمها الاتحادان الوطني للشباب السودانى والطلاب السودانيين وتناولت «مستقبل العالم الإسلامي في ظل التحديات العالمية»، وقد قوبل نجاد بترحيب كبير وحفاوة بالغة من الحضور، وتهليل وتكبير وابتدر نجاد حديثه بأن أفضل القول هو الحديث عن المشترك بين البلدين، في ظل الظرف التاريخي المصيري الذي تمر به البشرية جميعًا، وذلك بعد أن مرَّت عليها حقب سوداء، فرضتها عليها قوى الاستعمار الفاسدة عبر عهود مخجلة وضرب المثل بقارة افريقيا وأمريكا اللاتينية واجزاء من قارة آسيا وعمد اولئك المستعمرون الى استغلال ثروات العالم الإسلامي لأكثر من «300» عام لتحقيق الرفاهية والتقدم لبلدانهم الا أن ثورات التحرر ما لبثت أن واجهت قوى الاستعمار فاضطرت الأخيرة لمنح تلك الدول استقلالها ولكنها رغم مغادرتها الصريحة عادت لتطل مرة اخرى عبر نوافذ جديدة بإزاحة الناس عن الساحات السياسية في بلدانهم كي لا يتمكنوا من إدارة شؤون حكمهم وذلك لإفساح المجال للشركات الأمريكية والأوروبية لاستغلال ثروات الشعوب التي تعاني من تفشي الأمية وانتشار الأمراض، وتساءل نجاد: إن كان ذلك يعود الى ان افريقيا صغيرة او فقيرة او ضعيفة ليجيب بالنفي، وقال: تمادت دول الاستكبار كما انهم عملوا على انشاء المؤسسات الدولية التي من خلالها تسعى للسيطرة على الدول التي تطالب بالحرية والعدالة في الوقت الذي لا تجرؤ فيه على المساس بدول الاستكبار، ولم يغفل نجاد المعروف بصراحته حيال اسرائيل عن الافاضة عن الوجود الإسرائيلي الذي وصفه بالجرثومة المضرة التي قامت دول الاستكبار بغرسها في المنطقة مستغلين غفلة الجميع لاسيما الادارات الضعيفة في بلدان المنطقة ليفرضوا بالقوة مجموعة من المجرمين وعديمي الاخلاق على التراب الفلسطيني، وسخروا لهم مجلس الامن وبقية منظومة المؤسسات الدولية لعونهم في تحقيق مآربهم، وقال: هذا الكيان الفاسد ويعني اسرائيل يحظى بدعم مطلق من القوى الفاسدة والاستعماريين المستعبدين الذين يتواطأون ضد الدول التي تسعى لتحرير شعوبها من هيمنتهم بينما يتجاوز الكيان الإسرائيلي العشرات من القرارات التي تصدرها تلك المؤسسات التي يطلقون عليها مسمى الشرعية الدولية، وفي عودة ثانية لتفسير نهب ثروات العالم على نحو منظم لنشر الفقر والتضخم في البلدان اشار لاتفاقية «بورتن بوس 1929» التي جرى توقيعها في الولاياتالمتحدة من اجل تنظيم عملية التداول الاقتصادي في العالم كما زعموا عبر الإقرار بأن العالم يحتاج لعملة دولية واحدة وفي تفاصيلها ان تخزن امريكا الذهب في مقابل الدولار الذي تطبعه، ففي مقابل كل «35» دولارًا تحتفظ امريكا ب«اونصة واحدة من الذهب» على ان تسلم الخزانة الامريكية اونصة الذهب هذه لمن يدفع لها ال 35 دولارًا، ولكن الأمريكيين والحديث لنجاد وخلال الاعوام 1970 1973 اخلّوا بتلك الاتفاقية من طرف واحد ومن ذلك التاريخ حتى اليوم طبعت امريكا اكثر من «32» مليار دولار لينهبوا ثروات الشعوب مقابل الدولار الذي تدفعه لهم وفي ما بعد عملوا على تقليل قيمة الدولار للنصف او الربع لتحقيق هدفين: استرداد كلفة العملات التي طبعوها بالاضافة للحصول على ثروات الشعوب كما لم تتوانَ دول الاستكبار عن ان تبيع السلاح للدول التي نهبوا ثرواتها لكي ينشروا النزاعات والحروب بين دولها، واسترسل نجاد محدثًا عن احداث «11» سبتمبر 2011 مشككًا في امرها مشبهًا إياها بمذبحة الهولوكوست التي تدّعيها اسرائيل مشيرًا الى ان الحرب العالمية الثانية بين الدول الاوربية افرزت «70» ألف قتيل متسائلاً عن علاقة فلسطين بذلك ليتم زرع الكيان الإسرائيلي على أراضيها لأسباب تتعلق بتلك المزاعم وعلى ذات النسق ابتدعوا اسلوبًا جديدًا تمثل في أحداث 11 سبتمبر التي لا يعرف عنها احد من أين جاءت الطائرات؟ ومن قام بهذا الفعل؟ وكيف استطاع ان يجتاز الحواجز الأميركية؟ ولكن الأمر الذي لا شك فيه هو ان امريكا تجعل من تلك الأحداث ذريعة لتبرير الهجوم على الشرق الاوسط بهجمات قتل فيها اكثر من مليون انسان وشردت الملايين فهذا هو اسلوب القوى الاستكبارية التي تتشدق بقيم الديمقراطية في الوقت الذي تدعم فيه أي دكتاتور هنا اوهناك. وعطفا على الثورات الناهضة عربيًا ابدى نجاد تفاؤله بزوال حقبة استغلال الشعوب مشيرًا للأزمة الاقتصادية التي تواجه تلك الدول والتي وصلت الى طريق مسدود وعبّر عن ثقته في قوة المسلمين متى ما التزموا بالوحدة والدعوة لسيادة العدل واشار الى ان تلك القوى تسعى لانقاذ اسرائيل ودمغ محاولتهم بالفشل وطالب الشعوب بالاتحاد والوعي فامريكا ومتحديها على هاوية السقوط وان اسرائيل كيان لا محالة زائل وما من قوة ستتمكن من انقاذ هذا الكيان، واردف: بفضل الله ومن ثم وحدة الشعوب فإن راية الاسلام هي التي سترتفع في ارجاء العالم واثنى على السودان وقال انه يتعرض للحصار حتى لا يصبح دولة قوية واضافة لإيران ليصف الإثنتين بانهما الدول التي تقف ضد الاستكبار، ودعا تلك الدول إلى التخلي عن سياسة الضغوط التي تمارسها، وقال لهم اطلبوا ود هذه الشعوب فهذا هو صالحكم وتعالوا معًا تحت راية التوحيد والعدل، واضاف بلهجة مشددة ان عليكم ان تجمعوا الكيان الإسرائيلي هذا وتأخذوه معكم، واذا لم تفعلوا فاعلموا ان يد الشعوب سوف تزيل الكيان الصهيوني والقوة الامريكية، ووصف الصهاينة بالاقلية الفاسدة، وانها كيان غريب وزائل وغير مرغوب فيه، وزاد ان المسلمين سيأخذون الصهاينة من آذانهم ويلقون بهم في جهنم، واعلن باسم الشعب الايراني بأنهم سيقفون الى جانب الشعوب وانهم على استعداد للتعاون في مجال التقنيات والعلوم دون شرط كما تفعل قوى الاستكبار التي قدمت لمصر مقابل منحها مليار دولار، واكد على وقوف الشعب الإيراني مع الشعب السوداني كما لم ينفِ وجود اشكالات هنا وهناك في البلدين ولكنه استدرك ليقول انها ليست مبررًا لتدخل قوى الاستكبار.