تباينت آراء الوزراء والمسؤولين والخبراء الاقتصاديين، حول انعكاسات هجرة الكوادر البشرية المؤهلة على الوطن، حيث يرى المسؤولون أن الهجرة إيجابية على الوطن رغم تأثيراتها السالبة على مؤسساتهم، وعلى الدولة تحفيزهم وعدم التخوف من أزدياد أعدادهم. فيما يرى الخبراء وأهل الاختصاص أن الهجرة سلبية حيث فقدت المؤسسات التعليمية خلال العامين الماضيين فقط، العديد من أساتذة الجامعات ومساعدي التدريس بالجامعات المختلفة الذين هاجروا ليس من أجل تحسين المستوى المعيشى فحسب، بل من أجل الاستفادة أكاديمياً. ٭ فى الوقت الذى يستعد فيه جهاز العاملين بالخارج للتحضير للمؤتمر العام للهجرات والكفاءات والخبرات توطئة لإعداد إستراتيجية قومية لهجرة الكفاءات والخبرات، يعترف الأمين العام لجهاز المغتربين الدكتور كرار التهامي أنهم فى الجهاز يفتقدون لحقائق وإحصائيات عن الهجرة، وهذا مؤشر خطير لأن مثل هذه الإحصائيات من صميم عمل الجهاز، بل من أهم اختصاصاته فكيف يعقل أن نعد إستراتيجية قومية لهجرة الكفاءات دون الحصول على وثائق وتقارير عن حجم هذه الهجرة، حتى يتم تحليلها من قبل الخبراء والباحثين حتى تكون منهجاً للرحلة القادمة. ٭ فى الوقت الذى قلل فيه الأمين العام من هجرة العقول باعتبارها إيجابية، حذرت وزيرة تنمية الموارد البشرية والعمل إشراقة سيد محمود من هجرة الحرفيين وأصحاب العمل التى تزايدت بصورة كبيرة خلال العام الماضي، خشية أن يفقد الوطن هذه الشريحة المهمة التى تمثل العمود الفقري للوزارة، حيث كشفت التقارير أن أعداد المهاجرين لأغراض العمل لعام 2012 بلغ حوالي «94230» مهاجراً، وأن المهاجرين إلى المملكة العربية السعودية حوالي «86553» مهاجراً، وأن أعداد المهاجرين مقارنة بعام 2008 يمثلون ثمانية أضعاف عام 2012، فى إشارة إلى أن هجرة الكوادر الفنية والحرفية تمثل العليا بين القطاعات الأخرى خلال خمس أعوام الماضية، حيث وصلت أعداد الحرفيين «62818»، وعمال الزراعة والرعي «60838»، ورغم تلك الإحصائيات المخيفة لكنها بشرت أن الأعوام القادمة ستشهد هجرة عكسية من السودانيين بالمملكة العربية السعودية إلى الوطن مرة أخرى، ومثل هذه البشرى تحتاج حقيقة إلى محفزات مثل محفزات الملتقى الاستثماري المرتقب، حتى نضمن عودة هؤلاء، والهجرة العكسية هذه سبق وأن طرحت قبل أعوام من قبل الجهاز نفسه، لكنه فشل فى وضع محفزات للمغتربين تحفزهم على العودة مرة أخرى، لأن الجهاز له دائرة محدودة فقط يدور فى فلكها، ويحتاج حقيقة إلى دائرة أوسع مثل المجلس الأعلى للاستثمار لإصدار القرارات التى تشجع المغتربين على العودة للاستثمار والعمل داخل وطنهم باعتبارهم الشريحة الأكبر فى بلاد المهجر. ٭ مطلوب من القائمين على أمر المؤتمر المرتقب إعداد أوراق علمية وبحثية على ضوء مخرجات ندوة هجرة الكفاءات العلمية والخبرات الوطنية التى عقدت أخيراً بمشاركة عدد من أصحاب الرأي من مختلف الجهات المعنية طالما أن الأمر فى النهاية سيؤدي إلى إعداد إستراتيجية قومية. ٭ حديث مدير الإدارة العامة للمنظمات والجاليات بالجهاز الدكتور حسن بابكر فى ندوة التجربة اللبنانية للهجرة أمس الأول عن سعي الجهاز لإنشاء حكومة الخبرات والحوسبة للإعداد لهجرة منظمة وتدريب المهاجرين حيث يحتاج إلى مؤتمر جامع لمناقشة مشكلاتهم وحمايتهم والتعريف بأهميتهم من خلال تحويلاتهم التى تؤثر سلباً أو إيجاباً على اقتصاد الوطن، سلبياً بسبب التحويلات غير الرسمية التى تؤدى إلى ارتفاع سعر الصرف وإيجابياً باتباع سياسات مصرفية معينة تساعد فى استقرار سعر الصرف. ٭ الهجرة العكسية تتطلب الكثير من المحفزات وعلى الحكومة أن تعترف بأهمية شريحة المغتربين باعتبارها رافداً مهماً لتطوير الاستثمار بالبلاد، وأنهم لا يقلون أهمية عن المستثمرين الأجانب الذين رحبت الدولة بمقدمهم وقدمت لهم التسهيلات اللازمة والضمانات والمحفزات. نأمل أن نرى ونسمع من الحكومة توجيه الجهات المختصة من وزارات ووحدات وأجهزة وضع هذا الأمر موضع الاهتمام لأهميته فى المرحلة القادمة، لأننا نريد أن تكون الهجرة فقط بدوافع علمية بحثية لا تتوفر بالداخل، وليس لتحسين المستوى المعيشي فى ظل مبادرة الرئيس أن السودان سيكون قبلة لرأس المال العربي وللمستثمرين العرب والأجانب بفضل ثرواته الزراعية والحيوانية والمعدنية، فضلاً عن الكادر البشري المؤهل.