قبل عدة أعوام اشتركت في مكتبة المجلس الثقافي البريطاني بالخرطوم. واستلفت عدداً من الكتب وأشرطة الڤيديو. أحد تلك الأشرطة كان عن موضوع يتعلق بالبحر. الشريط من انتاج BBC. لفت نظري خلال مشاهدة الشريط إشارة إلى منظر في الشريط تمّ تصويره في قاع المحيط، يوضح أن الماء في قاع المحيط يغلي، حيث يتصاعد بخار الماء بفعل الحرارة، ريثما يتكثَّف لاحقاً على سطح البحر البارد ويعود إلى البحر مرة أخري، دون أن تؤدِّي المواد المنصهرة إلى تبخُّر البحر. أوضح شريط الڤيديو أن الماء في عمق المحيط يغلى في درجات حرارة مئوية عالية. عندما كنت أشاهد ذلك المنظر عن غليان الماء في قاع المحيط، خطر على الذهن الآية الكريمة رقم (6) في سورة الطور (والبحر المسجور). حيث يقسم الله تعالي ب(البحر المسجور). أي البحر المشتعل أو البحر المتقد ناراً. سَجَر تعني مشتعل بالنار. ومنها (سيجارة)، وهي الورقة الملفوفة المحشوة بالتبغ ويتم إشعالها وتدخينها. ثم تتبعتُ موضوع اشتعال النار في قاع المحيط في إفادات قدمها خبير الجيولوجيا الراحل الدكتور زغلول النجار الذي أوضح أن كلّ المحيطات وبعض البحار مثل البحر الأحمر وبحر العرب متوقدة بالفعل. قال زغلول النجار لقد أثبتت الإكتشافات العلمية وجود نار ملتهبة في أعماق البحار والمحيطات في العالم. حيث يوجد في قاعها شقوق تتدفق من خلالها حِمم منصهرة. حيث تمتد شبكة الصُّدوع والشقوق لآلاف الكيلومترات ويتدفق من خلالها ملايين الأطنان من السوائل المنصهرة التى توجد تحت الغلاف الصخري للأرض. تبلغ درجة حرارة المواد المنصهرة أكثر من ألف درجة مئوية. هذه الصدوع تتدفق باستمرار على مدار الساعة، مما يؤدي إلى تراكم المواد المنصهرة وتبريدها في ماء البحر فتتشكل الجزر البركانية. وقد تمّ اكتشاف سلاسل من الجبال البركانية في عرض البحر تمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات، والتي تشكلت نتيجة الحمم المنصهرة المتدفقة من قاع البحر. لكن الشئ الذي لم يكن متوقعاً أن تلك الحمم والتي تنطلق من الطبقة الثالثة للأرض (تسمَّي نطاق الضعف الأرضي) تحتوي في تركيبتها على الماء. ذلك يعني أن الطبقة الأرضية التي تحت البحر وتحت هذه النار تحتوى ماءً. بذلك يمكن القول بأن الحقيقة العلميّة الثابتة واليقينية هي وجود نار تحت أي بحر في العالم. وتحت هذه النار هناك ماء يُقدَّر بأضعاف ما يوجد في البحار. ولفت خبير الجيولوجيا الراحل الدكتور زغلول النجار النظر إلى الحديث الشريف الذي رواه أبو داؤود والذي يفيد بأن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً. حيث لم يتم اكتشاف هذه الحقيقة العلمية إلا في القرن العشرين. فقد ظلّ الفهم السائد أن البحر والنار متضادان لا يجتمعان. وإشارة الحديث الشريف إلى أن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً، دليل على اجتماع الماء والنار دون أن يطفئ أحدهما الآخر. علماً بأن النبي (ص) لم يركب البحر مرة واحدة ولم ينزل إلى أعماق المحيطات. فكيف حدَّث عليه السلام عن تلك الحقائق، إن لم يكن ذلك دليل جديد على نبوَّته الصادقة. قال تعالي في قَسَمٍ بآياته البيِّنات(والطور. وكتاب مسطور. في رقٍّ منشور. والبيت المعمور. والسقف المرفوع. والبحر المسجور. إن عذاب ربك لواقع. ماله من دافع. يوم تمور السماء موراً. وتسير الجبال سيراً. فويل يومئذٍ للمكذبين. الذين هم في خوضٍ يلعبون).