القصة الأولى: صلّى الله عليه وسلم قال تعالي:(إن الله وملائكته يُصلُّون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما). سورة الأحزاب، آية 56. الصلاة من الله رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن العِباد دعاء. الصلاة هى أرقّ الرحمة وأتمّ العطف وأكمل الحنوّ. (صلّى عليه) تعني عطف عليه وحنا عليه. (صلّى عليه) أي انحنى عليه رحمةً، ثمّ سمّوا الرحمة حنَّواً وصلاة، إذا أرادوا المبالغة فيها، فقولك (صلى الله على محمّد) أرقّ وأبلغ من (رحم الله محمد). أن تقول(اللهم صلِّ على محمد) تعنى(يا إلهى يامَن أحبُّك بشوقٍ غير متناهٍ أدعوك سبحانك أن تنحنى بالرحمة والعطف والحنو على محمد). ذلك(محمد) الذي رفع الله ذكره، حين قرن في الشهادة بين اسمه تعالي وبين اسم نبيه. كذلك رفع ذكره بأن أصبح اليوم اسم (محمد) أكثر الأسماء تسميةً في العالم. ذلك (محمد) خاتم الأنبياء. قال ثعلب (خاتم الأنبياء أحسن الأنبياء خُلقاً وخَلقاً) نقله القاضي عياض في (المشارق). صلّوا على الحبيب... القصة الثانية: والبحر المسجور ... امتزاج الماء والنار في قاع المحيطات والبحار قبل عدة أعوام اشتركت في مكتبة المجلس الثقافي البريطاني بالخرطوم. واستلفت عدداً من الكتب وأشرطة الڤيديو. أحد تلك الأشرطة كان عن موضوع يتعلق بالبحر. الشريط من انتاج BBC. لفت نظري خلال مشاهدة الشريط إشارة إلى منظر في الشريط تمّ تصويره في قاع المحيط، يوضح أن الماء في قاع المحيط يغلي، حيث يتصاعد بخار الماء بفعل الحرارة، ريثما يتكثَّف لاحقاً على سطح البحر البارد ويعود إلى البحر مرة أخري، دون أن تؤدِّي المواد المنصهرة إلى تبخُّر البحر. أوضح شريط الڤيديو أن الماء في عمق المحيط يغلى في درجات حرارة مئوية عالية. عندما كنت أشاهد ذلك المنظر عن غليان الماء في قاع المحيط، خطر على الذهن الآية الكريمة رقم (6) في سورة الطور (والبحر المسجور). حيث يقسم الله تعالي ب(البحر المسجور). أي البحر المشتعل أو البحر المتقد ناراً. سَجَر تعني مشتعل بالنار. ومنها (سيجارة)، وهي الورقة الملفوفة المحشوة بالتبغ ويتم إشعالها وتدخينها. ثم تتبعتُ موضوع اشتعال النار في قاع المحيط في إفادات قدمها خبير الجيولوجيا الراحل الدكتور زغلول النجار الذي أوضح أن كلّ المحيطات وبعض البحار مثل البحر الأحمر وبحر العرب متوقدة بالفعل. قال زغلول النجار لقد أثبتت الإكتشافات العلمية وجود نار ملتهبة في أعماق البحار والمحيطات في العالم. حيث يوجد في قاعها شقوق تتدفق من خلالها حِمم منصهرة. حيث تمتد شبكة الصُّدوع والشقوق لآلاف الكيلومترات ويتدفق من خلالها ملايين الأطنان من السوائل المنصهرة التى توجد تحت الغلاف الصخري للأرض. تبلغ درجة حرارة المواد المنصهرة أكثر من ألف درجة مئوية. هذه الصدوع تتدفق باستمرار على مدار الساعة، مما يؤدي إلى تراكم المواد المنصهرة وتبريدها في ماء البحر فتتشكل الجزر البركانية. وقد تمّ اكتشاف سلاسل من الجبال البركانية في عرض البحر تمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات، والتي تشكلت نتيجة الحمم المنصهرة المتدفقة من قاع البحر. لكن الشئ الذي لم يكن متوقعاً أن تلك الحمم والتي تنطلق من الطبقة الثالثة للأرض (تسمَّي نطاق الضعف الأرضي) تحتوي في تركيبتها على الماء. ذلك يعني أن الطبقة الأرضية التي تحت البحر وتحت هذه النار تحتوى ماءً. بذلك يمكن القول بأن الحقيقة العلميّة الثابتة واليقينية هي وجود نار تحت أي بحر في العالم. وتحت هذه النار هناك ماء يُقدَّر بأضعاف ما يوجد في البحار. ولفت خبير الجيولوجيا الراحل الدكتور زغلول النجار النظر إلى الحديث الشريف الذي رواه أبو داؤود والذي يفيد بأن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً. حيث لم يتم اكتشاف هذه الحقيقة العلمية إلا في القرن العشرين. فقد ظلّ الفهم السائد أن البحر والنار متضادان لا يجتمعان. وإشارة الحديث الشريف إلى أن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً، دليل على اجتماع الماء والنار دون أن يطفئ أحدهما الآخر. علماً بأن النبي (ص) لم يركب البحر مرة واحدة ولم ينزل إلى أعماق المحيطات. فكيف حدَّث عليه السلام عن تلك الحقائق، إن لم يكن ذلك دليل جديد على نبوَّته الصادقة. قال تعالي في قَسَمٍ بآياته البيِّنات(والطور. وكتاب مسطور. في رقٍّ منشور. والبيت المعمور. والسقف المرفوع. والبحر المسجور. إن عذاب ربك لواقع. ماله من دافع. يوم تمور السماء موراً. وتسير الجبال سيراً. فويل يومئذٍ للمكذبين. الذين هم في خوضٍ يلعبون). القصة الثالثة: دكتور سعد الفاضل... إنتو ماشبه الطبّ عند معاناة آلام المخاض إعتادت بعض الأمهات النداء بعبارة (اللّّّه لىْ). ويقول الصحفي الكبير الأستاذ عبد الله عبيد بطرفته المعهودة أن محطة البص التى بالقرب من مدرسة القابلات بأم درمان، كانوا يسمّونها محطة (اللَّه لى). في الشعر العربي القديم قبل الإسلام جاءت عبارة (ألَلْى) وتعني نداء استغاثة. قال الشاعر في مدح فارس شجاع من حماة الحمي: وأنتَ ما أنت في غبراءَ مظلمةٍ ٭ إذا دعت ألَلَيْها الكاعِبُ الفَضُلُ أي أن الفتاة الشابة التي ترتدي ملابس البيت الخاصة، عندما تفاجئها غارة تهجم عليها وعلى قومها وخوفاً من الوقوع في الأسر والإختطاف، تطلِق نداء الإستغاثة (ألَلَىْ)، فيهب عندئذ لنجدتها وحمايتها الفرسان الأبطال. وتكرار نطق عبارة (ألَلىْ) يصبح نطقها قريباً من نطق وتكرار عبارة (الله لَىْ). بعد انتشار الإسلام في السودان تحوّرت عبارة (أللى) إلى عبارة (الله لى). ذلك يعني أن عبارة (ألَلىْ) كانت توجد في الثقافة السودانية العربية قبل انتشار الإسلام في السودان. ثم بعد انتشاره أصبحت تنطق (الله لي) وصارت تربط بمعاناة آلام المخاض. خاصة في غياب التخدير ووجود الخفاض الفرعوني. في عالم المخاض وآلام الولادة اشتهر عدد من الأطباء السودانيين منهم الدكتور حدّاد عمر كروم والدكتور علىُّ أبو بكر والدكتور عبد اللطيف عشميق والدكتور صلاح إبراهيم والدكتور سعد الفاضل والدكتور مروان ابراهيم عمر والدكتور أبُّو حسن أبٍُّو والدكتورة سيدة الدرديري والدكتورة دريَّة الرَّيِّس والدكتورة مزار عثمان أبو القاسم والدكتور عبد الله أحمد المحجوب، وغيرهم من الأطباء النجباء. الدكتور سعد الفاضل اسمه (سعد محمد الفاضل محمد الشريف التقلاوي). والده من مشاهير رجال الدين والعلم والدعوة. ولد سعد الفاضل بأم درمان (حىّ السوق) في صحن جامع جدّه الشريف التقلاوي. وهو أول جامع بأم درمان بعد (جامع الخليفة). نشأ سعد الفاضل في أم درمان وترعرع بها. سعد الفاضل واحد من ثلاثة عشر أخ وأخت، أحسن والدهم الرجل الصالح تربيتهم، فتخرَّج منهم ستة أطباء وأكمل الباقون دراستهم الجامعية. تلقي سعد الفاضل تعليمه في (خلوة الكتيابي) بأم درمان وحفظ جزء عمّ، ثمّ انتقل إلى (مدرسة الفلاح) التي أسسها الشيخ العيدروس، حيث كان أول الفصل وتنبأ له الشيخ العيدروس بأنه سيصبح طبيباً. ثم انتقل سعد الفاضل إلى (مدرسة حىّ العرب) ثم إلى مدرسة (كمبوني). حيث كان والده أستاذاً للغة العربية والتربية الإسلامية. كان سعد الفاضل في أي مرحلة دراسية، لا يدرس السنة الرابعة بل يمتحن من السنة الثالثة. لذلك دخل جامعة الخرطوم ولم يكمل عامه السادس عشر. يقول الدكتور سعد الفاضل إن حبوباتنا يقلن (الوِلادة صَغَرة) بمعني أن معدَّل الخصوبة يكون أعلى كلما كانت المرأة صغيرة، وكلما كبرت تقل الخصوبة. ولذلك الطالبات اللائي يعتقدن أنهن يرغبن في إكمال تعليمهن ثم يتزوجن وينجبن هنّ على خطأ. فالزواج والإنجاب يمكن أن يتماشي مع التعليم. الدكتور سعد الفاضل كانت رغبته دراسة القانون. ولكن زميلاته في جامعة الخرطوم قلن له ولأصحابه (إنتو ما شَبَه الطب). فأصابته تلك العبارة بجرح بليغ في كبريائه، فحوَّل إلى دراسة الطب وأثبت قدراته الفائقة في امتلاك ناصيته، وأصبح طبيباً نابغاً مرموقاً، وأنشأ مستشفي (إمبريال) وبرفقته عدد من أولاده وبناته الأطباء. وما يزال الدكتور سعد الفاضل يوالي عطاءه الإنساني الكبير. فقط يريد القراء من الدكتور سعد الفاضل أن يعلن عن أسماء زميلاته في جامعة الخرطوم اللائى أصبحن سبباً في تحوُّله إلى دراسة الطب وأين هن اليوم.