كان الحديث في الماضي يدور حول اختراق النظام لمكونات حزب الأمة القومي آنذاك قبل العملية الشهيرة التي عُرفت ب «تهتدون» و ب «تفلحون»، والطلاب حينها وحدهم «طلاب حزب الأمة» من يدفع تبعات ذلك لتبنيهم خط قياداتهم ومجاهرتهم بعصيان النظام والتحدث في عيوبه كما يرونها ولا يجدون من يدفع عنهم الضرر والأذى لأن تلك القيادات كانت في مأمن من ويلات النظام وقتها وكانوا إما بالخارج وإما مختفون، فصار الطلاب رمز صمود حزب الأمة وقوته الشيء الذي دفع الحزب إلى اتخاذ قرارات سريعة ومنها عودة قياداته الى داخل البلاد. وبالأمس كانت الأمانة السياسية لحزب الأمة منعقدة لمناقشة شأن طلاب الحزب كما أعلن عقب تفجر الصراع داخل المكتب الذي رأسته السيدة سارة نقد الله وبحسب صحف الأمس فإن خلافاً نشب بين الأعضاء أدى الى اتخاذ قرار بإقالة رئيس المكتب السياسي سارة نقد الله من منصبها وتعيين محمد جبارة خلفاً لها. وكان اجتماعاً عاصفًا للمكتب السياسي للحزب بحسب الأخبار أمس قد التأم من أجل مناقشة التقرير الأخير للمكتب الطلابي وتوصياته وتباينت فيه وجهات النظر مما دفع رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي للانسحاب من الجلسة مع استمرار الاجتماع الذي أضطرت لاحقاً رئيس المكتب سارة نقد الله لرفعه إلا أن مجموعة من عضوية المكتب السياسي للحزب بقيادة نائب رئيس الحزب الفريق صديق رأت إكمال الاجتماع وأصدرت مجموعة من القرارات جاء على رأسها إقالة رئيس المكتب السياسي وتعيين محمد جبارة خلفًا لها وهو الأمر الذي اعتبره الأمين العام للحزب إبراهيم الأمين «فوضى» وأن من قاموا به سيتعرضون للمساءلة من أجهزة الحزب. ولكن في الوقت نفسه نفى نائب رئيس المكتب السياسي محمد المهدي إقالة سارة واعتبر ما حدث من اختيار جبارة هو لإكمال الاجتماع وليس لرئاسة المكتب السياسي. وكان جدلاً كثيفًا قد دار حول اعتماد توصيات المؤتمر الطلابي الأخير وحدث شد وجذب حول إجازة التوصيات الأمر الذي دعا سارة لرفع الاجتماع وفقًا لصلاحياتها ونفى عضو المكتب أن يكون هناك انقلاب حدث داخل الحزب. وفي ذات السياق أفادت مجموعات شبابية وطلابية بالحزب «الإنتباهة» بأن الشأن الطلابي صار داخل الحزب «محلك سر» وأن قيادات الحزب من خلال مكاتبه صاروا لا يهتمون كثيراً بنا في الوقت الذي صارت الخلافات تعصف بأركان الحزب من حين لآخر، وعبّروا عن امتعاضهم لما دار في اجتماع المكتب السياسي أمس خاصة أنه كان منعقداً بشأن مخرجات القطاع الطلابي من خلال المؤتمر الأخير، وقالوا إنه من المؤسف أن يختلف بشأن قضايانا داخل المكتب السياسي مما يؤكد أن قلوبهم شتى وأننا كطلاب وقيادات شبابية بالحزب نربأ بأنفسنا أن نكون محل جدال داخل كيان حزب الأمة بحسب قولهم. فيما أعلن بعضٌ منهم عن ترحيبهم بالخطوة وقالوا إن أمر الطلاب لا يحتمل التأخير مناشدين المكتب السياسي والأمانة السياسية النظر إلى قضاياهم بعين الاعتبار وإيلاءها الاهتمام الأكبر. ولم يتسنَّ لنا إلى لحظة تسليم التقرير للطباعة إن نجد ردودًا شافية من الأمين السياسي لحزب الأمة الذي اتصلنا به في فترات متابينة للتعليق حول حقيقة الانقلاب الذي حدث بالمكتب السياسي للحزب حسبما ورد في وسائل الإعلام وكان يتعلل بحجة أنه في اجتماع رغم أنه يرفع السماعة في كل لحظة اتصال به من قبلنا. ويقول الأستاذ الصادق بشر القيادي بحزب الأمة إن ما حدث نتاج لتراكمات قديمة ومسائل كانت دائمًا قيادة الحزب تحاول القفز عليها إضافة إلى تعامل الرئيس مع قضايا الحزب. وأضاف أنها أيضًا نتاج لتراكمات المؤتمر السابق وعملية تعيين الأمين العام وهيمنة الصادق المهدي وبناته ونسابته على مقررات الحزب زائداً الموقف من المشاركة في السلطة، وقال إن الذين يدعمون الصادق إنما يدعمونه لأجل مصالح شخصية. إضافة إلى محاولة نقل الروح الأسرية إلى داخل أروقة الحزب من خلال مجموعة «مريم وعبد الرحمن الغالي ورباح وغيرهم» وقال إنهم يخشون من أي مخاشنة ويحاولون دائمًا إرضاء الصادق ويرون أنه فوق الجدل وما يطرحه لا يجب أن يناقش مبينًا أن مفاصل الطلاب وغيرهم يرفضون المواقف الضبابية للحزب حيال مجمل القضايا وتفاعل الحزب معها كقضية الفجر الجديد وإنه لا بد من شفافية حيال التكتيكات التي يرسمها الحزب، وقال إن قواعد الحزب الآن صارت مشتتة بفعل هذه التداعيات. ولكن الصادق الذي كان يتحدث ل«الإنتباهة» أكد أن الطلاب صاروا رأس الرمح في ايصال الصوت والاحتجاجات لقيادة الناس لأنهم أكثر القيادات إلماماً بالتفاصيل مشيرًا إلى أن مقررات المؤتمر الطلابي كانت عبارة عن قراءة لمجريات الأوضاع داخل الحزب ووجدت تعاطف الكثير من القيادات داخل الحزب. وقال إن المؤسسية وأفكارها سوف تنتصر ويعود الحزب لأبنائه الشباب وقطاعات الموظفين والأطباء وغيرهم من الشرائح المهمة والفاعلة مستبعداً أن تقود الخطوة لانشطار جديد داخل الحزب.