في ظل بشريات انتهاء الموسم الشتوي بنسبة نجاح عالية وإعلان المزارعين بالولاية الشمالية بقرب اكتمال عمليات الحصاد، لم يكن متوقعاً أن تجود عليهم عطاء السماء بأسراب من الجراد أقل ما وصفت بالكثيفة، تذهب بحصاد موسم كامل من التعب والجهد في سبيل تحقيق أكبر إنتاجية يعوض بها ضنك المزارع البسيط أدارج الرياح، وتكبلهم خسائر فادحة ستوثر دون شك في موسم صيفي جديد تم الإعلان عن استعدادات تجرى له مبكرًا، وواقع الحال يكشف عن تضارب ما ذهبت إليه وزارة الزراعة الاتحادية وهي تعلن عن خطتها للموسم الشتوي هذا العام من أخذ التدابير اللازمة وإعداد المبيدات تفادياً لأية ظروف طارئة لهجوم الحشرات، في وقت رُصدت فيه ميزانية وقاية النباتات السنوية التي تتراوح بين (80 90) مليار جنيه لشراء المبيدات والآليات وتحريك الأتيام الميدانية، بجانب توفير مخزون كافٍ من المبديات وطائرات الرش الجوي وآليات الرش الأرضي، حيث نظمت إدارة وقاية النباتات بوزارة الزراعة حملتها الكبرى لإبادة الجراد المهدد للمحصولات الزراعية بالمشروعات المروية والمزارع التي استهدفت المنطقة الشمالية من ولاية الخرطوم، وأبادت ملايين من أسراب الجراد القادم من دارفور وكردفان باتجاه ولايات الخرطوم ونهر النيل والشمالية. وبدأت الحملة بالمسح للمناطق التي وردت المعلومات عن تحرك الجراد باتجاهها منذ مايو الماضي، وتشير الإحصائيات إلى مسح أكثر من «60» ألف هكتار عبر فرق الرش الجوي والأرضي في ولايات النيل الأبيض والخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر، إلا أن ما حدث أخيراً من هجوم مكثف لأسراب الجراد على مدى أسبوع كامل يدل على ضعف الطرق التى تلجأ إليها فرق المكافحة لمواجهة أسراب الجراد، وهي تدرك تماماً أن شهري نوفمبر وديسمبر يعتبران موسماً لتكاثر الجراد، والآن فإن ما حدث أخيراً لم يكن بالأمر المفاجئ، حيث جاءت الأخبار من قبل وزارة الزراعة التي أكدت أن هناك هجوماً شرساً من الجراد على الأراضى الزراعية بعدد من المناطق الحدودية، خاصة محافظة البحر الأحمر وشرق العوينات، الأمر الذى يهدد بتدمير المحاصيل الزراعية، وينذر بكارثة حقيقية بالمنطقة من ظهور الجراد منذ حوالى شهر. مدير عام الإدارة العامة لوقاية النباتات د. خضر جبريل أكد أن القضاء على آفة الجراد الصحراوي يتم داخل السودان بواسطة الإدارة خلال الحملة الصيفية والحملة الشتوية علي ساحل البحر الأحمر، حيث تمت مكافحة اكثر من «60» الف هكتار، مبيناً تسرب بعض الاسراب الضخمة من دول الجوار وغزت ولايات البحر الأحمر ونهر النيل والشمالية خلال الاسبوعين الماضيين، مؤكدا احتواء الموقف بولاية نهر النيل منطقة أبو حمد، مشيراً إلى أن الاستعدادات تجرى على قدم وساق على حد قوله للقضاء على الآفة في معتمديتي مروي والدبة، لافتاً لدى حديثه ل «الإنتباهة» إلى وجود طائرات وعدد من الأتيام الأرضية في منطقة انتشار الجراد، منوها بإضافة طائرتين، وكشف عن توفر وقود الطائرات بجانب إرسال «50» طناً من المبيدات، نافياً تسبب الجراد في أي ضرر يذكر في الولايتين، وأوضح أن الجراد الصحراوي يأتي مهاجراً من موريتانيا غرباً حتى باكستان شرقاً، داعياً إلى المكافحة الإقليمية والدولية تحت إشراف منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، ونفى استلام دعم من المنظمة الدولية، وقال: «مازلنا في انتظار وزارة المالية بالتصديق بميزانية الوقاية». رئيس اتحاد مزارعي الولاية الشمالية بابكر حاج ادريس، أكد مهاجمة المشروعات الزراعية من قبل الجراد القادم من المنطقة الشرقية وتحديداً ولاية البحر الأحمر بداية بمنطقة كريمة ومروي، مبيناً استخدام وسيلة العربات بوصفه بدايةً أولى في مكافحة الجراد، واستخدام طائرة واحدة. وطالب بضرورة زيادة عدد طائرات الرش لجهة صعوبة المكافحة عبر العربات لانتشار الجراد بصورة كبيرة في المنطقة، لافتاً إلى عدم وجود إحصائيات دقيقة بحجم الأضرار التي وصفها بالكبيرة، مشيراً إلى أن ولاية البحر الأحمر لم تقم بإخطار الولاية باتجاه أسراب الجراد نحو الشمالية، الأمر الذي زاد من تعقيد الموقف، وقال إنه في حال تم الإخطار فإنه يسهل على القائمين بالأمر المكافحة، منوها بأن دخول أسراب الجراد لم يكن جديداً، وذلك لإعلان مصر دخول أسراب من الجراد السودان.