فجأة وبلا مقدمات أو إنذارات أو حتى إشارات هبَّت على ولايتي نهر النيل والشمالية أسراب من الجراد الصحراوي وكادت تفتك بالموسم الشتوي لولا لطف الله وحسن تدبير القائمين بالأمر وسرعة استخدام آليات المكافحة والإبادة بالوسائل المختلفة من رش بالمبيدات على الأرض أو استخدام الطائرات.. ولولا السرعة في التحرك ومداركة الأمر لكانت تلك الأسراب قد قضت على الأخضر واليابس من المنتجات التي كادت تؤتي أكلها وتلك التي في طور البروز مثل النخيل.. ورغم ذلك لم تنجح بعض المحاصيل من الأذى ولكن نحمد الله كثيراً أن وقف الأمر عند هذا الحد ولم يتطور كثيراً، وأن الجراد نفسه كان منهكاً ومتعباً من طول مشوار الطيران من مصادر تحركه حتى بلوغ النيل واصطياد المزروعات. ومعلوم أن حركة الجراد هذه ترصد دائماً من على مسافات بعيدة، وهناك إنذارات مبكرة بين الدول والمناطق ليتم الإعداد لمواجهته في الصحراء وإبادته ولا ندري من أين جاءت هذه الأسراب ولماذا لم تخطرنا الدول التي مرت بها هذه الأسراب حتى وصلت النيل والنخيل والمزروعات.. أم أن التكتم على حركة هذه الأسراب أيضاً جزء من المؤامرة علينا مثلما جرى التكتم على الغارة الإسرائيلية على مجمع اليرموك؟! ومن المفترض أن تقوم وزارة الزراعة ووقاية النباتات بالتحقيق في هذا الأمر الخطير الذي كان يستهدف إبادة محاصيل العروة الشتوية بأكملها من قمح وفول وخضروات، بل محصول التمر وهو في بدايات إثماره. هجوم غادر آخر.. قد لا يدرك البعض أبعاد هذه القضية ولا الآثار الضارة التي تعود على البلاد من فقدان ثروات عظيمة وإنتاج وفير لا يقل في قيمته من مستخرجات البترول أو الذهب أو الثروة الحيوانية.. وهنا تكمن الخطورة، فلا بد للمعنيين الكشف المبكر عن احتمالات وجود أسراب أخرى قادمة. ولا استبعد كثيراً أن تكون للعدو الأول والأخير لبلادنا وشعبنا ومنتجاتنا إسرائيل وأعوانها في إطلاق هذه الآفة على بلادنا بهدف إفقارنا وضرب إنتاجنا من الغذاء خاصة القمح والفول والبقوليات والتمر.. بل أن آثار الرش قد تصيب الإنسان نفسه.. ولهذا فإن هذا السرب اللعين الذي هاجم الشمالية هو بمثابة إنذار مبكر ينبغي أن نضع أصابعنا على زناد البنادق.. ونتحسب لأسراب أخرى وبلاش نقوم بعد كده.. ونسأل المولى عز وجل أن يكفينا شرور البلايا جميعها.. آمين.