عرف السودانيون الهجرة منذ أمد طويل ولكنها نشطت في السبعينيات من القرن الماضي وكان التوجه الى دول الخليج خاصة ودول العالم عامة ولكن بعد ان استقر الزوج او الاب في بلد المهجر بدأ يرتب أوضاعه لزوجته واسرته للانتقال معه والعيش في دولة المهجر لمشاركته في هموم غربته فظهرت هجرة المرأة، وتكثر هجرتها في دول الخليج عامة والسعودية على وجه الخصوص لكن اثرت هذه الغربة على المرأة السودانية من عدة جوانب اجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا بجانب الافرازات التي خلفتها الغربة على المرأة... واوضحت الاستاذة نعمات محمد «مغتربة بدول الخليج منذ اكثر من عشرين عامًا» ان الغربة تنتج من الضغوط الاقتصادية على المجتمع واشارت الى ان الغربة تؤثر عليها بعدة نواحٍ خاصة النواحي الاجتماعية حيث انه في دول الاغتراب خاصة الخليج تعاني من وجودها بالمنزل طيلة الوقت خلاف السودان، وقالت: تمر علينا ايام لا نخرج من المنازل ولا يزورنا احد مرجعة ذلك الى ثقافة دول الاغتراب وبُعد الأسر السودانية عن بعضها البعض، واشارت الى ان غربة المرة تنتج عنها ضغوط نفسية واكتئاب لبعدها عن اهلها وشوقها لهم واضافت ان هنالك الكثير من المشكلات التي تواجهها في دول الاغتراب من اكبرها تعليم الابناء وتأثرهم بثقافات بلاد المهجر، وقالت: بكل اسف فقد اثرت علينا الغربة ويظهر ذلك خاصة على سلوكنا وتصرفاتنا من المباهاة والتعالي وحب الذات وغيرها... واوضحت الخبيرة الاجتماعية الاستاذة اماني عبد الجليل انه تختلف اوضاع المرأة المهاجرة من امرأة الى اخرى حسب طموحاتها وآمالها وتطلعاتها ومشكلاتها وواقعها الذي تعيش فيه اضافة الى التحديات التي تواجهها باعتبارها تعيش حياة استثنائية بعيدة عن وطنها بكل ما فيه من اشباع معنوي ونفسي فالأوطان مهما ضاقت بأبنائها تظل مساحة للآمال والطاقات الطموحة فيها مفتوحة على فضاءات ارحب للمهاجرين مهما اتسعت لقاصديها تظل في حقيقة دوائر مغلقة وخطوطًا متشابكة فمهما طال امد الغربة لا بد من الرجوع الى ارض الوطن... وارجعت هجرة المرأة مع زوجها او لوحدها للظروف الاقتصادية المعيشة مشيرة الى ان الهجرة تؤثر على المرأة من عدة جوانب، وقالت: يصعب الوقوف على حجم هجرة النساء وذلك لصعوبة معرفة المهاجرين العرب، واوضحت ان بعضهم يقف على حجم المرأة المهاجرة من حيث الاعالة حيث تكون هجرتها في اغلب الاحيان ضمن اسرتها المهاجرة وبين الدول العربية في تشجيع هجرة الأسر في بعض الدول المستقبلة مثل السعودية التي تشجع اصطحاب المهاجرين لاسرهم إلا في حالات محدودة، كما ان عدد الاناث المهاجر اقل من الذكور وهذه الظاهرة لا تميز كل المغتربين بل اصحاب المهن العالية كما تعمل الاناث المهاجرة في كثير من القطاعات والنشاطات الاقتصادية على التركيز نسبة عالية منهن في قطاعات الخدمات المجتمعية والشخصية وابرزها التدريس والتمريض. وزادت الخبيرة الاجتماعية في حديثها موضحة ان المرأة المهاجرة تعاني من كثير من المشكلات منها المشكلات النفسية الناتجة عن الاقامة الطويلة بدول الاغتراب حيث لا تنحصر آثار هجرة المرأة السودانية في انخفاض معدل مشاركتها في النشاط الاقتصادي نتيجة للبطالة القسرية او الطوعية بل تتعدى الى المعاناة النفسية من طول مدة الغربة وظهور حالات الاكتئاب النفسي الناجم عن عدم قدرتها على التكيف مع بيئة الاغتراب خاصة في اول اغترابها اضافة الى الوحدة والاحباط وزيادة وقت الفراغ بالنسبة للمرأة، واشارت الأستاذة اماني ان هنالك مشكلات اجتماعية ناتجة عن اختلاف العادات والتقاليد في دول الاغتراب مقارنة بالسودان حيث يتسم المجتمع الخليجي بسمات محددة اهمها انه مجتمع مغلق متعدد الجنسيات من مختلف بقاع الارض مما يعزز الاحساس بالغربة بجانب معاناة الابناء من عدم التكيف عند العودة للسودان سواء نهائيًا او في الاجازاة المؤقتة إضافة الى مشكلات تعليم الابناء وشيوع النمط الاستهلاكي على مجتمع الاغتراب مما افرز عادات اجتماعية ضارة منها التفاخر والمباهاة والانفاق البذخي والنمط الاستعراضي في العيش والانخراط في اقتناء الكماليات وهذا بدوره يزيد من حجم الضغوط النفسية والاجتماعية لمجاراة المظاهر بجانب ذلك انصرافهن عن هموم وقضايا الوطن وعدم المامهن بالقضايا السياسية والاقتصادية التي تهم البلاد.