الهجرة عرف الانسان الهجرة منذ الاف السنين وهو ترك المكان الذى ولد او ترعرع فيه الى مكان آخر بحثا عن الحياة كريمة والأمن والاستقرار وقد تجبره الظروف المحيطه به سوى كانت طبيعية أو بشرية او اقتصادية للهجرة. كانت الهجرات فى عهد الدولة الاسلامية الاولى لنشر الاسلام والمعرفة وفتح بلدان جديدة واضافتها لدولة الاسلامية وبعضها نتيجة للمضايقات التى يواجهها المسلمين فى بداية عهد الاسلام . واستمرت الهجرات حسب اسبابها الى يومنا هذا والهجرة اليوم لها معانى كثيره ولكن الهدف والسبب مشترك ومنها الاغتراب والاعارة والانتداب وغيرها . كثرت الهجرة فى الفترة الاخيرة بسبب المشاكل الاقتصادية والسياسية والطبيعية ويعانى منها كثيرا من الدول التى يُهاجر اليها وخاصه الدول الاوربية . والهجرة احيانا تكون شرعية وبنظم وقوانين تحكمها واحيانا تكون غير شرعية وهى الاخطر والاسوء للمهاجر والدولة المُهاجر اليها . نجد بعض الدول تمنح فرصه للهجره مثل امريكا وكندا للاسباب اقتصادية وسياسية وتنموية ومستقبليه وتكون احيانا فرص للاقامة الدائمة وبعض الدول تمنح الفرص المؤقتة لتحقيق هدف تنموى او سد نقص معينة مثل دول الخليج. بعد التطور الاخير وانتعاش الاقتصاد فى فترة ما قبل حرب الخليج وضرب برج التجارة العالمى والانهيار الاقتصادى كانت العمالة الُمهاجرة من الدول الفقيرة الى الدول الاكثر اقتصادا وذلك لتحسين وضعها المادى والتعليمى والصحى والاقتصادى ، بعد الانهيار الاقتصادى وكثرة الاعداد المهاجره نجد دول المهجر تعانى من بطالة داخليه ومن هجره غير شرعية ولهذا سنت القوانين والاتفاقيات مع بعض دول العبور حتى تحُد من تلك المجموعات المهاجره اليها . عرف السودانين الهجره مثلهم ومثل شعوب العالم الاخرى سوى كانت هجرات داخلية بحثا عن المرعى او التجارة او الاستقرار ام هجرات خارجية بحثا عن الثروة والعلم حيث كثرة الهجرة السودانية فى الاونه الاخيرة بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية وتردى التعليم والصحة وانتشر السودانين فى كل دول العالم وخاصه دول الخليج حيث يكثر اعدادهم وجميعهم هدفهم واحد وهو تحسين اوضاعهم المادية وامتلاك منزل يأويهم وتوفير فرصة التعليم للابناءهم ومنهم من توفق فى هدفه ومنهم مازال يلهث لتحقيق حلمه ، التطورات التى تطرأت على منطقة الخليج أخيرا والاوضاع العربية بصفه عامة والتغير الثورى الحالى كلها ذادت من تدهور الاوضاع بدول المهجر واصبحت هناك اسباب قوية طارده للعودة للارض الوطن عاجلا ام آجلا . وبما أن المهاجر السودانى بعيد كل البعد عن الدولة ومنظماتها وعدم تكوين اتحادات ونقابات بدول المهجر تدافع عنه وتوفر له حقوقه يظل هذا المهاجر هو الضحية بين مأسى الغربة السابقة ومواجهة ظروف الوطن اللاحقة . عند ما يعود هذا المهاجر بعد عشرات السنين واكثر ولم يملك منزلا او عملا ولم يجد له نقابة تساعدة وتهيئة له البيئة التى يتألقم معها حتى يندمج فى الوطن الذى اختلفت عليه اوضاعه واجتماعياته وظروفه طوال السنوات الماضية تجده ضائع بين نفسه واهله ومجتمعه مما يتسبب فى خسارة كبيره له ولدولته ويطال ذلك صحته ونفسيته رغم انه كان مواطن فعال فى تسديد ما عليه من التزامات اتجاه دولته اثناء هجرته. الدولة شكلت جهاز ليشرف على اوضاع هؤلاء ليخفف عنهم اعبائهم ومشاكلهم ويساعدهم عند عودتهم ولكن هذا الجهاز الذى ظل اسما لامعا لم يقدم شىء يذكر لهذا المواطن المهاجر حتى الآن رغم التصريحات والبرامج التى يسمع بها هذا المهاجر ولكن عند مراجعته لهذا الجهاز يجد العقبات والصعوبات التى تحول دون تحقيق هدفه وأمله . القائمين على هذا الجهاز سوى فى الداخل او الخارج لم يكن تواصلهم واحتكاكهم بأكثر الفئات تضررا وخاصه فئة العاملين التى يندرج تحتها الالاف من المهاجرين وهؤلاء الكثيرون منهم لم يعرفوا أى دعم من الجهاز او الدولة سوى كان فى الاراضى السكنية او الاعفاءت الجمركية او تخفيض الرسوم الحكومية وحتى فى الغربة ليدافع عنهم ويحل مشاكلهم العملية. دول الخليج اتخذت مواقف مستقبلية للحد من وجود المهاجرين فى بلدانهم رغم ما يدفعه هؤلاء المهاجرين من رسوم اقامة ومكتب عمل ورخصة قيادة وتسجيل مركبه وما يدفعة مقابل السكن والعلاج والتعليم ومصروفاته النثرية وغيره وما يقدمه من خدمات تساعد فى تطوير ونهضة تلك البلدان لكنها تنظر له من ناحية واحدة مادية ووطنيه وهى كم حول هذا المهاجر الى دولته وما نسبة البطالة من المواطنين وتبذل جهدها لتقليل من تحويلات المهاجرين لبلدانهم وتشغيل اكبر عدد من مواطنيها ، ونحن فى السودان الدولة لم تنظر الى هذا المهاجر كم دخل الى البلد وكم وفر من عمله صعبة وكم وفر لها من خدمات خلال فترة تواجده فى الغربة لتكافئة عن ذلك عند عودته وتوفر له الارض التى يسكن عليها وتسهل استيعاب ابناءه فى المدارس والجامعات وتوفر الخدمات الصحية له وتمنحه الفرصة للاقامة مشاريع استثمارية فردية ام جماعية ليساعد فى نهضة بلده كما ساعد فى نهضة بلد المهجر. هذا المهاجر السودانى لم ينتظر من الدولة واجهزتها ان تقدم له الدعم المادى ولا المكافأة التى يستحقها ولكنه يأمل ان يجد تسهيل الاجراءات وتخفيف الرسوم حتى يستطيع ان يحقق جزء من هدفه الذى هاجر اليه ويجد منزلا يأويه وعمل يسد رمقه وتعليما للابناءه ليرفعوا من شأن وطنهم ويساعدوا فى نهضته وتطوره مستقبلا . وهو ما يتمناه من عاد للارض الوطن ومن مازال بالمهجر وينتظر العودة الطوعية ام الاجبارية .