تصريحات حزب الأمة الأخيرة التي طالب فيها بضرورة التمييز بين الأحزاب السياسية واضعاً مصطلح «الصندل والطرور» أثارت جدلاًًًً واسعاً في الساحة السياسية أدى إلى تفاقم الأوضاع داخل قوى الإجماع الوطني واتجاهها للانفجار، حيث قابل عددٌ من أحزاب المعارضة حديث المهدي بالانتقاد والهجوم الأمر الذي دفع الهيئة العامة للتحالف لعقد اجتماع لمناقشة القضية ووضع حد لها وبحث التطوُّر لمعالجة الخلافات التي تنشأ بين تنظيمات التحالف داخل الأطر التنظيمية، لكن تفاجأت قيادة التحالف بالطلب الذي قدَّمه حزب البعث لتجميد عضوية حزب الأمة القومي في قُوى الإجماع، حيث وصف أمين الاتصال السياسي بحزب الأمة عبد الجليل الباشا طلب حزب البعث بأنه «شذوذ» عن العُرف في عمل التحالف، وما صدر عن حزب البعث يُقصد به الإثارة والبلبلة الإعلامية، محذِّراً من إعادة سيناريو إقصاء حزب الأمة من التجمُّع الوطني الديمقراطي. المراقب لحزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي يجد أن حزب الأمة على خلاف مستمر مع قُوى المعارضة عبر مراحل متفاوتة مما ظهر جلياً في الخلافات التي حدثت بين حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي وحزب الأمة القومي خاصَّة عند تصريحات د. الترابي عقب خروجه من المعتقل في حواره لصحيفة «السوداني» واصفاًَ حزب الأمة بأنه يضع رجلاً في الحكومة وأخرى في المعارضة، كما يرى بعضُ المراقبين أن سبب الخلافات غيرة الإمام من الترابي وأن حزب الأمة لم يكن على انسجام تام مع قوى المعارضة، ويظهر ذلك منذ عام «1996م» في ديسمبر عقب خروج الصادق المهدي عبر عملية «تهتدون» حيث كان على خلاف دائم مع قوى المعارضة، هذا الخلاف الذي انتهى بتجميد عضوية حزب الأمة القومي في التجمُّع، وتصريحات المهدي التي أطلقها أخيراً معتبراً حزبه «صندل» والآخرين «طرور» استفزَّت قوى المعارضة وخلقت أزمة داخلية، لم تقتصر تلك التصريحات على زعيم حزب الأمة فقد اتبعها مساعد الأمين العام عبد الرحمن الغالي بأخرى جاء فيها :«هناك فرق بين «الدرر والبعر» قاصداً ب«الدرر» حزب الأمة وب«البعر» أحزاب المعارضة الأخرى، واعتبر حزب المؤتمر الوطني الخلافات التي حدثت بين الأحزاب السياسية المعارضة في المرحلة السابقة نتاجًا لواقع حقيقي تعيشه المعارضة مع ضعف وهشاشة الممارسة السياسية والديمقراطية بالبلاد، وقال عضو القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني د. نزار محجوب في تصريحات صحفية: الواقع الحقيقي الذي تعيشه قوى المعارضة بالبلاد ظهرت نتائجه الحقيقية من خلال حدَّة الخلافات والتبايُنات التي ظهرت بينها في الأيام السابقة، مبيِّناً أن تحالف أحزاب المعارضة لا يزال يستخدم الأدوات القديمة في العمل السياسي ولا تتبع أسس المعارضة الحقيقية بإيجاد إصلاحات وصياغة واقع سياسي جديد وقال: إن البلاد ما زالت تفتقر لأحزاب سياسية تتبنَّى أجندة إصلاحيَّة تمكِّنها من تشكيل رأي إيجابي تجاه القضايا الوطنيَّة، في الوقت نفسه قلل مسؤول الإعلام بالتحالف كمال عمر من تلك الخلافات واستبعد أن تتسبَّب في انفجار يهزُّ أركان المعارضة، وأرجع تلك الخلافات للتباين في الرؤى. هل الخلافات داخل المعارضة انقسام نتيجته «طلاق بائن» بين حزب الأمة والمعارضة... أم ستكون نقطة بداية لإنهاء التحالف الموجود؟؟ في هذا السياق يقول دكتور عبد الوهاب عثمان المحلل السياسي إن حزب الأمة ليس لديه ثبات، وما حدث من خلافات بين الأمة والمعارضة ليس بنهاية إعلان طلاق نهائي، وفي تقديري أن جوهر الخلاف يكمن في عدم رغبة المهدي في تولي أبوعيسى لقيادة التحالف، ورغبة حزب الأمة الحقيقية في وصوله إلى مراكز متقدِّمة في صفوف المعارضة، وأضاف عبد الوهاب أنه لا توجد معارضة بالمعنى الحقيقي بل مجموعة من الأفراد لديهم أحقاد تجاه الحكومة ويسعون إلى تمثيل جبهة عريضة في المعارضة وهم غير ذلك.