إذا افترضنا أن الهنود الحمر ومن تبقى منهم من أصل مواطني أمريكا أو بعض الزنوج رفعوا عقيرتهم للمطالبة بحقوقهم الإنسانية وحمل بعضهم السلاح في وجه الحكومة الأمريكية، فماذا كانت تفعل هذه الحكومة إزاء هذا التمرد والخروج على الدستور وقتل الأبرياء... إلخ وعندما وقعت مثل هذه المواجهات ماذا كان موقف الإدارات الأمريكية!؟ كيف تصرفت وكيف واجهت تلك الثورات أو تلك الحركات المتمردة ضد العبودية وضد انتهاك حقوقهم المدنية..؟ هل فرشت لهم الأبسطة الحمراء واستقبلتهم بالورود والزهور والرياحين والأعلام، ماذا فعلت فرنسا بالثورة التي اندلعت في عاصمة البلاد ضد الظلم والعنصرية والبطالة وسكان الهامش من العرب والأفارقة وشعوب العالم الثالث.. ودون أن نذهب بعيداً كيف تصرفت الشرطة البريطانية إزاء الثورة الشبابية التي اندلعت قبل عدة أسابيع في العاصمة البريطانية احتجاجاً على الجوع والبطالة؟! هذه الدول التي تدعي الديمقراطية لا علاقة لها بالديمقراطية ولا علاقة لها بالعدالة... ولا صلة لها بالحرية.. مجرد شعارات مرفوعة ولكنها تُتخذ ذرائع لغرض العقوبات والحصار على الدول الحرة.. الدول التي لا تخضع لأجندتها.. الغرب يمارس سياسات التمييز والازدواجية في القضايا الدولية.. امريكا مثلاً ومعها بريطانيا وفرنسا.. مارست الكثير من الضغوط والإرهاب لكي ينفصل جنوب السودان.. وكانت من أوائل الدول التي اعترفت بإعلان دولة جنوب السودان.. باعتبارها خرجت من عباءة دولة السودان الكبرى.. واليوم وفي موقف هو ذات الموقف وحالة هي أكثر مقبولية من حالة السودان تقف امريكا نفسها ضد قرار دولي صادر عام 1947 عندما صدر قرار التقسيم حيث اعترف القرار بقيام الدولتين.. قامت إسرائيل ولم تقم فلسطين.. أمريكا اليوم تهدد وتتوعد بوقف الدعم عن السلطة الفلسطينية بضعة دولارات.. وتهدد باستخدام حق النقض ضد الطلب الفلسطيني باعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطين الحرة وعاصمتها القدس وعلى حدود 4 يونيو 1967.. ولعل بريطانيا وفرنسا سوف يتبعان سيدتهما أمريكا في موقفها المشاتر المخجل من مجرد طلب فلسطين من الأممالمتحدة تنفيذ قرار دولي اتُّخذ عام 1947 وقامت بموجبه دولة إسرائيل.. بل إن الآلية الرباعية التي يجلس على تلها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير طيلة سنوات دون أن تحرك ساكناً تحدثت في خجل أيضاً عن ضرورة استئناف الحوار الذي لم يفضِ إلى أية نتائج سوى تمكن إسرائيل من إقامة مستوطنات جديدة على الأرض الفلسطينية تحقيقاً لسياسة الأمر الواقع وكسب الزمن والأرض على حساب المطالب الفلسطينية العادلة من إقامة الدولة المستقلة ذات السيادة وحق العودة وحقها في المياه وحق الشعب الفلسطيني في العيش على أرضه ودولته من أمن وسلام وحرية وكرامة. امريكا تزرع الحروب في كل مكان في الأرض.. ولا تستطيع أن تحتمل أي حرب على أراضيها.. ولا تريد إدانة أي احد على الكوكب الامريكي فهم بشر من نوع خاص أما بقية العالم وسكان العالم الثالث فهم مجرد حشرات وجرذان تجب إبادتهم كما تبيد القوات الإسرائيلية أهل فلسطين والقوات الامريكية شعب العراق وأفغانستان وما يجري في السودان جملة لا يختلف عن ما يجري في باقي انحاء العالم.. القتل هو القتل وعدم الاستقرار هو هو.. سواء بيد امريكا...أو بيد وكلائها في البلدان العربية والسودان. وبكل أسف استمعت في أحد المحافل السياسية إلى شخص يتحدث عن نفسه فيقول إنه في الانتخابات التشريعية في جنوب كردفان كان يساند الحلو ضد أحمد هرون.. وكان في حديثه للمستمعين يجزم بأن الحلو كان فائزاً دون أن يبرز الأدلة التي تجعله جازماً بأن الحلو كان فائزاً.. حزنت لمستوى بعض المحسوبين على السياسة السودانية وضحالة فكرهم وضعف انتمائهم وخراب دينهم وتوجهاتهم.. وتيقنت أن من لا دين له لا ولاء له للوطن.. وامثال هؤلاء لا يستحقون جرعة الماء التي توفَّر لهم ولا أي خدمة تقدَّم لهم لأنهم إلى جانب كونهم حاقدين فإنهم خونة ومأجورون ومارقون على إجماع الأمة.. حزنت لأن أمثال هؤلاء ليسوا بالقليلين وأن أصواتهم عالية بفضل ما يتلقونه من دعومات صهيونية وأموال حرام.. وأمثال هؤلاء لا يستحقون أن يكون اسم السودان مرتبطاً بأسمائهم مجرد ارتباط..