بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس توطئة: ü ما لا نستطيع فهمه هو ما هذا الجديد الذي أتى به تكوين هذا التحالف المسمى الجبهة الثورية؟!، فنحن نعلم أن هناك حركة تسمى العدل والمساواة متشظية إلى فرق وجماعات ونحل وملل؛ بقيادة د. خليل إبراهيم وحال حركة عبد الواحد ليس بأحسن منها حال في شيء ؛ جَمعٌ منها عاد للبحث عن السلام وهذا يتسم بالواقعية وقراءة المشهد السياسي بواقعية ؛ وجماعات أخرى تشتت لتضارب المصالح؛ وبعض آخر تائه لا يدري له وجهة ولا قبلة ؛ ونعلم أن حركة أركو مناوي ما زالت تحاول اللعب "بالبيضة والحجر" ؛ فهو يريد أن يجني من استحقاقات سلام أبوحا دون أن يسدد ما عليه من التزامات لاستحقاقات السلام بحسب ما ورد في الاتفاقية خاصة في تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية. أما الحركة الشعبية بثالوثها " عرمان، أقار والحلو" فهؤلاء هم جزء أصيل من الحركة الشعبية التي كانت شريكاً في اتفاقية نيفاشا التي وصلت إلى نهاياتها بالاستفتاء و قيام دولة الجنوب الوليدة؛ والتي قررت أن تترك أذيال لها بالسودان علها تحقق مكاسب تفاوضية فيما هو معلق من استحقاقات؛ وسنأتي لذكر ومعرفة الأسباب. إذاً أنه تحالف تعساء ضاقت بهم الأرض بما رحبت. المتن: ü أغلب الظن أن هذه الحركات ليس لها أي إستراتيجية تحكم تصرفاتها، أو أنها لا تحسن قراءة المتغيرات التي تفرضها الأحداث من حولها وحولنا، فلو فعلت لكانت مواقفها قد تغيرت الآن تماماً، فإن كانت هذه الحركات تعتقد أن إفرازات الأحداث من حولنا لا تؤثر في القرار السياسي الدولي والإقليمي والداخلي وتفرز تحولات في السياسات والمواقف، إذاً فهي مخطئة تماماً. ü لنجتهد ونعمل العقل قليلاً ونتنبه للحزب الذي يحكم تركيا حالياً وهو حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان ؛ وهو حزب ذو توجه إسلامي أثبت جدارة وحقق نجاحاً في كل المجالات فأصبح ملهماً لكل الحركات الإسلامية التي بدأت تنتهج نهجه بعد أن استلهم أردوغان نفسه تجربة ماليزيا ومحاضير محمد. ويجب أن لا نغفل كيف بدأ الغرب حربه على صعود التيار الاسلامي في تركيا ويجب أن لا ننسى ماذا كانت نهايات حزب الرفاه بقيادة المعلم الملهم نجم الدين أربكان وماذا كانت نهايات حزب الفضيلة، كل هذه الأحداث يحركها الغرب وإن بدا ذلك من فعل قادة الجيش التركي الذي يقال عنه حارس النظام العلماني الأتاتوركي.!! ü إن ما أطلق عليه مصطلح "الربيع العربي" في منطقتنا هو في حقيقته "ربيع الصحوة الإسلامية"؛ إذ شهد صعود التيار الإسلامي الوسطي المعتدل، فها هو حزب النهضة يكتسح الانتخابات في تونس؛ ونشهد صعود تيار الأخوان المسلمين في مصر، أما في فلسطين فحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أجبرت العدو الصهيوني بمفاوضتها بعد أن كانت تنكرها وتعتبرها حركة إرهابية؛ فرضخت أخيراً للتفاوض معها حتى وإن كان بطريقٍ غير مباشر في صفقة ع شاليط التي حررت ألف من الأسرى، وفي لبنان حزب الله، وفي الأردن بدأ صوت التيار الإسلامي يعلو، أما ثوار ليبيا فقد أعلنوا وبوضوح توجههم الاسلامي الوسطي المعتدل منذ أول لحظة بعد انتصار الثورة وانتهاء عمليات التحرير من قبضة الطاغية. ü لا أحد يختلف في إن طاغية ليبيا كان يأوي ويدعم ويموِّل كل الحركات المارقة على الشرعية في بلدانها بالمال والسلاح والتدريب؛ ومنها بالطبع، كل الحركات المتمردة على الشرعية في السودان وأهمها الحركة الشعبية والحركات الدار فورية؛ وقد ساعد الطاغية في تدويل مشكلات التمرد في السودان فوجدت سنداً ودعماً قوياً من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا والناتو والكيان الصهيوني؛ والسبب الرئيس هو محاولة إسقاط ثورة الإنقاذ التي أعلنت توجهها الاسلامي، وحتى تمنع تمدد الإسلام باتجاه القارة الأفريقية، كان لا بد من العمل على فصل الجنوب لإقامة حائط وقائي وسد منيع لوقف هذا التمدد. ü ثمّ قامت أمريكا بتأليب دول الجوار السوداني؛ ففي الشمال مصر التي كان طاغيتها يستعمل فزاعة الإسلاميين للبقاء في الحكم ثم توريثه ، أما في الشرق فتوجد اريتريا وفي الغرب تشاد؛ تم حشد كل هذه الدول ضد الإنقاذ فلم يلن لها قناة؛ حتى ظهرت الحركات حاملة السلاح في الشرق وكانت اريتريا تأوي هذه الحركات وتقدم لها الدعم اللوجستي حتى وصل الأمر لخرق المواثيق الدولية بتسليم سفارة السودان في أسمرا للمعارضة؛ ودبر عمر سليمان على عملية محاولة اغتيال الطاغية مبارك في أديس أبابا فضرب إسفيناً بين الدولتين، أما تشاد فقد تولى ساركوزي وكوشنير المهمة مع تشاد. ثم اكتشفت هذه الدول إن الغرب يوظفها لأغراضه وأجندته وأن لعبة الشطرنج ربما تنقلب عليها، فالقطع البيضاء دائماً تراهن على خسارة وهزيمة السوداء في رقعة الشطرنج. لذا تنبهت هذه الدول إلى أن أمنها الوطني لا ينفصل من أمنها الإقليمي؛ فتكاملت وفق معاهدات وبرتوكولات أمنية تحمي بعضها البعض حتى تتفرغ للتنمية. الحاشية: ü فوجئت أمريكا بثورتي تونس ومصر وما كانت عينها تخطيء أبداً صعود التيارات الإسلامية العقلانية الوسطية المعتدلة؛ رغم المال الذي أنفق بالملايين للالتفاف حول ثورتي تونس ومصر و ومحاولات إجهاضهما بعد أن فشلت كل محاولات الإبقاء ودعم الطاغية مبارك . شعبي تونس ومصر انتفضا لإسقاط نظامين تدعمهما أمريكا وفرنسا؛ لذا انتفض الشعبان لإسقاط الأباطرة المتجبرين منادين بالديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية، أليست أمريكا هي من زعم أنها تساعد على نشر الديمقراطية؟! فلا ضير أن تشرب من كأس التي تزعم أنه نخبها المفضل!! ü في ذات الوقت تغض أمريكا والغرب البصر عما يجري في اليمن والبحرين وتسلط الأضواء وتضخم الأحداث في سوريا ؛ رغم أن نظام بشار الأسد لا يقل تسلطاً عن طاقم الطغاة مبارك، القذافي وزين العابدين ؛ ولكن يحسب له أنه يقف ويقود التيار الممانع والمقاوم لتنفيذ الخطة الغربية التي نادت بها " كوندوليزا رايس " معلنة تنفيذ خطة إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط لتضمن لإسرائيل السطوة والهيمنة على شعوب واقتصاد الدول العربية والإسلامية، فكانت حرب تموز التي هزم فيها الحلف( الصهيويوروأمريكي) الشيطاني. كان انتصار حزب الله على الصهاينة ملهماً لكل شعوب المنطقة التي خرجت تسانده معنوياً بينما تقاعست حكومات وتآمرت أخرى. ü نعلم موقف أمريكا والغرب من الدول أو المنظمات ذات التوجه الاسلامي ومحاولة أمريكا اعتبارها دول مارقة وراعية للإرهاب كإيران والسودان أو دمغتها كمنظمات مقاومة كحزب الله و حماس أو أحزاب كالنهضة وحزب الرفاه ..الخ. لم تجد أمريكا والغرب مناصاً من محاولة التقرب؛ بل والاتصال بهذه التيارات الإسلامية الصاعدة إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع في دول الربيع العربي الإسلامي وذلك من باب { مجبرٌ أخاك لا بطل} وعلينا أن لا نغفل دور الحلف الشيطاني ومعاييره المزدوجة في إجهاض فوز الإسلاميين في الجزائر بصناديق الاقتراع وكذلك فوز حماس بانتخابات السلطة الفلسطينية فحوربت وحوصرت وصنِّفت كمنظمة إرهابية من قبل الغرب الذي يدعي ويزعم أنه يقبل بنتائج صناديق الاقتراع؛ حتى نصل لعملية إجهاض نجم الدين أربكان في تركيا !!. ü أعلنت الإنقاذ في السودان المولد الثاني للدول ذات التوجه الاسلامي بعد إيران ؛ بعد أن أعلن الإمام الخميني للعالم أجمع ميلاد الجمهورية الإسلامية؛ فبدأ الغرب الاستعماري لعبته القديمة المكشوفة " فرق تسد" فحاول ضرب إسفين بين السنة والشيعة وكانت حرب الخليج الأولى لإضعاف الجمهورية الإسلامية ؛ حتى كان فوز حزب نجم الدين أربكان في تركيا التي تجاور إيران والدول العربية ضربةً أخرى قاصمة للغرب. الهامش: ü عندما أعلن عن " الجبهة الثورية" أو ما يسمى" تحالف كاودا " أدركت للتو أن ثالوث الحركات المتمردة لا يجيد قراءة الأحداث من حولها ولا حتى لديه القدرة على تقدير المواقف؛ مثله مثل حكومة جنوب جمهورية السودان التي تستغله كوسيلة للضغط على جمهورية السودان وكأنها لا تعلم أن أغلب خيوط اللعبة في يد الخرطوم؛ وبالتالي من لا يملك القدرة على قراءة الأحداث بدقة، لا يستطيع تقدير المواقف الناتجة عنها، وكيفية التعامل معها براغماتياً والتأقلم مع واقع الحال للخروج بأقل المكاسب دون الكثير من الخسائر كما حدث لها الآن. ü أمريكا والغرب لن تحاول إطلاقاً – وعلى المدى القصير على أقل تقدير – إثارة حفيظة الدول ذات التوجه الاسلامي أو حتى الحركات الإسلامية ؛ على العكس فهي تحاول فتح قنوات اتصال والانفتاح عليها. أمريكا فقدت مصداقيتها منذ أن تم كشف أكذوبة الشعار الخاص بتدمير أسلحة الدمار الشامل التي زعمت أن العراق يملكها لتبرير غزوها له؛ ثم تحول الشعار فجأة إلى زعمها " نشر الديمقراطية "؛ فاكتشفنا إنها ديمقراطية الموت والدمار والتهجير والفساد والسرقة، فأي ديمقراطية تريد أن تنشر وهي تتصف بكل هذه الصفات الرزيلة!!. ü جاء أوباما مدلساً وألقى خطيتان عصماوتان في اسطنبول وجامعة القاهرة؛ فاتضح لنا كيف تمتهن وتحترف الإدارات الأمريكية الكذب الصراح. أمريكا التي تزعم أنها رائدة الديمقراطية في العالم تقف بالفيتو في وجه حق ديمقراطي أصيل للفلسطينيين للانضمام لعضوية الأممالمتحدة محاباة لإسرائيل؛ وها هي أمريكا تحرم اليونسكو مساهماتها المالية في المنظمة - وأيضاً محاباة لإسرائيل- لمجرد أن صوّت أعضائها لانضمام فلسطين عضواً كاملاً في اليونسكو.!! ü حكومة دولة جنوب السودان اعتقدت أن لها من كروت الضغط الصالحة دوماً للعلب بها ولم تدرك أن لكل أجلٍ كتاب ولكل كرت تاريخ صلاحية يفقد بعده قيمته وفاعليته؛ فكان هذا الثالوث التعيس الذي ما أن أعلن عنه حتى خرج من مجلس الأمن متحدث يشجبه باعتباره مهدداً للسلم العالمي ، إذاً أن الثالوث فقد الدعم والمساندة الغربية فأصبح ليس ذا قيمة؛ أما إقليمياً فلا مجال لحرية حركة إلا من خلال الدولة العدوانية الوليدة!!. إذاً أن الرهان على هذا الثالوث هو رهان خاسر لا محالة؛ خاصةً بعد الهزائم التي مني بها في ابيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ؛ فالسودان لن يكون دولة معتديةِ على أي دولة جارة؛ بل أن قواته المسلحة هي لحماية سيادته ووحدة أراضيه وحدوده هي حدود 1956!! ü هل تعتقد حكومة جمهورية جنوب السودان أنها بهذه الورقة الخاسرة ستضغط على السودان لتنساب التجارة والسلع من الشمال إلى الجنوب؟!. هل ما تنفقه حكومة الجنوب على دعم وتسليح وإمدادات لهؤلاء" العواطلية" سيوفر لها الأمن الحدودي ؟! وهل يستحق أن تهدر هذه الحكومة موارد شعبٍ يحبو لبناء دولة من الصفر لتصل للرفاه الذي وعدوا به أبناء دولة الجنوب؟!.. هل بهذه الورقة الخاسرة تستطيع حكومة الدولة الوليدة ضمان انسياب البترول إلى موانئ التصدير لتحقق عائدات لتُشِّيد بها البنى التحتية لدولة وشعب الجنوب؟!. هل هذه العدوانية تجاه شعب السودان تهيئ مناخاً للتواصل الاجتماعي بين شعبي الدولتين؟! . أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة عقلانية من النخب الحاكمة بدولة الجنوب الوليدة بدلاً من ممارسة التضليل الإعلامي والكذب الصراح بما لا يعود عليها بالنفع؛ فهل ستغلب لغة المصالح وحسن الجوار دون العداء غير المبرر؟! هامش: ü باختصار شديد، إن ما يسمى "بتحالف كاودا" أو ما يسمى" الجبهة الثورية "؛ أشبه بمسرحية ممجوجة ومكرورة شاهدها المتفرج في المجتمع الدولي والإقليمي والوطني ألف مليون مرة ، حتى ملّ منها ، وما عادت تجد أو تجذب رواداً للفرجة عليها لأن الكل بدأ يتحسس سبل نقاط التلاقي نحو مصالحٍ مشتركة بدلاً من تأجيج الصراعات ؛ لذا فإنه مجرد تحالف التعساء في زمن غير ملائم ؛ أما المحرض لهم فقد أخطأ قراءة الأحداث وأثبت عدم قدرة على استنباط النتائج من التحولات والمتغيرات الدولية والإقليمية. على النخب الجنوبية أن تكف أن تلعب دور الطفل المدلل المعتمد دوماً على السند والدعم الغربي فالمثل الدارج يقول: ( كثرة الطلة تمسّخ خلق الله)!! ü هل ما زالت دولتنا السنية تسمح بتصدير البترول الجنوبي عن طريق خط الأنابيب وعبر أراضي ومواني السودان لتجني حكومة دولة الجنوب الأموال لتشتري بها سلاحاً تمد به المتمردين لمحاربة السودان؟! .. إن كان هذا يحدث فعلى الدنيا السلام.. ونحن نستحق!!