لم يأتِ قرار حزب الأمة بعدم المشاركة في الحكومة العريضة وفي ذلك الوقت بالتحديد وقُبيل إعلان تشكيلها إلا بمثابة ضغط على الحكومة بحسب مراقبين ومهتمين بشأن الحزب العريق، في وقت تمارس فيه العديد من الجهات وعلى رأسها الحركة الشعبية ضغوطًا على الحكومة في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان من جهة وحول تشكيل الحكومة الجديدة من جهة أخرى، واعتبر كثيرون أن تمنع المهدي من المشاركة في الحكومة وراءه أجندة سياسية بعضها غير واضح الأهداف والمقاصد. وكان حزب الأمة قد أعلن عن لقاء يجمع رئيسه الصادق المهدي ورئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني عمر البشير لبحث عدد من القضايا في مجملها الحوار المطروح حول المشاركة في الحكومة المقبلة حيث أعلن الصادق المهدي في وقتها إنهم حريصون على المشاركة في الحكومة المقبلة وفق شروطهم منذ الإعلان عنها من قبل رئيس الجمهورية وبمشاركة جميع الأحزاب حيث ظهرت العديد من الآراء المؤيدة والمعارضة داخل أروقة الأمة القومي وبرز خلاف واضح في أقرب الأحزاب فكريًا للمؤتمر الوطني وهما حزبا الأمة والاتحادي الديمقراطي الأصل سيما وأن الرئيس البشير لدى تلبيته دعوة الإفطار الرمضاني الذي نظمه حزب الأمة الفيدرالي القيادة الجماعية التنمية بزعامة د. أحمد نهار دعا لوحدة تجمع حزبه والأمة والاتحادي. بينما يوجد صراع يجري داخل الاتحادي الديمقراطي والحديث عن استقالة العديد من القيادات بسبب فصل عدد من القيادات داخل الحزب مما يؤكد وجود فجوة داخل الحزب بين مؤيد للمشاركة في الحكومة المقبلة ومعارض لذلك الأمر بدأ منذ أشهر تؤثر تلك الأوضاع داخل أسوار الاتحادي على ما يجري داخل الأمة القومي، الآن ومع موعد اقتراب إعلان الحكومة أتى إعلان الأمة الرافض للمشاركة بمثابة تذبذب في آرائه قد يخسر جراء عدم مشاركته هذه المرة خاصة وأن حديثًا يدور داخله حول المشاركة فمجموعة بقيادة الأمين العام للحزب صديق إسماعيل تؤيد المشاركة، وتيار آخر رافض لها تتزعمه مريم الصادق في مقابل ذلك يجابه المهدي صعوبة الموازنة بين المجموعتين مما جعل البعض يخشى وصول الأمر مرتبة الانشقاق أسوة بما حدث داخل أروقة الاتحادي الأصل الذي يشهد صراعات بين عدد من القيادات توجت بخروج قيادات تاريخية عن الحزب مثل أحمد علي أبوبكر وحسن هلال وآخرين واعتزامهم توقيع تحالف مع الحزب الاتحادي الذي يقوده جلال الدقير ويتوقع أن يلتئم شمل الأشقاء اليوم السبت. وذهب أستاذ العلوم السياسية عبد الرحيم عثمان إلى القول إن موقف حزب الأمة بعدم المشاركة نهائيًا في الحكومة العريضة يعتبر رأيًا شخصيًا من قبل الصادق المهدي في وقت يرغب فيه العديد من قيادات الأمة في المشاركة في الحكومة وذلك واضح في الانقسام داخل الحزب وتباين الآراء داخله، هذا الإعلان لا يخرج عن كونه نوعًا من الضغط على الحكومة لتنفيذ شروط وطلبات الحزب في وقت تسعى فيه الحكومة لإنهاء أي حوار حول المشاركة في السلطة. من ناحيتها فقد جاء تعليق الحكومة على رفض المهدي المشاركة على أنها بمثابة حسم للحوار من طرف واحد وذلك كما جاء على لسان مفاوض حزب الأمة من جانب المؤتمر الوطني مستشار الرئيس د. مصطفى عثمان إسماعيل الذي وصف الموقف بالجديد وبأنه خروج على متطلبات الحوار وينطوي على تجاوز صريح في وقت كان فيه الأمين العام لحزب الأمة القومي صديق محمد اسماعيل قد أعلن مسبقًا أن الحوار قد قطع شوطًا بعيدًا وأن 80% من القضايا المطروحة تم الاتفاق عليها من قبل الجانبين.. على العموم يبدو أن المهدي «راقد ليه فوق راي»!!