الخوف من المستقبل المجهول شعور لازم الإنسان منذ القدم الأمر الذي منعه من البحث المستمر وبشتى الطرق وبأي وسيلة توفر له ولمن يعولهم الأمن والاستقرار، وفي واقعنا الاجتماعي السوداني نجد أن الشعور الدائم بالخوف هو ما دفع الإنسان السوداني منذ القدم إلى الهجرة خارج الوطن سعياً لتوفير وسيلة حماية له ولأفراد أسرته، ومن خلال الهجرة بالفعل استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم الحماية الذاتية، إلا أن هذه الوسيلة ظلت غير مأمونة العواقب خاصة إذا تعرض الشخص لمرض أو أي حادث يؤدي إلى توقفه عن العمل، مما عرض الكثير من المغتربين لأزمات متلاحقة وذلك لجهلهم بالأنظمة الحديثة للحماية التأمينية المعاصرة، وما توفره من مزايا للأفراد والمجتمعات، ولذلك فإن أنظمة التأمين الاجتماعي الحديثة تعتبر في غاية الأهمية وتعتبر من أهم المكاسب التي تحقق للإنسان مبتغاه عبر مراحل من النضال المرير، كما أن هذه الأنظمة من أهم الوسائل الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى دول العالم من خلال تطبيقها إلى توفير الأمن والاستقرار لأفراد شعوبها وسياسة بلادنا من خلال مؤسساتها تعكس الاهتمام بالمواطن بشكل عام وعلى وجه الخصوص المواطنين العاملين خارج الوطن «المغتربين» ومحاولة ربطهم بالوطن بشتى الوسائل، كما يعكس اهتمام الدولة بالمغتربين وربطهم بالموطن. ٭ يوفر الطمأنينة: وأوضح الأستاذ عبد الباقي فضل المولى أن التأمين الاجتماعي للمغتربين تجربة نشطة في العديد من الدول حول العالم لترقية الخدمات التي تقدمها الدولة للمغتربين وعلمها بأهمية هذه الفئة مشيرًا إلى أن فكرته عبارة عن مساهمات شهريًا تأخذ من المغتربين وتصرف في حالة الشيخوخة أو العجز أو الوفاة وفقًا للضمانات القانونية للمشتركين، لافتًا إلى أهمية الجانب الاجتماعي الذي أصبح أكثر إلحاحًا في ظروفنا الحالية بما نشهده من أزمات متتالية تطال اقتصاديات الدول والأفراد ومعيشتهم ووظائفهم (الأمن الوظيفي) أضاف «إن نظام التأمينات الاجتماعية للمشتركين فيه يوفر طمأنينة واستقرار المغتربين وذلك من خلال المزايا التي يكفلها القانون وفي مقدمتها حصولهم على المعاشات التقاعدية لهم ولأسرهم ومن يعولون في حالات العجز والشيخوخة والوفاة مثلهم مثل إخوانهم العاملين داخل الوطن وفي مختلف القطاعات المدنية والعسكرية، ومن ناحية أخرى وجّه محمد جمال تساؤلاً لجهاز السودانيين العاملين بالخارج.. قائلاً إنني قبل سنوات اشتركت مع غيري من السودانيين العاملين في الخارج بما سمي وقتها (الضمان الاجتماعي أو التأمين الاجتماعي) وتم تحصيل رسوم اشتراك ودفعت كغيري آلاف الريالات والدينارات وقتها؟ واليوم لا نعرف مصيرها؟ بالرغم من وجود مندوب لضمان في السفارة السودانية في الرياض قبل سنوات. ٭ رأي الدين: أجمع أهل الدين والرأي إن كانت فكرة الصندوق والمعاملة فيه قائمة على التكافل والتعاون فلا حرج على الاشتراك فيه أو انتفع بالمال المقبوض منه حال حصول السبب المبيح لذلك؛ ولو كان أكثر من قيمة مساهمته فيه، موضحين إلى أنه يجوز أخذ هذا المال؛ لأنه من باب استرداد الحق. ٭ قانون التأمين الاجتماعي قانون التأمين الاجتماعي للعاملين بالخارج لسنة (1997م) كفل للمغتربين وأسرهم العديد من المزايا والمنافع ويمكن تفصيلها بالمعاشات الدورية التي تشمل معاش الشيخوخة ومعاش المفقود بجانب التعويضات في كافة أحوالها والتعويض الإضافي الذي يمنح عند انتهاء الخدمة بالعجز الكلي المستديم أو الوفاة ويحسب على أساس نسبة من متوسط دخول الاشتراك السنوي وحسب سن المؤمن عليه عند انتهاء الخدمة وفقاً للجدول رقم (7) الملحق بالقانون، كما أن منحة الوفاة تمنح لأسرة صاحب المعاش عند وفاته وقدرها معاش (3) أشهر، مصاريف الجنازة وتدفع لأسرة صاحب المعاش عند وفاته وقدرها معاش شهر واحد، وهذا ما جاء في قانون التأمين الاجتماعي على المغتربين من مزايا ومنافع يضمنها القانون وسيعمل الصندوق من خلال نشاطاته الاستثمارية على تقديم المزيد من الخدمات والفرص الاستثمارية للمشتركين فيه من المغتربين، كما في حالة تعدد الأرامل والأيتام أو وجود الوالدين توزع النسبة المقررة بينهم بالتساوي... هذا كان قانون التأمين الاجتماعي لكن الآن توقف بحجة تعديله!! ٭ توقف التأمين الاجتماعي لماذا؟ وبينما أكدت الأستاذة نجوى هلال مدير إدارة تبسيط الإجراءات أن قانون التأمين الاجتماعي للمغتربين جاء وفقًا لقانون التأمينات الاجتماعية الأول الصادر في عام (1990م) الذي قامت بصياغته المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مع جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج على أساس أنه نظام تكافلي يتيح للمغترب نظام الاشتراك وتوفير مبالغ يستفيد منه في المهجر في حالة نهاية الخدمة أو الوفاة وتختلف الاشتراكات على حسب الفئات، وأضافت أنه تم استفاد عدد كبير من المغتربين من المشروع الاجتماعي، مشيرًا إلى توقف البرنامج مع عام (2003) وتوقف الاشتراك لجدد بحجة أنهم يريدون أن يجددوا في القانون من قبل التأمينات الاجتماعية.