يبدو أن سوقاً جديدة للمزادات الطبية ستلوح في الأفق عقب الحجز القضائي على أجهزة ومعدات قسم الطوارئ والإصابات بمستشفى الخرطوم بحري لعجزه عن الوفاء بمديونية مليارية «بالقديم» منذ العام «2006» لصالح شركات خاصة نظير استجلابها لمعدات طبية للمستشفى، بعد أن أحجمت أو عجزت وزارة المالية عن دفع هذه المستحقات، لهذا فقد استعد منذ الآن السمسار أبو كبلو لهذه الدلالة أو على الأقل لدلالات أخرى مماثلة علي الطريق، و بدأ فتح ملف معلومات عن هذا «الكار» الجديد عليه وبدأ اتصالاته بشركات المعدات الطبية يسأل عن سعر الشراء والبيع للمعدات المستعملة وحمل لستة بأسمائها بعد أن دردش مع الباش ممرض جاره في المربع ودلف على أول شركة: يا إخوانا بالله كم سعر جهاز الرنين المغنطيسي والمقطعية والأشعة العادية والموجات الصوتية وكرسي الأشعة وجهاز الضغط ومناظير الفحص ولمبات سقف العملية وأسرة المستشفيات والنقالات، وقبل أن يواصل المزيد قاطعه الموظف ضاحكاً إن شاء الله تكون كتبت برضو أجهزة المشرحة والإنعاش ويرد عليه مقهقهاً: عليَّ الطلاق كان عرضوها في المزاد ما ني فايته، ويضحك الجميع ويقول له الموظف كدي ورينا عايز بأسعار الحاجات دي كلها عشان شنو؟ ويخرج من جيبه سجارة ويقول اتفضلوا ويمد لهم العلبة لكنهم اعتذروا في لطف ويأخذ نفساً عميقاً لوث به كل أجواء الغرفة، وقال يا أخونا إنتو ما قريتو أن مستشفى بحري حجزت المحكمة معدات طبية وردوا بنعم... ثم عاود من جديد نفث الدخان وتهللت أساريره وقال: طيب نحن عايزين نستعد من هسه للدلالة دي فقال له الموظف لكن هم ما عرضوها للمزاد واحتمال كبير تدفع وزارة المالية المبلغ أو تعمل تسوية وتنتهي القضية... هنا يعتدل أبو كبلو وقال شوفو يا أساتذة أنا زول إستراتيجي بنظر لبعيد وهسه حتى لو اتحلت القضية ما يمكن برضو يحجزوا عن معدات مستشفى تاني وما تقدر وزارة المالية تدفع القروش ويتم عرض المعدات في المزاد، ويضحك الموظفون، وقال له أحدهم: لكن يا حاج ما ممكن تحصل الحاجة دي لأنها بتكون فضيحة في حق الدولة غير إنو المستشفيات دي حتفقد معدات مهمة جداً لحياة الناس وهنا يبتسم أبو كبلو ويقول: أنا بوريكم إنو المسألة دي ممكن تحصل كيف ويأخذ فترة قصيرة من الصمت ثم يتخلص من سجارته بعد أن لاحظ الضيق على وجوه الموظفين من الدخان الكثيف، ثم قال: المسألة دي ممكنة وأبسط مما تتوقعون، ويسارع الموظف الذي بدأ معه الحديث بسؤاله كيف ممكن كدي ورينا؟ ويعتدل أبو كبلو في جلسته ويحس بالزهو عندما لاحظ اهتمام الموظفين وتلهفهم لسماع إجابته، وقال مبتسماً: شوفو يا أساتذة الحكومة حتعمل المزاد بدون ما يرمش ليها جفن لأنها حتقول ببساطة إن الأجهزة المعروضة للبيع منتهية الصلاحية وإن أعطالها كانت كثيرة وإن خطابات اعتماد لاستجالب أجهزة جديدة قد صدر قبل قرار حجز المحكمة كما أن الأجهزة الجديدة عندها مواصفات ممتازة وشُغلها حيكون أفضل بكثير ثم يصمت برهة ويقول رأيكم شنو في التحليل ده؟ ويضحك الموظفون ويقول أحدهم والله يا حاج تقول كنت ناطق رسمي مع الجماعة ديل، وهنا يضحك الجميع ضحكة مجلجلة بينما يهتز أبو كبلو من الضحك وينتفش زهواً كالطاووس ويقول: السيناريو طبعاً ممكن يحصل وما تنسوا أن الحكومة دائماً يصعب عليها دفع مديونيات بعض الجهات في القطاع الخاص لكن ممكن ببساطة توافق على فتح اعتمادات لاستيراد أجهزة جديدة بآلاف الدولارات وبرضو ده ممكن نخش فيه أكان لقينا فرصة لكن طبعاً المسألة دي صعبة ونحن خلاص أخدنا على كار الدلالات وما بنجود حاجة غيرها لكن طبعاً برضو عارفين درب العطاءات وبنعرف شُغُلها التحت والفوق ثم يضحك ضحكته المجلجلة وينظر إلى ساعته ويقول يلا يا جماعة أدوني لستة بالحاجات دي كلها... ويقول الموظف: نحن ما عندنا كل الحاجات دي ويرد أبو كبلو سريعاً: خلاص برضو بتكونوا عارفين سعرها، ثم يبدأ الموظف في كتابة بعض أسعار الأجهزة ثم يقول: لكن يا حاج انت متفائل شديد هسه عايز تسبق الأحداث وتجهز اللستة قبل ما يبيعوا أجهزة أي مستشفى ويرد أبو كبلو ضاحكاً أيو أحسن حاجة تكون جاهز موية ونور لأن المسائل دي عايزه الزول يكون مستعد وجاهز وما تنسى إنو في تماسيح كبار عليَّ الطلاق تلقاهم من هسه تمَّنو على الأجهزة دي حتى لو ما اتباعت يضحك ثم يدس اللستة في جيبه ويقول ضاحكاً يلا يا جماعة نشوفكم في المزاد وطبعاً حنتفاهم بعدين لمن نجي نبيع ليكم.