حفظ التأريخ للسودان عراقة حضارته وسبقها لكثير من الحضارات الأخرى. ولقد مر السودان بحقبٍ مختلفة كان فيها قوة لها اعتبارها في العالم القديم على عهد ممالك كوش ونبتة ومروي القديمة. وقبل آلاف السنين عرفت مملكة مروي القديمة صهر الحديد واستخداماته، وجاءت بعد ذلك مملكة سنار التي استخدمت الحديد في جوانب الحماية والتدريع. ومنذ ذلك الوقت عرف السودان الصناعة الحربية حيث كان الاعتماد على الإنتاج المحلي من الأسلحة البيضاء من ورشها الخاصة وشهدت تطورًا في عهد الممالك المسيحية والإسلامية ثم تطورت في عهد الدولة المهدية «1885 1898» التي أدخلت صناعة البارود واستخدمت بعض البنادق والمدافع النارية القديمة في معاركها. ٭ التصنيع الحديث ومنذ بدأت المحاولات لصناعة وإنتاج الأسلحة وغيرها حيث شهد عهد الرئيس الفريق إبراهيم عبود (1958م 1964م) بواكير الصناعة الحربية الحديثة في السودان إذ تم في عام (1960م) افتتاح مصنع الذخيرة بالشجرة بالخرطوم لإنتاج ذخائر الأسلحة الصغيرة. كما كانت هناك محاولات جادة لتأسيس أفضل وتطوير لهذه الصناعة تحت مظلة المؤسسة العسكرية الاقتصادية على عهد الرئيس جعفر نميري (1969م 1985م). ٭ النشأة والتطور بعد مجيء ثورة الإنقاذ الوطني وتلبية للاحتياجات الدفاعية الملحة وحفظاً للسيادة الوطنية تم تأسيس هيئة التصنيع الحربي في عام (1993م) ويمثل قيامها البداية الفعلية للصناعات الدفاعية في السودان. ولقد اضطلعت الهيئة بمهام أساسية تتمثل في توفير الاحتياجات الدفاعية وإسناد القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وتقديم الحلول لمجابهة التحديات علاوة على تطوير قدراتها الذاتية بما يمكنها من أداء مهامها بكفاءة وفاعلية. ٭ عن الهيئة تعتبر هيئة التصنيع الحربي أساس قيام الصناعات الحربية المتطورة من أجل مقابلة احتياجات الدفاع بالبلاد والمساهمة في نقل وتوطين تكنولوجيا الصناعات الحربية الحديثة وتتكون منظومة الهيئة من المجمعات الرئيسة الآتية: مجمع الشجرة الصناعي: وهو أول مجمع للأسلحة بالسودان حيث وضع له حجر الأساس في السابع عشر من نوفمبر من العام (1959م)، وظل ينتج احتياجات القوات المسلحة من ذخائر الأعيرة الخفيفة وكانت البداية بإنتاج «المدفع براون» و«البندقية ماظ» إضافة لإنتاج ذخيرة الخرطوش وبعد إضافته إلى هيئة التصنيع الحربي (1994م) أُضيفت له قوى عاملة مؤهلة من مهندسين وفنيين وتضاعفت الكميات المنتجة وتم إدخال منتجات أخرى مثل خرطوشة الهاون للأعيرة (60) ملم، (82) ملم، (120) ملم وذخيرة العيار 762 54xوذخيرة العيار 19x9ملم والعيار 108x127مم وقنابل الطائرات شريف 100 وشريف 250 كما يقوم المجمع بإنتاج قطع الغيار اللازمة لهذة الصناعات تحت إشراف إدارة ضبط الجودة. ٭٭ مجمع اليرموك الصناعي تم إنشاؤه في جنوبالخرطوم منطقة الكلاكلات «أبو آدم» كأول مجمع من نوعه في السودان لصناعة الأسلحة التقليدية. بدأت أعمال الإنشاء فيه عام «1994م» وتم افتتاحه في عام «1996م» وهو عبارة عن منشأة صناعية متكاملة لإنتاج الأسلحة والذخائر التقليدية، ويحتوي على خمسة مصانع هي: مصانع القذائف الصاروخية مصانع المدفعية الثقيلة. مصانع ذخائر المدفعية الثقيلة والمتوسطة، مصانع المدفعية الخفيفة ومصانع الأسلحة الخفيفة والرشاشات. ٭٭ بنية تحتية صلبة تستند هذه المصانع إلى بنى تحتية متينة تشمل مصانع لتشكيل المعادن بتقنيات متنوعة ومصانع العُدد وقطع الغيار. ويعتمد المجمع على حزم إدارية متطورة في مجال الحوسبة والمخازن والقوى البشرية وضبط الجودة. ينتج المجمع حالياً ما يزيد عن (30) منتجاً عسكرياً. إضافة لإنتاج مدني واسع في مجالات السكة الحديد، الكهرباء، الأسمنت وبعض مدخلات صناعة السيارات والآليات الزراعية والمطاط والبلاستيك وطلمبات المياه بالمشاركة مع القطاع الخاص، كما يحتوي المجمع على عشرات المخازن لتخزين المنتج ٭٭ مجمع الزرقاء الهندسي تم إنشاؤه في عام (1999م) ببحري منطقة الحلفايا ليتخصص في مجال الاتصالات والإلكترونيات والإلكتروبصريات وكمركز بحوث وتطوير في مجال تجميع وإنتاج أجهزة الاتصالات اللاسلكية والإلكتروبصريات خاصة تلك المستخدمة في مجال الدفاع. ٭٭ مجمع الشهيد إبراهيم شمس تم افتتاحه في سبتمبر (2002م) بمدينة جياد كأول مجمع من نوعه في السودان لصناعة الآليات الثقيلة حيث ينتج المجمع الدبابات وناقلات الجنود المدرعة والمدافع ذاتية الحركة إضافة لبعض الصناعات مثل معدات تحريك التربة كما تقوم بإعادة تأهيل عربات السكة الحديد ومواعين النقل النهري بأنواعها المختلفة، كما بالمجمع مصنع بناء الأجسام وماكينات القطع بالبلازما، والليزر، ماكينة تكسيح الصاج وفرن المعالجة الحرارية لأبراج الدبابات وماكينات اللحام المختلفة وغرف المعالجة السطحية والطلاء للمنتجات وقطاع العمرة والتأهيل وقطاع التجميع. إضافة لقطاع التشغيل الميكانيكي (المخارط، الفرائز). ٭٭ مجمع صافات للطيران تم افتتاحه في العام (2005) بمنطقة وادي سيدنا أم درمان بالقرب من الكلية الحربية وقد أنشئ لدعم القوات الجوية بالتقنيات المواكبة إضافة لصيانة وتجميع الطائرات بالسودان ويضم عدة مراكز: مركز المقاتلات الطائرات المروحية طائرات النقل الطائرات الخفيفة التدريب وأبحاث الطيران كما أنها تصنع أنواعًا من المسدسات والبنادق شبه الآلية والرشاشات والمدافع والهاونات الدبابات القاذفات الصاروخية والراجمات ناقلات الجنود المدرعة والمدرعة القتالية المدولبة الذخائر الصغيرة ذخائر المدفعيات وذخائر الصاروخية ذخائر القاذفات والراجمات وأجهزة تحديد المدى والأهداف بالليزر أجهزة الرؤية الليلية والنهارية إضافة إلى أجهزة اتصالات قصيرة وطويلة المدى عالية التردد. في الحلقات القادمة نتحدث عن الانتاج الحربي اليوم وانطباعات زوار معرض بري والمشاركين فيه عن جناح السودان ومستقبل التصنيع الحربي ودوره في دعم الاقتصاد القومي والعلاقات الخارجية.