أكَّدت الأستاذة عفاف تاور رئيس لجنة الإعلام والثقافة والرياضة بالمجلس الوطني أن مسودة القانون الجديد للصحافة والمطبوعات هي مسودة ومقترح لتعديل قانون الصحافة، مبنيّة على انفصال الجنوب، ورأينا أن هنالك قوانين لا بد أن نعيد النظر فيها، مشيرة إلى أن هذه المسودة تم توزيعها على أكبر شريحة من الإعلاميين والصحفيين إضافة للأحزاب السياسية، وقالت: إن هذه المسودة مطروحة للتداول والنقاش لأننا نريد قانونًا متفقًا حوله ورحَّبت عفاف بانتظار الصحفيين لها وعزت ذلك لتوضيح الخلل موضحة أنهم لمن يعدوا قانونًا لم توافق عليه كل الجهات، وأجابت عفاف تاور في هذا الحوار عن العديد من المحاور والاستفسارات التي وضعتها (الإنتباهة) أمامها فإلى إفاداتها في هذا الحوار: بداية كيف تنظرين لمسودة قانون الصحافة الذي أثار جدلاً واسعاً من قِبل الصحفيين؟ هي مجرد مسودة ومقترح لتعديل قانون الصحافة والمطبوعات، وهو آخر قانون صدر عام «2009م» بموجب اتفاقية نيفاشا عام «2005م»، وبعدها انفصال الجنوب، رأينا أن هنالك قوانين لا بد أن نُعيد النظر فيها من ضمنها قانون الصحافة والمطبوعات، وهي مجرد فكرة من اللجنة، فالقوانين تُعرض للبرلمان بأشكال من هذه الأشكال عن طريق مجلس الوزراء أو عن طريق مبادرة برلمانية من أي شخص برلماني داخل البرلمان، وهذه المسودة هي مبادرة اللجنة للإخوة الذين سبقونا، أخينا فتحي شيلا رحمة الله عليه، وقد عمل فيها بالتعاون مع وزارة الإعلام والصحافة والمطبوعات، ورأوا أن هذا القانون يحتاج إلى تعديل في بعض المواد، وتم تشكيل لجنة، وعندما عملوا النقاط التي يريدونها تم تشكيل لجنة أخرى وخرجت المسودة بهذا الشكل، ثم بعد ذلك رجعت إلى اللجنة مرة ثانية لكي تقدِّمها اللجنة إلى البرلمان، ولكن عندما جئت رأيتُ أنه من الأفضل أن نوسِّع فيها الشورى وتوزيعها بين أكبر شريحة من الصحفيين والإعلاميين منها مجلس الصحافة والمطبوعات ووزارة الثقافة والإعلام والصحفيين وأساتذة الجامعات، وحتى الأحزاب السياسية فتحنا لهم الباب لكي يقوم الناس بإدلاء ملاحظاتهم في القانون لكي نستطيع أن نأتي بقانون متفق عليه، فبعض الجهات مثلاً مجلس الصحافة والمطبوعات واتحاد الصحفيين وحتى الآن توجد بعض الجهات لم تدلِ بملاحظاتها، فنحن غير مستعجلين ولا يوجد شيء يدعو إلى العجلة، خاصة أن الصحفيين قالوا إن قانون عام «2009م» توجد فيه كثير من الامتيازات، وبالتالي ليس هنالك شيء يجعل الناس يعدون قانوناً جديداً، نحن نريد أن نضيف امتيازات وحريات ولا نريد أن نستعجل. وفقاً لما ذكرتِ هل ستكون هنالك لقاءات حوارية مع أصحاب الشأن؟ بعدما تأتي إلينا كل هذه الردود سوف تكون هنالك لقاءات حوارية وسوف تكون هنالك ورشة تُعرض فيها كل الآراء التي ذكرت، بعد ذلك نسمع للمختصين هل توجد جدوى لتغيير هذا القانون وتعديل بنوده أم يبقى قانون عام «2009م» كما هو؟ يعني في النهاية الأمر لأصحاب الشأن وهم الصحفيون أنفسهم، فإذا رأوا أن قانون عام «2009م» لا يحتاج إلى إعادة نظر ولا يحتاج إلى تعديل والناس تخضع له فسوف نخضع له، وإذا رأوا أن هنالك بنودًا يجب أن تتغير واتفقوا على تغييرها فسوف نعمل فيها تغييرًا، وإذا رأوا أنه لا بد أن يكون هنالك تغيير شامل في كثير من القوانين فسوف يُعمل فيها، والأمر في النهاية لأصحاب الشأن، لأننا نريد قانونًا متفقًا حوله ومتعارفًا عليه. لكن هذه المسودة تم انتقادها من الصحفيين أنفسهم؟ الصحفيون انتقدوا من غير أن يتريثوا، قد تكون فعلاً توجد بنود لا يريدونها، ولكن هي فقط مسودة قانون قُدِّم داخل البرلمان، فإذا لم يوافق عليه البرلمان لا يمكن أن يبقى قانونًا، ونحن نريد الصحفيين أن ينتقدوا لكي يوضحوا أين الخلل؟ فإذا اتفقوا في شيء معين في جلسات حوارية فسوف نعمل بما يرونه. هل قانون الصحافة والمطبوعات الجديد يحدُّ من الرقابة الأمنية التي تمثل عائقاً للصحفي؟ نحن أتينا بهذا القانون لمعالجة هذه الأمور، فلماذا أنتم ترفضونه؟ لذلك يجب أن يكون هنالك حوار.. وسوف نأتي بأصحاب الشأن والمختصين في الدولة لكي لا يكون حوار الطرشان، وسوف يشارك عددٌ كبير من أبناء الدولة سواء كانوا مختصين أو معنيين بالأمر لكي يخرج القانون في النهاية قانونًا متراضيًا عليه ووضع حد لمسألة الرقابة، وعندما يخرج قانون يجب الاحتكام به. نفهم من حديثك أنك لا توافقين على الرقابة الأمنية؟ أنا لا أقول أنا ضد الرقابة، ولكن كل شيء له حدود، فكلَّما تجاوزت حريتك ودخلت في حرية الآخرين من المفترض أن يقال لك (توقَّف)، وكل شيء يريد له ضوابط فلا بد أن نضع ضوابط، وهذه الضوابط نحن نتفق عليها. بعيداً عن هذا الجانب، كيف تنظرين للتفاوض مع قطاع الشمال في ظل وضعيته الحالية المرتبطة بدولة الجنوب؟ أنا دائماً أقارن، فنحن عندنا قطاع الشمال في الحركة الشعبية وكذلك عندنا قطاع الجنوب في المؤتمر الوطني، قطاع الجنوب طلع بفائدة (100%) والفترة التي كان فيها في الشمال أُهل لأنه تم إشراكه في كل شيء وعندما أراد أن يذهب إلى الجنوب لم يغذَّ أهله بحقد والعكس قطاع الشمال التابع للجنوب غُذِّي بحقد ليس له حدود ولا يريد أن ينتبه ولا بد للمجتمع الدولي أن يكون شفافًا عندما يقول قطاع الشمال لا بد أن يكونوا عارفين أن هذا قطاع شمال جنوب السودان أو قطاع شمال الجنوب الجديد لذلك لا بد من فك الارتباط ولا يوجد شيء اسمه قطاع الشمال، فالمبدأ من الأساس مرفوض لماذا أبناؤنا لا يفكون الارتباط من ناس انفردوا بدولتهم ومن ناس استخدموهم واستنفدوا طاقتهم وقوتهم لتنفيذ مشروعهم وهو الوصول إلى دولة الجنوب ومصرون ليستخدموهم وينفذوا أغراضهم الشخصية وعكننة الشمال بأبنائهم فالجنوب لا يريد أن يكون كجار يُؤمن من جانب الشمال فهو يريد دائماً المشكلات فإذا لم يتغير الوضع فسوف نكون دائماً في نزاع معهم، ودولة الجنوب الآن تنسى المجاعة والوضع الاقتصادي السيء والوضع الإداري وتتفرغ لعكننة الشمال، فالمواطن الجنوبي مغلوب على أمره والسلطة والقوة في يد قلة قادرة تفرض سيطرتها على الناس فإذا لم ينتهِ هذا الأمر فسوف نكون في نفس المربع. في رأيك لماذا يستعصي فك الارتباط؟ يستعصي فك الارتباط لأن هنالك ثلاثة عناصر من أبناء المنطقتين ولَّوهم أمرهم، الحلو، وعرمان، وعقار، وهؤلاء ليس لديهم مسؤولية وهمهم الأساسي هو إسقاط النظام في الخرطوم ويحسون أن دولة الجنوب تساعدهم من خلال عدم فك ارتباطهم لكي يُسقطوا النظام، وهذه أحلام لا تنتهي لأنه لا توجد شرذمة تُسقط دولة. لماذا يتبنى عرمان والحلو وعقار قضايا المواطنين في النيل الأزرق وجنوب كردفان وهم أبعد الناس عنهم؟ هؤلاء كانوا في يوم من الأيام هم قادة عندما كانوا بقطاع الشمال وهؤلاء القادة أجندتهم مختلفة عن أجندة القاعدة ومن خلالهم تم تحرير الجنوب ويحسون بأن الجنوب يمكن أن يساعدهم لكي يسقطوا النظام ولا يعرفون أن الجنوب حتى الآن لا يستطيع أن يثبت نظامه، فالجنوب نفسه مغلوب على أمره مما يشهده من اعتداءات ونزاعات وانقلابات، قالقاعدة العسكرية التابعة للحلو وعقار لا بد أن تنتبه فأين أولادهما هل معهما في الخلاء؟ لا.. بل يعيشون في أفضل الدول ومن يتبعون لهم من جنود نجد أن ملابسهم (مهلهلة) وعلامات الجوع تظهر على وجوههم ولكنهم في حالة غيبوبة، فهم الآن في حالة غيبوبة لذلك يتبعونهم بسبب ذلك. بالرغم من ذلك هنالك ضغوط دولية على الحكومة، ومحاولات إجبارها على التفاوض مع عقار والحلو وعرمان دون شروط... كيف تفسرين ذلك؟ المجتمع الدولي أعطى فرصة من قبل للسودان في نيفاشا ونفذ لهم ما كانوا يريدونه ويعطونا (الجزرة والعصا) مثلاً: يقولون لو فعلت كذا نحن نعمل لكم كذا مثلاً: نعفي ديونكم وندعمكم والسودان يعمل ولا يحصل على شيء بل تُرفع له العصا ونحن لا ننتبه فالمجتمع الدولي ليس عادلاً فكلما أعطاهم الشمال شيئًا وتنازل عن شيء يقومون بطلب آخر والشمال لم ينتبه فمن المفروض أن يغير إستراتيجيته في التعامل مع المجتمع الدولي. يعني السودان يفتقر لإستراتيجية؟ إستراتيجيته الموجودة الآن من المفترض أن يعيد فيها النظر وخاصة مع المجتمع الدولي. هل نتوقع أن تحني الحكومة ظهرها للضغوط وتحاور القطاع؟ الحكومة تعلن إصرارها على عدم الحوار مع قطاع الشمال لكن (أخشى ما أخشاه) وأنا أتمنى أن لا تعطي الحكومة فرصة للمجتمع الدولي بمعنى أنه لا بد أن يحس المجتمع الدولي بأنه ظلم السودان الشمالي ويحابي السودان الجنوبي على حساب السودان الشمالي لذلك لا بد أن تثبت الحكومة في موقفها، فإذا فك قطاع الشمال ارتباطه بالجنوب وجاء بأبناء الشمال يمكن الوصول إلى الحل، ولكن كلما رهنّا قراراتنا بقرارات المجتمع الدولي فلن نصل إلى حل وسوف تكون (الساقية مدورة). لكن الآن أُرسل فريق من الوساطة لإقناع الحكومة بالحوار مع قطاع الشمال؟ المجتمع الدولي إذا كان نبيهًا فمن أين يأخذ قطاع الشمال مرتباته ومن أين يأخذ اللوجستي وتحركه ووضعه؟ أليس من حكومة الجنوب؟ فمن المفترض على المجتمع الدولي أن يحث دولة الجنوب على عدم دعم هذا القطاع وإنهاء الارتباط معه. فإذا كان متمردو جنوب السودان الذين كانوا معنا في نفس الوضع هذا هل كان يمكن للمجتمع الدولي أن يتدخل، نحن فرَّطنا ومن المفترض كنا نعمل نفس العملية التي يعملونها الآن ونقوم بحفظ متمردي جنوب السودان لنعمل بهم تسوية. كيف تنظرين إلى تضارب الآراء حول تغيير الوفد الحكومي السوداني واستبداله بأحمد هارون والي جنوب كردفان؟ ليس لديّ تعليق في على ذلك. مخاطر استمرار الارتباط؟ مزيد من إزهاق الأرواح ودمار البنية التحتية ومزيد من الاضطراب الأمني، ولا بد أن يكون هنالك حوار حقيقي بين أبناء المناطق الحاملة للسلاح بينهم وبين إخوانهم في الداخل والخارج، ولا بد أن يكون هنالك نقاش ولا بد للحكومة أن توفر عملاً شعبيًا للمواطنين في الداخل مع المواطنين في الخارج عن طريق اللقاءات لأن من هم في الخارج هم أهل للموجودين في الداخل. دور نساء جبال النوبة في المفاوضات؟ لا يوجد نساء مشاركات في التفاوض خاصة في جبال النوبة، ولا توجد فرصة للنساء لكي يفعلن شيئًا، لذلك لا بد من أن يكون هنالك عمل شعبي. هناك انتهاكات لحقوق الإنسان كيف تنظرين لها؟ أنا كقانونية ضد انتهاك حقوق الإنسان وضد الاحتجاز غير المشروع والاعتقال عنده حد محدَّد ونحن لا نريد أن نستغل قانون الطوارئ وأنا ليس ضد الاعتقال وليس ضد التقديم للمحاكمة ولكن ضد انتهاكات حقوق الإنسان وضد الاعتقالات التي تتجاوز زمنها القانوني. أخيراً ما هي رسالتك لأبناء جبال النوبة؟ يجب على أبناء جبال النوبة في قطاع الشمال أن يفكوا الارتباط ويقودوا نفسهم بأنفسهم وينتبهوا إلى أهليهم الذين تشردوا ويجلسوا مع حكومة السودان حتى لو كان بوساطة ويصلوا إلى حل ويبعدوا من الثلاثي لأننا نحس في أنفسنا أن أولادنا لا يقودون أنفسهم بأنفسهم.