الذي ظهر أخيراً بديار المسيرية من مواتر الهمبتة المسلحة والعصابات والقتل والنهب، هذه الظواهر لا تشبه المسيرية في مُثلهم وقِيمهم وأخلاقهم ودينهم وتاريخهم وعامة سلوكهم، فقد حدثت عدة حوادث كثيرة وخطيرة بديار المسيرية تقوم بها عصابات مسلحة ومخيفة تقود أعداداً من المواتر، فأين المسيرية اليوم من مقولة الإمام المهدي المسيرية أبكار المهدية؟ ومقولة الخليفة عبد الله التعايشي المسيرية بالنسبة لي كالشجرة الظليلة ألجأ إليها وقت الهجير؟ فلنقل للمسيرية إن العقيدة هي العقدة التي تمنع انحلال الإنسان وتنظم غدوه ورواحه ورابط كيانه وموحد اتجاهاته، والإسلام منهاج للحياة ينظم كل شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وله في كل جانب من جوانبها تشريع وهدى، والإسلام وحده هو الذي تذوب فيه الولاءات القبلية والعشائرية والطائفية والإقليمية ويتخطى حاجز اللون والعرق ويفجر طاقات البناء والنهضة في إخاء ومساواة تامّة ولنعلم معاً وبيقين تام أيها المسيرية أن الله أقوى من كل كيد ومن كل تدبير وجزى الله الشدائد كل خير فقد عرفت بها عدوي من صديقي، وأين أنتم من مقولة ابن الرومي: تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الضاري، ولي وطن آليت ألا أبيعه وألاّ أرى غيري له الدهر مالكا.. وأن الضربات التي توجه إليك من الخلف ممكن أن تدفعك إلى الأمام بدلاً من أن تجعلك تجثو على ركبتيك، والعقيدة أيها الأهل بديار المسيرية حمر وزرق لا تتعارض مع الأهداف التي وصل إليها الإنسان بمعزل عنها إنما تضيف لها عنصر الإنسانية، فمن اعترضوا قطار السكة حديد بالقرب من مدينة الفولة وأخذوا بعض الأسلحة من حراس القطار وهربوا بها وبرج التقوية هناك من دمره فهذه الأضرار السالبة والتي بدورها أضرار سالبة لكل مواطني المنطقة هذا الجرم الفاعل من المجرم المسؤول عنه أيها المسيرية والديار دياركم وأنتم أهلها وأنتم مع مقولة وبئس الزاد إلى العباد العدوان على العباد؟! وهنا يجب ألا يغرب عن بالنا أن جيلاً واحداً يكفي لأن يرجع بالأمة أجيالاً إلى الوراء إذا ضرب وقمع وسادته الفوضى، ولو بلغت الأمة ذروة المجد، وهنا فإن الحقيقة أفراد القبيلة أنها هي مشاركتهم في الجوهر الخفي السرمدي للجماعة وما يفعله جماعة الاحتراف المتقن في خداع الآخرين ينبغي أن يحاربه المسيرية أهل الديار وهم حتى يعود الأمن والاستقرار لدينقا أم الديار وهنا فإن أقصى ما يطلب توفره لانتصار الحق هو أن يعرفه أهله وأن يعرفوا أنفسهم قبل ذلك ولتعلموا أن الأوغاد ينهالون بالخناجر والسكاكين على المتهم البريء وهو عاجز في أغلاله عن الرد وإن اعترف المهزوم يدفع المنتصر إلى الاستمرار في سطوته وفرض قوته، والحق يظل أقوى والظلم جبانًا وهنا فلنكن كمسيرية مع قول نبينا وصفينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد الله في أمره، وهنا ما أسهل ما ينزلق الإنسان وراء مصالحه وعواطفه وبذلك يغفل عن القيم والمبادئ والأسس التي تحكم الحق والعدل!! وهنا فإن حسن الخلق يستر كثيراً من السيئات كما أن سوء الخلق يغطي كثيراً من الحسنات، فأين أنتم كمسيرية من هذا كله؟ فأدركوا دياركم من هؤلاء التعساء يا أعزاء عرب جهينة يا مسيرية، ولتدركوا أن تبعاً الغزاري كان من المعمرين وأنه دخل على بعض خلفاء بني أمية فقيل له أخبرنا عمّا رأيت في سالف عمرك، فقال رأيت الناس بين جامع مال مفرق ومفرق مال يجمع وبين قوي يظلم وضعيف يُظلم وصغير يكبر وكبير يهرم وحي يموت وجنين يولد وكلهم بين مسرور بموجود ومحزون بمفقود، فأين أنتم من هذا أيها المسيرية ودياركم صار الهمباتة وليس على سروج الخيل وإنما على المواتر يحملون الأسلحة النارية فيقطعون الطرق وينهبون ويسرقون ويعتدون على الأبرياء، ولكن أين أهل دينقا أم الديار من المقولة لعمرك ما الرزية فقد مالٍ ولا شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد حر يموت لموته خلق كثير... وحرم الإسلام نزع الملكية إلا لمبرر شرعي مقابل تعويض عادل، وقل الحق ولو على نفسك فأين الحق مع أولئك الذين يمارسون الهمبتة بديار المسيرية وبأسلحة لا قِبل للبسطاء هناك بقبولها أو دحرها.