أحمد دهب أحد الكوادر الإعلامية المهاجرة بالمملكة العربية السعودية منذ أكثر من ثلاثين عامًا، من أبناء حلفا.. حصل على العديد من الكورسات ونال دبلومًا في الصحافة كما حاز على شهادة خبرة من لجنة اتحاد الصحفيين السودانيين.. شغل أحمد دهب بجريدة (عكاظ) السعودية رئيس قسم الصياغة، وحاليًا المسؤول الإعلامي بهيئة الإغاثة ومحرر متعاون في مجلة الغرفة التجارية.. التقته (نافذة مهاجر) لمعرفة تجربته في الغربة والوقوف على المشكلات التي تواجه المغتربين في المهجر، فكان هذا الحوار: ٭ كيف تنظر لرابطة الإعلاميين التي كُونت؟ للأسف كل أعضاء «رابطة الاعلاميين» لا يمتون للاعلام بأية صلة، لاعتقادهم ان العمل الاعلامي نوع من الترف، وكانت الرابطة تدير دفة الجالية وتتمسك بقيادة هذا التنظيم في وقت تزخر فيه مدينة جدة بافذاذ من ابناء السودان في مختلف المجالات الطبية والهندسية والقانونية والاعلامية وغيرها، وكان بوسعهم ان يقودوا هذه القاطرة الى محطتها الاخيرة، إلا انهم احجموا عن الولوج فيه لادراكهم التام بحجم الفساد المالي والاداري في هذا التنظيم .. والحل الامثل كان يكمن في اختيار هذه القيادات عن طريق الانتخابات الحرة من قبل المغتربين وليس بأسلوب التصعيد!! ٭ لماذا أقيم الملتقى السوداني بجدة ومن يضم تحت لوائه؟ هو كيان جديد أطلق عليه اسم «الملتقى السوداني» في جدة ويضم كل اطياف المجتمع السوداني من الرجال والنساء، وغايته تكمن في العمل الانساني والاجتماعي والرياضي والترويح عن افراد هذه الاسر في مواقع سياحية بجانب الاحتفال بالمناسبات القومية والعالمية في شتى مناحيها، وتمكن هذا الكيان في فترة وجيزة من أن يكون له وجود وحضور واسع ويد طولى في مجال العمل الانساني خصوصاً اولئك المتعسرين من الارامل والمطلقات، وساهم ايضاً في تقديم العون للمتأثرين بالحروب الاهلية في بعض مناطق السودان. ٭ كيف تقيم ما يدور في المنطقة الغربية من مناكفات وخلافات ادت الى هذا الصراع؟ كان لا بد لمثل هذه الخلافات ان تقع وتصطدم القيادات مع بعضها البعض وتسيل من جباهها الدماء في ظل الركض المستمر وراء المصالح الذاتية، وقد جمع هذا الوعاء عناصر قاصرة التفكير لا هم لها الا اغتنام الفرص وتقسيم المغانم، فاحتدمت الصراعات حولها، حتى تدخل السفير خالد الترس وأوقف هذه المهاترات والنيران المشتعلة بعد أن وضع يده في مكمن الداء وهو الاموال التي جمعتها الجالية من جيوب الفقراء والمحتاجين من المغتربين بأسباب لا ترتقي إلى أي معيار حضاري. ٭ هل كان للقنصلية اي دور في هذا الصدد؟ بعد أن تقلد السفير خالد الترس مهامه الوظيفية في القنصلية السودانية العامة بجدة ادرك كل تلك المثالب التى كانت ترقد في جوف الجالية، وكذلك ما يدور فيها من ألاعيب، وتنامت الى أسماعه الاسباب التي ادت الى هذا الحريق المشتعل، فقام باطفاء اواره بكل حنكة، حيث انتزع تلك الاموال التى ادت الى احتدام هذه الصراعات. ٭ ما رأيك في قرار إيقاف أنشطة الجاليات والروابط والجمعيات؟ وهل القنصلية حريصة على الاستجابة لهذا القرار؟ وجد هذا القرار الذي اصدرته وزارة الخارجية السعودية تأييداً كبيراً من كل قطاعات المجتمع السوداني في المملكة، خصوصاً في المنطقة الغربية، حيث اكتوى المقيمون من المغتربين بنيران الجالية وقياداتها.. اما الراوبط فإنها ذيول ذليلة تمضي وراء الجالية دون ان تدرك مثالبها، فكانت تحتاج الى معول حاد لبتر اطرافها، لاسيما أن أعضاءها لا ولاء لهم لتلك المناطق.. وربما كانت الجمعيات وبحكم انتمائها للمنطقة التي انحدرت منها اكثر حرصاً على تلبية النداء من قبل ابناء تلك المناطق .. والقنصلية بالطبع استجابت كثيراً لذلك القرار واحترمته ونشرت تحذيراته على جميع المغتربين.. وهذا القرار لا بد ان يجد كل الاحترام لأنه صدر من الدولة المستضيفة صاحبة السيادة. ٭ المغتربون في السعودية هل مازالوا على العهد بهم يمتلكون كل تلك المثل الحية ام انهم باتوا يغرفون من المياه الآسنة؟ الانسان السوداني وإن مازال يتسم بصفاته الحميدة الا ان هناك ظروفاً صعبة حملته للاغتراف من هذه المياه، حيث بدأت تبدر من بعض فئات المغتربين مثالب عديدة بعد ان ضاقت بها سبل الحياة إضافة للتغييرات التي طرأت في بلاد الاغتراب، وكان المغترب السوداني في السعودية ينال الاحترام من قبل الشعب السعودي لما تركه من آثار طيبة عبر حياته الطويلة في شتى مناحي المملكة.. حيث ان الوافدين الاوائل من ابناء المحس والدناقلة الذين عملوا لسنوات طويلة تركوا هذا الأثر الجميل، فنالوا ذلك الزخم الكبير من الود والاحترام.. غير أنهم في الآونة الاخيرة وبعد ان عرف الانسان السوداني في بلاد الاغتراب طريقه الى السجون، فإن هذه النظرة الجميلة من قبل الشعب السعودي بدأت تتغير.. ولا غرو أن بعض الوافدين من بعض الدول الإفريقية ولتشابه سحناتهم مع سحنات الشعب السوداني كانوا وراء هذه الاسباب، خاصة أن الكثيرين منهم يحملون الجنسية السودانية.. فليت شعبنا الأصيل يعود الى سيرته الاولى، وليت السلطات تراجع كثيراً في منح الجنسية بل وغربلتها وانتزاعها من تلك الفئات. ٭ رسالة أخيرة للمغتربين؟ المغترب السوداني لا يقل شأنه عن الرجل الدبلوماسي في نقل صورة حية ومشرفة عن بلاده.. وهو بهذه الصفة لا بد أن يكون أميناً وصادقاً في نقل هذه الصورة الجميلة، ويعمل كل ما في وسعه حتى يحافظ على عاداته وتقاليده المنبثقة من أرضه، وما جبل عليه من كرم الخصال ودماثة الخلق والصفات الطيبة، وذلك على الرغم من الأهوال التي تعصف به.