سوق البلح بأم درمان أشهر وأقدم سوق متخصِّص في السودان، وحتى وقت قريب كان يحتكر العمل به الشايقية والدناقلة والجعليون، ويُعتبر العمل بتجارة البلح عندهم إرثًا اجتماعيًا تتوارثه الأجيال. الآن الزائر للسوق هذه الأيام يلاحظ الكساد الكبير الذى يعيشُه، والارتفاع الكبير في أسعار البلح بأنواعه المختلفة حيث بلغ سعر جوال القنديلة (1200) جنيه والبركاوي (620) جنيهًا. (الإنتباهة) جلست إلى شيخ تجار البلح العم عثمان محجوب في الحوار أدناه لمعرفة خبايا السوق وهموم هذه التجارة فإلى مضابط الحوار: من أين يأتي وارد محصول البلح إلى السُّوق؟ - من أقصى شمال السُّودان، ومن منطقة حلفا القديمة والسكوت والمحس والدناقلة، ومناطق الشايقية والمناصير والرباطاب والجعليين وخاصة منطقة الباوقة التي تُشتهر بحدائق النخيل.. كم نوع للبلح يُنتج بالشمالية؟ - هناك أكثر من (200) نوع للبلح، ولكن المشهور منها (البركاوي والقنديل والتمود والرش والكُلم: نوع كبير الحجم وهو تمر (سوق) وسعره مرتفع جداً مقارنة بالتمور الأخرى، وفسائله نادرة وأسعارها مرتفعة الكرشا وهو تمر أكل، تراجعت زراعتُه مؤخراً المدين وهو من أجود أنواع التمور الرطبة، ويُستعمل عادة في رمضان وكثيراً ما يُزرع في المنازل المشرق وهو نوعان (ود خطيب ود لقاي) وهو من التمور الرطبة الجاو تمر ينبت (حصا أو بروس) بمعنى أنَّه ينمو من الثمار المتساقطة، و(الجاو) كلمة نوبيَّة تعني كل صنف من التمر ماعدا البركاوي والناس في الولاية الشمالية يقسمون البلح إلى نوعين أساسيَّين وهما البركاوي وهو أفضل أنواع التمور التي تُزرع للتجارة والصنف الثاني هو (الجاو) وهذا أقلُّ درجة من البركاوي، والجاو عالم كبير فكل ما لم يكن بركاوي فهو جاو حتى ولو كان من أجود أنواع التمور ك (القنديلة) مثلاً. عامَّة الناس يعرفون البركاوي والقنديلا فقط... لماذا؟ -(البركاوي) هو أشهر الأنواع وأكثرها انتشارًا في الشماليَّة نسبة لطعمه الحلو وهو النوع التجاري الأول إلى جانب (القنديل) أغلى أنواع البلح سعرًا وأكثرها جودة إلا أنَّ أنواعه قليلة ويتميَّز بحلاوة مذاقه وكبر حجمه. ولكن مؤخراً دخلت أنواع جديدة من أشجار النخيل من العراق والسعودية... فأين إنتاج هذه الأشجار؟ - بعضُها نجح وبعضُها فشل. لاحظت أنَّ أغلب المعروض بالسوق الآن هو بلح الموسم الماضي، لم يُباع حتى الآن؟ - السبب أن السُّوق كاسد، والسبب يعود إلى الإضطراب الأمني في بعض الأنحاء، و بالتالي فإنَّ الغرب والجنوب (قافلين)، و لا يوجد سحب من سوق أم درمان. - كما أن موسم البلح الماضي يبدو فاشلاً، إذ لم يطرح النخيل بلحاً جيداً مثل المواسم السابقة، فالمزارعون احتفظوا بتلك الكمية القليلة في انتظار رمضان. لماذا فشل الموسم؟ - للتقلُّبات المُناخية إضافةً لدخول بعض الأمراض كالحشرة القشريَّة والكرمشة. كم نخلة تُنتج بلحًا الآن؟ - حاليًا (8) ملايين نخلة في ولايتي الشمالية ونهر النيل. - ولكن الناس هناك يقولون إن هناك تناقصًا في أعداد أشجار النخيل بالولاية الشمالية ونهر النيل... - أعمار الأشجار لا تتجاوز (34) عامًا، وعملية الإحلال للأشجار الميتة لا تصل في المتوسط إلى (46%) الأمر الذي يعني وجود فاقد كبير، إضافة إلى تناقص المساحات بين كل شجرة وأخرى مما يعني وجود كثافة تصل إلى (6,3) فيما الوضع النموذجي (8,8) وأبان أن الري للنخيل لا يتم بصورة مباشرة بل من أجل المحاصيل التحتية فيما لا يوجد تسميد كيميائي والاعتماد كله على السماد العضوي فضلاً عن ضعف عملية (التقليم) للجريد الذي يتساقط على الأرض ويؤدي ذلك إلى حرائق، وهنالك أيضاً مشكلة الأرضة والحشرة القشرية أكبر هاجس لأصحاب النخيل بالشمالية منذ العام 1970م وحتى الآن، إذ انتشرت في كل أرجاء الولاية بنسبة (30%)، وأيضاً الفأر الذي ينتشر بنسبة (63%) في مزارع النخيل، وإزالة الأشجار (المذكَّرة) مما خلق أزمة في حبوب اللقاح. زراعة النخيل في الخرطوم... هل حقَّقت النجاح المطلوب؟ - حتى الآن (لا)... رغم أن عددها وصل إلى حوالى (470) ألف نخلة. هل هناك ولايات أخرى تنوي زراعة البلح؟ - نعم... كولاية البحر الأحمر وشمال دارفور وشمال كردفان وولاية سنار.