الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد بعد خروج عائدات نفط الجنوب من موازنة الدولة ونسبة لمعاناة المغتربين وقلقهم على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم فقد أصبح من الضرورة الإسراع في وضع السياسات التي تحفز وتشجع المغتربين على الإسهام في دعم الاقتصاد الوطني وتضمن لهم استثمارات مأمونة ومريحة تطمئنهم إلى مستقبل أبنائهم عند الاستقرار بعد العودة النهائية. وحول كيفية تحفيز الدولة لاستثمارات المغتربين ذكر الأستاذ صديق محمد أحمد مضوي الباحث بمركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان في تقرير له أنه لا بد من التأمين على حقيقتين أولاً المغترب وبحكم أنه لا يتمتع بأي نوع من الضمان الاجتماعي لعمله بالخارج فهو في حاجة للاستثمار أكثر من احتياج الدولة أو المجتمع لاستثماراته حتى يتمكن من تأمين مستقبله، والثانية هناك مخاوف حقيقية لدى المغتربين من استثمار مدخراتهم في البلاد وهي مخاوف تعزيها تجارب العديدين منهم لأداء أجهزة الدولة والبعض الآخر لإدارة أقاربهم لاستثماراتهم. واقترح صديق لدفع عجلة الاستثمار بتلبية احتياجات المغتربين وتبديد مخاوفهم وأن يتم إعداد خرائط استثمارية ودراسات جدوى لمشروعات صغيرة ومتوسطة والترويج لها بين المغتربين عبر السفارات ومجالس الجاليات مع ضمانات كافية بأن تقوم الولايات والمحافظات والمحليات التي تقع هذه المشروعات في إطارها بالتعاون الكامل مع المغتربين الذين يتبنونها ويغامرون بمدخراتهم فيها، وأضاف بضرورة التركيز في الخارطة الاستثمارية على المشروعات الإنتاجية والصناعات التحويلية والورش الزراعية والإنتاج الحيواني وغيره لمصافها في قائمة المشروعات الخدمية، وأمّن على أهمية إعفاء كل احتياجات مشروعاتهم الإنتاجية كالماكينات وقطع الغيار وكل مدخلات الإنتاج من الجمارك وأي رسوم استيراد أخرى سواء كانت لمشروعات فردية أو اجتماعية وحجم رأس المال المستثمر فيها، بجانب إعفاء منتجاتهم الزراعية والصناعية من رسوم الإنتاج وضريبة الأعمال والقيمة المضافة لعدد من السنوات مع تعهد الولاية أو المحلية بشراء المنتج بسعر السوق في حالات الركود. كما اقترح تخفيض سعر المتر للأراضي الاستثمارية ومده بالخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وقود بأسعار تفضيلية، ومنحهم أسعار صرف مجزية لتحويلات عملاتهم الأجنبية والترويج لشهادات الاستثمار الحكومية «شهامة» بين المغتربين في الخارج، وقال الباحث إن تحقيق المطلوبات السابقة من الضروري أن تتبنى الدولة حضانة استثمارية وذلك لرعاية استثمارات المغتربين بالمتابعة والحماية والاستشارات بمساعدتهم في مجالات تخطيط المشروعات والإدارة والتسويق والتمويل وغيره لتصبح مشروعاتهم قادرة على المنافسة وتتبنى الحاضنة الاستثمارية بشكل مباشر وبصفة خاصة شركات المهنيين الجماعية كالزراعيين والمهندسين وغيرهم. وأبان الباحث مضوي أنه لضمان أداء الحاضنة الاستثمارية لمهامها وعدم تعثر استثمارات المغتربين ضرورة شراء المنتجات إذا عجزت الولاية والمحلية عن الشراء.