بعد الحديث الذي نقله الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية للقوى السياسية عبر المؤتمر الصحفي أمس الأول، صار الآن هناك مناخ جيد لالتئام لجنة الدستور الدائم التي ظللنا ننادي بها دون جدوى.. وهو الدستور الذي سيحدد كيف يحكم السودان.. فصل السلطات.. التداول السلمي للسلطة.. التوافق العام الذي سيجعل جميع أهل السودان القوى السياسية تلتف حوله وتستهدي به ويتحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي. والأمر الأول الذي سيحقق الاستقرار السياسي هو الدستور.. ثم إنفاذ مخرجات الدستور في نظام الحكم وآماد الرئاسة واستقلال القضاء، وهذه المسائل والمطلوبات جميعها تشكل قضايا أساسية ليس للقوى المعارضة وحدها وإنما هي أيضاً أحد هموم الحزب الحاكم الذي لم يعد راغباً في الاستمرار منفرداً وبمنأى من القوى السياسية الأخرى. والدليل على ذلك أولاً: الرغبة الصادقة لرئيس الجمهورية في عدم الترشح لولاية أخرى.. وهو صادق في ما قاله وعبر عنه في أكثر من مرة وأمام مؤسسات الحزب الحاكم، وفي هذه المرة أعلنها أمام الإعلام وصار الأمر مثار نقاش وتداول في الشارع العام. وبدلاً من الدوران خارج الحلبة أقول على الحزب الحاكم أن يطرح رؤيته للدستور الدائم على القوى السياسية التي عليها أن تبدي رأيها حوله.. أو ليجلس الجميع حول المائدة ويتداولوا بحرية كاملة حول هذا الدستور الذي ظللنا ننتظر لما يزيد عن نصف القرن دون أن نحرز فيه فقرة واحدة نتفق أو نختلف حولها.. والوقوف هكذا عند الشاطئ والمطالبة أما بإسقاط الحكومة أو إعفائها وتشكيل حكومة محايدة.. فهذا مطلب غير موضوعي وغير مجدٍ طالما أن الحكم القائم راغب في كتابة الدستور.. ويدعو إلى الحوار.. ووحدة الصف وخلق مناخ صحي من الحريات العامة وحرية التعبير إلى أن يكتمل قيام الدستور الجديد. وبحسب النائب الأول فإن الحكومة مستعدة لأن تتفاوض مع هذه القوى سيما أنها تسعى الآن لمحاورة من حملوا السلاح، بل حاورتهم واتفقت معهم والتزمت ببنود الاتفاقيات.. فلا ينبغي على القوى السياسية أن تقف عند خط الصفر.. وتطالب الحكومة بالترجل وخلق مناخ من الفراغ السياسي والفوضى الأمنية، خاصة أن هناك من يترصد بلادنا ويستهدف أمننا واستقرارنا، ومن يخلق لنا المشكلات الجهوية والإثنية، حتى لا يتفرغ أهل البلد لتنمية قدراتهم وتطوير مواردهم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.