اجمع خبراء وسياسيون على ضرورة التريث والانتقال الى حكومة قومية واجراء تدابير عاجلة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي واستصحاب المعالجات في عملية صياغة الدستور الدائم. وقال زعيم حزب الامة القومي الصادق المهدي انه لاسبيل لضمان النزاهة في صياغة دستور دائم الا في ظل حكومة قومية تمثل كافة القوى المعنية وفق تشاور يتفق على آلياته واستحقاقاته ليكتمل في مدة عام . وقال المهدي في منتدى الصحافة والسياسية الدوري بمنزله بام درمان امس ، والذي ناقش دستور السودان القادم، ان اجراء الانتخابات العامة للجمعية التأسيسية امر ضروري لبلورة رؤية قومية توطئة لتأسيس دستور دائم استنادا على جمعية تأسيسية منتخبة من قبل الشعب . واعتبر المهدي ثورات الربيع العربي حركة متأخرة للحاق بالديمقراطية العالمية وانعتاق من الظلم ومفردات الحزب الواحد واقتصاد خصوصي، وتابع « مثل هذه الانظمة الى زوال مهما تعددت شعاراتها ومنهم من مضى ومنهم من ينتظر مهما تنمرت الثورة المضادة « ، واضاف « لابد من الديمقراطية ولابد مما ليس منه بد». وقال ان الدستور الانتقالي كرس لمحاصصة حزبية بين حزبي المؤتمرالوطني والحركة الشعبية، وزاد « دستور نيفاشا كالجبنة السويسرية مخرقة وسرعان ما انكشفت عوراته بعد ان فشل الحزبان في تحقيق الوحدة والتحول الديمقراطي والسلام العادل والشامل» . وطالب المهدي بالاتفاق على مبادئ فصلها للدستور الجديد اهمها ان الدولة السودانية دولة مدنية فدرالية تحقق المساواة بين المواطنين ، وان المواطنة فيها هي اساس الحقوق الزستورية والشعب هو مصدر السلطات، وشدد على اهمية ان ينص الدستور على حقوق المواطن الدينية والثقافية والاقتصادية والسياسية ، ويستصحب مواثيق حقوق الانسان العالمية، واشترط المهدي التزام الدستور بان يقوم التشريع على المشاركة الجامعة وان تكون الاحكام عامة التطبيق مدنية المصادر، وتابع « يجب ان تكون الاحكام ذات المحتوى الديني انتقائية التطبيق «، وقال ان م?وضية الدستور يجب ان تكلف باجراء مشاورات واسعة تعم كل القوى السياسية والمدنية والمناطق المستثناة وفصائل دارفور وشرق السودان بل كافة الاقاليم، مقترحا اقامة مؤتمر جامع لرسم خريطة طريق للدستور الدائم ، وتابع « هذا هو النهج الحضاري الذي يليق بشعب جمرته التجارب السياسية ومارس كل تجربة في معجم السياسة ودفع ثمنها الغالي «. من ناحيتها دعت رئيسة لجنة الشؤون القانونية في البرلمان بدرية سليمان الى الاتفاق حول نتائج ملموسة مثل ماتوصلت اليها ثورات الربيع العربي دون اراقة دماء او لجوء الى العنف وفقا للانتقال السلس والسلمي للديمقراطية الرشيدة ، وزادت «لابد من التوافق حول الدستور، الانفصال كارثة بالرغم من انه كان نتاجا لرغبة الاغلبية ومحاربة الفساد والاعتداء على المال العام وسيادة حكم القانون «، ونصحت رئيس لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان باجازة الدستور عبر جمعية تأسيسية او استفتاء شعبي ، ووصفت وثيقة حقوق الانسان في الدستور الحالي با?جيدة والمميزة، وقالت ان مهام المفوضية القومية تنحصر في مراجعة الدستور لكن من الضرورة بمكان تمثيل كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات القومية في اللجنة القومية لصياغة الدستور، واقترحت ان تختار الاحزاب ممثليها بدلا من رئاسة الجمهورية، وحضت على التوافق لتحديد دستور مرن او جامد بآلية قانونية ، وتابعت « هناك اختلاف حول النظام الرئاسي والبرلماني ومن المهم ان يجد الامر حظا من النقاش والتداول المكثف للوصول الى صيغة واحدة من قبل القوى السياسية «. من جهته ، قال الخبير القانوني البروفسير محمد ابراهيم خليل ان الحديث عن الدستور الدائم مازال مبكرا وسابق لاوانه بسبب تردي الخدمات وانهيار الاقتصاد وانتشار الفقر والجوع واندلاع مواجهات عسكرية في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق، ورفض خليل تسمية الحكومة بالاسلامية وقال «لايمكن للانسان ان يواجه الجوع والفقر والمرض في ظل دولة تدعي انها دولة اسلامية»، وقال ان توفير الخدمات والصحة والغذاء للسودانيين امر ملح وضروري للارتقاء بهم لمناقشة وطرح القضايا الوطنية كالدستور والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، واشار?خليل الى ان طرح قضايا حيوية ومهمة في ظل تدهور البنية التحتية الاجتماعية لن يزيد الامور الا تعقيدا ، ونصح باجراء تدابير اقتصادية واجتماعية وسياسية عاجلة لاعادة بناء المجتمع شريطة ان تتم عملية المعافاة في فترة انتقالية لاخراج البلاد من «غياهب الجب والنفق المظلم « على حد قوله. وقال ان قضايا الدستور والديمقراطية وحقوق الانسان تجد المناخ الافضل في دولة الرفاهية مثل دول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الاميركية . الى ذلك، قال رئيس حزب الوسط الاسلامي يوسف الكودة ، انه لاحرج فقهي حول وصف الدستور بالدائم بعد ان قدم مبررات عكس ما ذهب اليه البعض في الآونة الاخيرة، وتوقع اشتداد معركة الدستور بين الاسلاميين والمنظمات والاحزاب، وتابع « لن يمر الدستور مرور الكرام خاصة من قبل الاسلاميين «، وتساءل الكودة هل الدولة المدنية مقابل الدولة الاسلامية ؟ واستدرك العلمانية تطالب باقصاء الاسلام من مراقبة الحياة العامة، واضاف ان كانت دولة المدنية كذلك فانها فاشلة وباطلة ، وتابع «الدولة المدنية ليست مقابل الاسلام لان المواطنة والحريات وا?تداول السلمي للسلطة اقرها الاسلام قبل كافة الديانات». القيادي بالحزب الشيوعي صديق يوسف دعا الى التريث في تأسيس الدستور الدائم والتفرغ لنشر الوعي في اوساط المواطنين وتثقيفهم حول القضايا الوطنية كالديمقراطية والدستور وحقوق الانسان، وقال ان صياغة دستور متفق عليه من كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الوضع الراهن امر مستحيل، واشترط يوسف الانتقال الى حكومة قومية وفقا لوثيقة مبادئ اساسية لطرح القضايا المختلف حولها لتستمد معالجاتها من الدستور الدائم، وقال ان السلطات منعت منظمة كانت تنشط في التعريف بالدستور في مدينة كوستي ولاحقتهم في قرية نائية بالرغم من ا? محور النقاش كان منصبا حول اشياء فنية وتثقيفية. المسؤول السياسي بحزب المؤتمرالشعبي كمال عمر تمسك باقرار دستور دائم في ظل حكومة قومية بعد ان اعتبر الحزب الحاكم غير مؤهل للحديث عن الدستور ، واضاف « مهما تبارت القوى السياسية فان المؤتمرالوطني لن يتنازل قيد انملة من سياساته التي نعلمها جيدا «، وقال ان قضية الدستور شهدت حراكا مكثفا في الفترة الاخيرة من قبل منظمات المجتمع المدني بالرغم من بروز قضايا اكثر الحاحا مثل الغلاء الفاحش وتدهور الحريات، وزاد « يجب تأسيس دستور دائم على انقاض الحكومة الحالية «، وقال ان المعارضة مؤهلة للانتقال الى المرحلة المقبلة والمضي ?دما في اسقاط النظام ، وتابع « لايمكن ان ننتظر من برلمان الحزب الحاكم اقرار دستور قومي جامع «. القيادي الاسلامي البروفسير الطيب زين العابدين انتقد اقصاء الاقاليم من عملية صناعة الدستور والتركيز على العاصمة بتعيين 90%من اعضاء اللجنة من الخرطوم، وقال ان اكثر من 6 دساتير منذ حقبة الاستقلال جرى اقرارها دون تشاور مع الشعب السوداني بعد ان انزوى اعضاء اللجان في غرف مغلقة بعيدا عن ملامسة الواقع، وقال ان عملية اشراك المواطن في القضايا القومية ترفع درجة الوعي لديه ما يجعله حريصا على استدامتها واستمراريتها.