إن مما لا شك فيه أن مسؤولية العالم هي أعظم المسؤوليات في أمة الإسلام.. والويل.. الويل لكل من تلبس بثوب العلم ودعي عالماً وأحب أن يدعى عالماً، ثم لم يأخذ ذلك بحقه. وجاء في الأمر نكير شديد وفيه تمييز لأهل العلم على غيرهم، بل أن الأمر لم يخلُ حتى من السخريات الصغيرة من أمثال «علماء الحيض والنفاس»، وفي مثال «ألا ليت اللحى»، ولكن من أول ما جاء في عظم المسؤولية قوله تعالى «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون».. وفي المعنى أيضاً أن أول من تسجر به النار يوم القيامة عالم فأوتي به فعرفه نعمة فعرفها.. قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت قبل العلم وقرأت قبل القرآن.. قال كذبت تعلمت ليقال عالم وقرأت ليقال قارئ.. ثم يؤمر به فيسحب على وجهه فيلقى في النار. هذا خيار صعب.. أن يسكت العالم ابتغاء دنيا أو خوفاً من ظالم.. فيكون مصيره ؟أن تسجر به النار يوم القيامة. والخيار الثاني مواجهة الجبابرة.. والشموخ بعزة العلم وعزة الطاعة أمام الظلمة والجبابرة والفراعنة. إن عزة العلم لا تؤهل حامل العلم لأن يشمخ بهامته في وجه الظالم إلا إذا صحبتها ورافقتها عزة الطاعة.. إن تاريخ الأمة مليء بالهامات والقامات منهم ابن أبي ذئب مع هشام بن عبد الملك.. ومنهم أبو حازم الأعرج مسلمة ابن دينار مع سليمان بن عبد الملك.. ومنهم الرباني الأمة والولاة وأهل العلم إلى السلامة.. ويجب أن يتذكر علماؤنا ويتذكر أهلنا ويجب أن ينتبه صاحب السخريات الصغيرة، أن هناك وسطاً ذهبياً في موقف العالم من الحاكم، وقالوا كلا طرفي قصد الأمور ذميم. والأمر ليس مضيقاً على العالم حتى لا يجد من الخيارات إلا أحد اثنين: أحدهما يبغضه الله ورسوله.. والثاني يبغضه الله ورسوله كذلك.. ولكن ربما تحبه نفسه وتحبه نفس صاحب السخريات الصغيرة. إن طرفي قصد الأمور هنا هما الخروج على البيعة أو المداهنة والممالقة على الظلم والجور. إن أهل العلم في السودان اليوم مطالبون بالقصد في التعامل مع أهل الحكم. إن صاحب السخريات الصغيرة يصف أهل العلم إذا مالوا إلى الحاكم وسكتوا عن النصح له، بأنهم علماء حيض ونفاس أو يقول إن علمهم لا يجاوز لحاهم وقفاطينهم.. وربما أضاف وسبحهم إذا كانوا من أهل التصوف مثلاً. إن الذي أراه الآن وأشهد به أمام الله وأخشى أن أُسأل عنه يوم القيامة فلا أجيب، أن أهل العلم في السودان اليوم لا يقومون بواجب النصح لأهل الحكم كما ينبغي.. أي أنهم يخطئون الوسط الذهبي، بعضهم يمليون إلى اليمين إلى ما يقارب الخلل.. وبعضهم يميلون إلى اليسار إلى ما يقارب الخلل.. وقليل منهم من يقف في الوسط الذهبي الذي كان يخشاه الملوك والأمراء والولاة. الإمام الأوزاعي تربل بيروت وقبره إلى اليوم فيها .. وكان يراسل الملوك والأمراء ويصدع ويجهر بالحق.. كل ذلك وهو متحصن بعز العلم.. وعز الطاعة. أورد ابن أبي حاتم الرازي في «الجرح والتعديل» عن ابن أبي العشرين يعني عبد الحميد بن حبيب، قال: لما سوَّينا على الأوزاعي تراب قبره قام والي الساحل عند رأسه فقال: يرحمك الله أبا عمرو فوالله لقد كنت لك أشد تقية من الذي ولاني فمن ظلم بعدك فليصبر. ومنهم الإمام مالك بن أنس سجن وعذب وجلد فلم تلن قناته، ومع ذلك كان يدخل على الأمراء والولاة والحكام، فقيل له إنك تدخل على هؤلاء القوم وهم يجورون ويظلمون. قال يرحمك الله فأين التكلم بالحق؟ أي أن من فقه مالك أن التقرب للسلطان هو مفتاح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لذوي السلطان، ومن الجهابذة الأفذاذ من أهل العلم الإمام أحمد بن حنبل وهو أكثر أهل العلم بلاءً وابتلاءً في الجهر بالحق، وهو الذي أعطى العلم سموقه وشرفه وعزته في محنة خلق القرآن. ومع ذلك فإن أهل العلم مطلوب منهم الوفاء بالبيعة لأهل الحكم رعايةً لحق الله ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأنهم مأمورون بالصبر على جور الأئمة.. وأرى أن الصبر على جور الأئمة لا يكون إلا إذا وقع الابتلاء على العالم في نفسه وماله وأهله.. أما إذا وقع الظلم على الرعية أو على أصل من أصول الشريعة، فليس للعالم أن يسكت وليس له أن يداهن.. وله أن يسلك الطريق الذي يتمثل في النصح للحاكم والمحكوم.. وهو ألا تنصر باطل الحاكم ولا أن تنصر باطل المحكوم. إن أهل العلم اليوم لا يقدمون لأهل الحكم النصيحة الحقة في أمر الدستور.. منهم جماعة كفوا على ذلك ولكنهم متفرقون وكل معجب بفرقته.. فلماذا لا يجتمعون؟ لماذا لا يقدمون نسخةً واحدةً باسم جميع أهل العلم في السودان، والمعلوم والمعروف أن أهل السنة والجماعة ما سموا أهل السنة والجماعة إلا لأنهم اتفقوا في الأصول والكليات.. واختلفوا الاختلاف الجائر في الفروع. أليست مصادر التشريع من الكليات؟ أليس إسلام ولي الأمر وعدالته من الكليات؟ أليست شروط الولاية من الكليات..؟ وهلمجرا هذا في ما يتعلق بالدستور. فماذا عن شأن إدارة الحكم وإدارة الولايات والوزارات؟ لماذا يسكتون على خروقات الولاة والوزراء؟ إذا ما الجرح رُمَّ على فساد ٭٭ تبين فيه إهمال الطبيب هل إذا رُمَّ جرح الإنقاذ على فساد أليس ذلك من إهمال طبيبها؟ وهل طبيبها إلا أهل العلم وأهل الدعوة وأهل القرآن؟ إن الظن بأهل العلم أنهم يعرفون متى يسكتون ومتى يتكلمون وماذا يقولون.. وكيف يقولون وما يقولون.. إن مناصرة الحاكم ليست في السكوت والإغضاء عن أخطائه.. إن هذا النوع من المناصرة لا يزيد على كونه أمراً من أمور الجاهلية، فإن المناصرة الحقيقية أن تكفه عن الظلم وتبصِّره باخطائه وتدله على الصواب. وبهذا تكون قد نصرته ظالماً ومظلوماً بمنهج الإسلام لا بمنهج الجاهلية. { الرافضة يعبثون بقيم الإسلام يبدو أن الرافضة مرشحون في القريب العاجل لما يقض مضاجعهم ويعيد إليهم صوابهم، إن كان أصلاًَ لهم صواب. جاءني أكثر من واحد يحملون مسدساً للأطفال في شكل لعبة عندما تضغط على زر المسدس تخرج منه أصوات وأنوار حمراء تماماً كما يصدر من الرَّشَّاش، وتسمع صوتاً واضحاً يصيح قو.. قو أي Go..Go يعني تقدم .. تقدم ثم تسمع صوتاً آخر أقل وضوحاً من سابقه وكأنه يقول: اضرب عائشة.. اضرب عائشة.. وقد جزم أكثر من واحد أن المقطع يقول.. اضرب عائشة ويكررها. يبدو أن عامة الناس قد تنبهوا إلى أباطيل الرافضة الشيعة أعداء الله وأعداء الملة.. وأنهم سيكونون لهم بالمرصاد.. وأرجو أن تتنبه الدولة ومؤسساتها المعنية بحماية الأمة في دينها ودنياها.. أليس كذلك يا أهل المواصفات؟!