كما وصفه شيخ شعراء السودان عبد الله الشيخ البشير حيث رثاه بملحمة حفظها صاحب نسايم الليل الفريق شرطة إبراهيم أحمد عبد الكريم عن ظهر قلب فيا لطالما طوّف بالضفاف وانتاش بكاميرا خياله المشبوب أروع الصور الناطقة بكل جميل وأصيل ونبيل. أليس هو الذي دوزن على مرسم الجمال تلك اللوحة التي أقامت محاورات درامية شائقة بين أفاويق الجمال وهو ينفذ إلى عوالمه المدهشة من زاوية الصباح وقد أشرقت الأرض بنور ربها العلي القدير ذلك حين قال عتيق المعتق: في رونق الصبح البديع صحت الزهور وبسم الروض الوديع فمن خلال نافذة الصباح يدعونا عتيق المعتق لاستقراء معطيات الجمال التي خلدت في طمأنينة وادعة إلى تلك الظلال الواقعية والمجازية في قوله: ها هي الطبيعة الكون تحلى بمنظره ولي العالمين سفرت بأجلى مظاهره فهنا الروض والظلال والسحر الحلال إذ هما لدى آسر عتيق هم «أظرف حلال» في مفردة عتيق يطالع القارئ والمستمع أول ما يطالع صفاء اللغة وجمال المفردة وسعة المخزون المعرفي وموسيقاه التي تثب عصافير هزجها وثباً إذ الموسيقا في شعر عتيق متلازمة من لزوميات ما لا يلزم في الأنساق وفي السياق. تماماً مثلما قال: أطياره عاشقه أزاهره هي والنسيم في مناظره تكشف حقائق جوهره هي لوحة بل هي آية من صنع البديع ولعلنا نلحظ هنا ما دأب عليه عتيق الشاعر المصور. من رد للجمال إلى صانع الجمال وواهب آياته الباهرات جلَّ وعلا وفي تجربة عتيق شواهد ناطقة بأنصع المعاني وبأجمل الصور وبأشرف العبارات وأفصحها للأخذ بحقيقة القول الشريف (إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرًا). فها هو يقول: نحن صار مجلسنا عامر وفي طرب والنهر منا اقترب والطيور تسجع طرب عاملة مزيكة قرب كما أسلفنا فإن لعتيق المعتق كسوب شتى من التحصيل المعرفي أولها تلقيه في الخلوة ونشأته في بيت والد هو من رواد التعليم الحديث بالسودان هذا فضلاً عن شفعه بالقراءة التي ما انفك عنها وما انفكت عنه إلى وفاته في عام «1993م» بمدينة أم درمان بالغرفة رقم «5» بالسلاح الطبي بأم درمان. فلربما كان ذلك في ذات الموقع الذي ناغم به من الخرطوم مسقط رأسه أم درمان: في النيل بالجهة الغربية انظر معقل الوطنية أم درمان كان عتيق ولعاً بالشعر الفصيح وكان يحفظ (العُمرية) للشاعر الكبير حافظ إبراهيم ويحفظ شعر شوقي بشغف ومحبة ويحفظ للرصافي وبمكتبته بمنزله: بحي ود اللدر بأبي روف كنا نجد ونقرأ دواوين نزار قباني وله إعجاب شديد بالشاعر المرحوم الأمير عبد الله الفيصل آل سعود. .. ومما أذكره أنه قال لي ذات مرة إنه وبمعية الشاعر الكبير مصطفى سند كانا في زيارة للأستاذ العلامة فراج الطيب حيث كان أميناً عاماً للمجلس القومي للآداب والفنون بالخرطوم، فدخل عليهما العلامة البروفيسور عبد الله الطيب المجذوب الذي بادر عتيق المعتق متسائلاً. ولعله قد استمع إلى أغنية (الأوصفوك) فقال العلامة لعتيق وبالحرف: يا عتيق يا أخوي من أين جئت؟ (بغيهب الليل الحلوك هذه؟)! فاستفزّ عتيق ذلك السؤال الإيجابي ولسوف نقف على رد عتيق على د. عبد الله الطيب في الجزء الثالث عن عتيق بإذن الله تعالى.