صباح غدٍ الجمعة، سيتوجه الرئيس البشير في زيارة تعتبر الأولى عقب انفصال دولة الجنوب، إلى جوبا التي أعلنت أن الزيارة ستكون ناجحة، وستؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين، وأن الإرادة السياسية بين البلدين متوفرة لذلك. وكان سفير دولة الجنوب بالخرطوم ميان دوت قد أكد أن زيارة البشير تعتبر إحدى ثمرات اتفاق أديس أبابا، وتعزز الثقة بين الطرفين. وسيستعرض الرئيس البشير مع رئيس دولة الجنوب سلفا كير الملفات العالقة من المصفوفة بين البلدين. زيارة البشير السابقة كانت للمشاركة في احتفال دولة الجنوب بإعلان انفصالها، مؤكداً بذلك اعترافه بحق تقرير المصير الذي اختاره الجنوبيون، ولا أحد ينسى الكلمة التي ألقاها سلفا كير مخاطباً الحفل ليرسل رسالة واضحة أن الجنوب لن ينسى مواطني كردفان والنيل الأزرق. ولم يمض عام على قيام الدولة حتى تدهورت العلاقة بين البلدين ووصلت لإعلان الحرب في منطقة هجليج، بعد اعتداء قوات الجيش الشعبي على المنطقة الغنية بالبترول وانتهت المعركة بانسحاب قوات الجيش الشعبي، وأوقفت جوبا النفط بينما أغلقت الخرطوم حدودها، وتوقفت الرحلات الجوية بين البلدين، وبعد تدخل الوسيط الإفريقي ثامبو أمبيكي وإقناع الطرفين للجلوس حول طاولة المفاوضات بأديس أبابا، وتوصل الطرفان إلى اتفاق، لكن لم يتم تنفيذه على أرض الواقع، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين آخرها المصفوفة الأمنية بين البلدين، والتي بدأ السودان بتنفيذها وانسحب من حدود «56» لتصبح المنطقة عازلة بين قوات البلدين، لكن انسحب الجيش الشعبى بعد أيام من انسحاب الجيش السوداني وبعدها بيوم من انسحاب الجيش هاجمت قوات الجيش الشعبي منطقة رعاة واستولت على أكثر من «50» رأساً من ماشية الرعاة. جملة من التحذيرات خرجت حتى من المواطن العادي كل ما أعلن عن زيارة مرتقبة للرئيس إلى جوبا. نائب رئيس المنبر وقيع الله حمودة شطة قال إن دولة الجنوب في نفسها غير منضبطة التوجهات بمعنى أن لا قرار سياسي متفق حوله في إطار المليشيات التي تسيطر على الحكم هناك، مستشهداً بالصراع المحموم بين باقان ومشار وسلفا على رئاسة الحزب والسلطة. وأكد أن ذلك قد يلقي بآثاره على الوضع الأمني مما يحف زيارة الرئيس البشير لجوبا بالمخاطر. وقال إن كل واحد من هؤلاء القادة يريد أن يرفع من رصيده السياسي بخطوة تقنع الآخرين كقائد، مستشهداً بموقف باقان الشهير إبان إعلان استقلال دولة الجنوب وإساءته وتسببه في حرج الرئيس البشير بقطع الكهرباء أثناء خطابه. وأضاف شطة أن الأوضاع الداخلية وبعد قرار الرئيس بعدم ترشيحه لدورة أخرى ربما أدى غيابه عن البلاد في ظروف كهذه إلى تهديد الوضع الدستوري من خلال الفراغ الذي سيتركه، كما وأن دولة الجنوب ليس لديها عهد، وأن سلفا كير لا يستطيع أن يلتزم بسلامة الرئيس لأنه قبل أشهر قليلة تعرض لإطلاق نار من داخل بيته، وأنه تعرض لسرقة أمواله من داخل بيته ومكتبه مما يشير إلى أن الأمن غير منضبط. الخبير الأمني العميد حسن بيومي استبعد أن تقوم جوبا بخطوة اعتقال الرئيس، لأنها لن تكون على قدر هذه الخطوة الخطرة، ولا يستطيع الجنوبيون تحمل نتائجها أو أي رئيس دولة أخرى لأنها بمثابة إعلان حرب بين البلدين. فهذه الخطوة تعتبر قراراً للحرب. وزاد بيومي «ما في راجل فيهم حا يقدر يتخذ هذه الخطوة». على كل يبقى سفر الرئيس إلى جوبا بمثابة خطوة أقل ما توصف بالخطرة في وقت تشهد فيه صراعات بين قادة دولة الجنوب على رئاسة الحركة بين مشار وباقان وسلفا كير مما يؤكد أن تيار باقان المعروف بكراهيته للشمال، لن يكون من المرحبين بزيارة الرئيس والموقف الشهير من باقان بقطعه للكهرباء خلال خطاب رئيس الجمهورية يؤكد أن أمثال باقان من الصعوبة أن تصبح الثقة متوفرة لديه، لكن تبقى زيارة الرئيس إلى جوبا بمثابة امتحان لدولة الجنوب لتأكيد صدق نواياها، فهل ستنجح جوبا في الامتحان؟