الحاجة آمنة عطية... نصف قرن من الزمان في خدمة تعليم البنات... من (التاية) من بنات كركوج... أحبت التدريس وتعليم البنات وشاركت في تأسيس أكثر من (10) مدارس للبنات بولايات الجزيرة والخرطوم وسنار... وتُعتبر مدرسة المقرن بنات ملكًا خاصًا لها حيث قامت بدفع قيمة أرضها من حُر مالها ولا تزال تملك عقود أرضها.. جلسنا إليها لتحكي لنا عن تجربتها في تعليم البنات ومعاناتها في ذلك في الحوار أدناه: { كيف استطعت أن تلتحقي بالمدرسة في ذلك الزمان وأنت في كركوج؟ دفع العمل التجاري بواحد من أسرة أبو العلا اسمه محمد حسنين أبو العلا إلى مدينة كركوج وتزوج من هناك... وعندما رأى معاناة المرأة هناك في طحن الذرة جلب (طاحونة).. وعندما لاحظ تخلف المرأة في كركوج مقارنة بالرجل عمل على فتح مدرسة لتعليم البنات ومن ضمنهنَّ بناته، وكانت عبارة عن غرفة واحدة.. وتحفيزاً للأسر التي رفضت إدخال بناتها إلى المدرسة بدعوى مساهمتهنَّ في دخل الأسرة بالعمل في الزراعة قام بتحفيز كل طالبة تلتحق بالمدرسة شهرياً. وفي هذه المدرسة التحقتُ ودرست حتى رابعة صغرى.. وفي هذه المدرسة أُعجبت بعمل المدرِّسات وقرَّرتُ أن أصبح معلمة في المستقبل. وهنَّ معلمات تمت استعارتهنَّ من الكاملين وأبو عشر.. وعقب تخرُّجي في تلك المدرسة أُعلن عن فرص لوظائف معلمات بالمنطقة.. ولكن أخوالي رفضوا توظيفي بحجة أنني فتاة ولا يمكن أن أعمل بعيداً عن كركوج.. وأسرعوا بتزويجي حتى يقفلوا الباب أمام رغبتي في العمل كمعلمة.. وقد حدث ذلك. ولكن شاء قدر الله أن يطلقني زوجي بعد أن أنجبتُ ولداً منه.. وهو وحيدي الآن.. وبعد ذلك أقنعتُ والدتي بأن تتركني أحقِّق رغبتي وأعمل معلمة... وقد حدث... ولكن أخوالي قاطعوها... فعملت بمدارس (مهلة وفداسي وود نعمان والرميتاب) للبنات وكانت مدارس تحت التأسيس. {وأين كنتِ تُقيمين؟ مع مفتش الغيط وأسرته.. حيث كانت المدارس بعيدة عن القرى وأهل القرى بيوتهم صغيرة على قدرهم. { حدثينا عن مدرسة الحضري بود مدني؟ مدرسة الحضري بنات بدأت ب (17) تلميذة فقط أغلبهنَّ من أسرة الحضري، وعملت أسرة الحضري على حض المواطنين على إلحاق بناتهم بالمدرسة والترغيب فيها.. ووصل الأمر عندهم بأن منحوا بعض التلميذات حافزاً شهرياً حتى يقنعوا أسرهم بأن يتركوهنَّ يتعلمن بالمدرسة. { كيف انتقلت من كركوج إلى الخرطوم؟ التحقت بكلية المعلمات بأم درمان وتخرجت فيها للعمل بالمدارس الأولية وأصبحت بعد ذلك تابعة لوزارة المعارف. {وعندما كنت معلمة بالصغرى.. إلى أين كنت تابعة؟ إلى المحليات. { ثم ماذا بعد ذلك؟ استقلتُ من وزارة المعارف وأسستُ مدرسة بمنطقة المقرن (مدرسة المقرن بنات الحاليَّة)، وعندما اشتريتُ أرضها وبدأتُ التعليم بها كانت عبارة عن راكوبة وسط عدد من الأشجار. { مَن أشهر زميلاتك في المهنة مع فارق العمر؟ نفيسة عوض الكريم، ونفيسة أحمد الأمين ونفيسة المليك..