المثل السوداني الدارج «الضو ما بقولولو سو» يعطي «إضاءة» قوية حول احتفاء مواطنينا ب «النور» لدرجة أن بعضهم سمى ابنه ب«الضو» وبعضهم ب «النور» وفي المثل تعبير عن كراهيتهم للظلام وبما أن الكهرباء هي مصدر الضوء فقد اعتبرت لدى بعضهم أعظم إنجاز عرفته البشرية خاصة أنها لم تعد مصدرًا للضوءؤ فقط بل ارتبطت بها كل منافع الناس، سابقًا كانت معاناة الناس وقت انقطاع التيار الكهربائي لا توصف لدرجة أن الأطفال يهتفون عند رجوع التيار «الكهربا جات أملو الباقات»، بدخول تجربة عداد الدفع المقدم الذي بلغ من خوف الناس منه أن أطلقوا عليه لقب« الجمرة الخبيثة» على يد المدير السابق للكهرباء مكاوي محمد عوض والتي أرست لدى الناس ثقافة ترشيد الاستخدام كادت المعاناة من انقطاع التيار الكهربائي لساعات وأيام أحيانًا تنتهي عدا في فصلي الصيف والخريف اللذين يشكلان هاجسًا للمواطن و« ناس الكهربا» على حد سواء حيث تكثر الأعطال فيحرم الأول من الاستمتاع بالخدمة وقت حاجته إليها ويكون ذلك سبة في جبين الثانية «الكهرباء»، الإنتباهة جلست مع مدير الشركة السودانية لنقل وتوزيع الكهرباء المهندس علي عبد الرحمن في لقاء لا تنقصه «الحرارة» وكانت هذه «التوصيلة». تفضلوا معنا.. ما إن يدخل فصلا الصيف والخريف حتى يتوجس الناس من انقطاع الكهرباء، الصيف دخل فعليًا فماذا أنتم فاعلون لمواجهته فيما يتعلق باستقرار الإمداد؟ في الأسبوع المنصرم اطمأننا إلى استعداداتنا من خلال زيارتين قمنا بهما لمركز خدمات الزبائن بالسجانة ومركز التحكم في التوزيع بالعمارات، فمنذ دخول أبريل بدأت درجات الحرارة في الارتفاع وهو أحد المؤشرات الأساسية على الإمداد، والمؤشرات الأساسية بالنسبة لنا لقياس ذلك الارتفاع ارتخاء الأحمال وبالتالي لا بد أن نرفع جاهزيتنا، والحمد لله بدأنا مبكرًا منذ شهر أكتوبر «2012» وقد قطعنا شوطًا كبيرًا في برامج الصيانة والتحسين بمشروع فك الاختناقات الموجودة في الشبكة لأنه سنويًا يحدث نمو في الأحمال يتراوح بين «14 16%» وهذا يستدعي توفير توليد يقابل هذا النمو، وفي جانب النقل يستدعي زيادة السعات التحويلية، كما يتطلب زيادة السعات التوزيعية، والحمد لله نحن على استعداد لمقابلة تنبؤات النمو المتوقع لهذا العام، وقد نفذنا عددًا كبيرًا جدًا من مناشط فك الاختناقات في الشبكة على مستوى الضغط المتوسط، وتم تكبير «5» محطات، وخلال شهر مايو سنكون قد أضفنا ثلاث محطات جديدة في شبكة التوزيع، أيضًا أضفنا بعض التعديلات عللى الخطوط واضفنا خطوطًا جديدة، وهناك بعض الإجراءت الإدارية التي نفذناها حيث قمنا بزيادة وكلاء الرد إلى أكثر من «150» وكيلاً على مستوى كل الشبكة ودربناهم، وفي مجال التحكم في التوزيع قمنا بزيادة عدد المهندسين على مدار ال«24» ساعة لتلافي كل البلاغات التي تأتي بسبب ارتفاع درجات الحرارة. قد تكون مطمئنًا من ناحية الإمداد ولكن لا يمكنك الشعور بذات الاطمئنان من ناحية الأعطال، صحيح أنكم أعددتم ما يسمى بالرقم «4848» ولكن لا تتم الاستجابة بسرعة من قِبل الموظفين في ظل ارتفاع تكلفة المكالمة فلماذا لا تكون المكالمة مجانية بالتنسيق مع شركات الاتصالات طالما أنها مكالمة طوارئ؟ هناك تنسيق مع شركة الاتصالات تكلفة المكالمة الآن «7» قروش بدلاً من «14» داخل الشبكة وهي أدنى تعرفة لأننا تبرعنا ب«50%» كمساهمة من الشركة للزبون، ومن خلال رصدنا وجدنا أن أطول مكالمة لا تزيد عن ثلاث دقائق، وقد زدنا وكلاء الرد لنقلل زمن الانتظار، أسسنا المركز في «2010» في الخرطوم وبدأنا في تطويره «2011» وافتتحه الأخ الرئيس ليشمل كل السودان ومازلنا نطور ونسعى الآن ليكون الرد آليًا ليقلل زمن الانتظار فنرسل رسالة للزبائن لأن هناك عطلاً في منطقتهم وأن شركة الكهرباء لديها علم وهي بصدد معالجة العطل ومن ثم لا داعي للاتصال. حتى لو حدث ذلك فستظل الشكوى من عدم وصول فريق المعالجة بعد تلقي البلاغ مباشرة؟ سيأتي الفريق مباشرة، وأقصى زمن للشروع في معالجة العطل ثلاث ساعات، وهو زمن قياسي للبلاغ، مركز خدمات الزبائن لديه شاشة على مستوى الإدارة لمتابعة البلاغات، ونحن ساعون لتقليله لساعتين في «2014»، وفي السنوات القادمة نسعى لئلا يكون هناك انقطاع نهائي بإذن الله. في مؤتمر لنفرة دعم مرضى الكلى نقلت شكاوى المرضى الذين تضطر المستشفيات لإلزامهم بشراء الكهرباء ليتمكنوا من عملية الغسيل فلماذا لا تكون هناك مبادرة من شركة الكهرباء بإعفاء المستشفيات أو دعمها؟ هذا يمثل استهلاكًا عاليًا للكهرباء، والمستشفيات قطاع حكومي تقع تحت مسؤولية وزارة المالية، أما المستشفيات الخاصة فمسؤولية الاستهلاك على الجهة المالكة للمستشفى، وبالتالي لا نستطيع إعفاء المستشفيات لأن الاستهلاك لا استثناء فيه، الاستثناء الوحيد للمساجد تدفع فاتورتها وزارات الرعاية الاجتماعية بالولايات فهي بالنسبة للمساجد مجانية ولكنها بالنسبة لنا مدفوعة القيمة، والتعرفة مرتبطة بسياسة الدولة، فإذا حدث أي تخفيض يخل بميزانية الدولة، ولكن عمومًا الكهرباء لا تنقطع عن المساجد لأن الدفع مقدم ولكننا نعطيها حصتها الشهرية بالدين وتسدِّد لاحقًا. كدولة تتمتع بعدد كبير من مصادر المياه اللازمة لتوليد الكهرباء فهل وصلنا بالمقابل لمرحلة الرضاء حول ما يقدَّم للمواطن من خدمة؟ بالطبع لم نصل لمرحلة الرضاء؛ لأن نسبة المستفيدين تعتبر ضعيفة مقارنة بمحيطنا الإقليمي، صحيح لو قارنا وضعنا بالمحيط الإقليمي الإفريقي فهو أفضل، ولكن إذا قارناه بالمحيط الإقليمي العربي فهي ضعيفة ولا تتجاوز ال«34%» لكن قطاع الكهرباء لديه خطط ممتازة إحداها خمسية وأخرى حتى «2030» تستهدف رفع نسبة المستفيدين من «34 85%» و«القاب» بين «85 100%» نكهربهم بواسطة الطاقة الشمسية للأنظمة المعزولة، وقد بدأنا هذا المشروع في كسلا وبورتسودان وشمال كردفان ونهر النيل، ونستهدف «5» آلاف وحدة حتى «2030» سيكون عدد المستفيدين مليونًا ومائة ألف. كيف كانت نسبة النجاح في المناطق التي جربتم فيها هذا النظام خاصة أنها طرفية؟ نستطيع أن نقول إنها ناجحة ولكنها مكلِّفة لأن المواطن وحده يقوم بسدادها. ألا توافقني أن تعريفة الكهرباء غالية بالنسبة للمواطن؟ إذا قارناه بمحيطنا الإقليمي فهي الأرخص، في المحيطين الإقليمي الإفريقي والعربي الدولة تدعم الكهرباء لذلك تبدو كأنها رخيصة، بالنسبة لنا الدولة رفعت الدعم عن الوقود ولم نزد التعرفة رغم أننا نعتمد بنسبة كبيرة تبلغ «40%» على التوليد الحراري، والتوليد الحراري يعني استهلاك وقود، ومن ثم رفع الدعم لا بد أن يوازيه زيادة في التعرفة، لهذا نطمع في أن تسعى الدولة لزيادة التعرفة بدلاً من تخفيضها «ضاحكا». هذا يعني أنك تدعو لقيام ثورة ربيع عربي.. الاتفاق الذي وُقِّع بين دولتي السودان وجنوب السودان بخصوص النفط إذا كُتب له التقدم هل تتوقع أن يسهم في تخفيض الفاتورة؟ إنزال الاتفاق لأرض الواقع يشكل انفراجًا بالنسبة لنا لأنه يوفر الوقود، لدينا بعض المحطات مصممة على وقود قادم من جنوب السودان مثل محطة «عدارييل». هل وصل المستهلكون للوعي المطلوب فيما يخص ثقافة ترشيد الكهرباء؟ الوضع الآن أفضل بعد دخول نظام الدفع المقدم، لكن مازلنا بحاجة للمزيد بخصوص ثقافة الإستخدام، النظام رشَّد الاستخدام على مستوى الشخص الذي يسدِّد الفاتورة ولكن على مستوى ربات البيوت والأطفال لا بد من توعيتهم باستخدام الطاقة على قدر الاحتياج وهناك مناداة على المستوى الإقليمي والعالمي بكفاءة استخدام الطاقة، وسنحتفل يوم «12» مايو باليوم العربي للطاقة وسيكون الاحتفال في كل الدول العربية وهي فعالية جيدة لكفاء الطاقة، ومن ضمنها نحيي ثقافة الترشيد، وقد بدأنا هذا البرنامج منذ عام «2012» ونستهدف قطاعات عديدة حكومية وصناعية وقطاعات محسنات القدرة، وأيضًا القطاعات السكنية لأن «52%» من الطاقة المستهلكة يستهلكها القطاع السكني، هناك أيضًا بعض القطاعات التي يمكن أن نعمل فيها تحسينًا مثلاً سنجعل في أي مرفق حكومي موظفًا مسؤولاً عن الترشيد وسندربهم لأن أكثر من «19%» من الطاقة المستهلكة يستهلكها القطاع الحكومي لنصل للترشيد الأمثل للطاقة الكهربائية في المرافق الحكومية. حسب علمنا هناك فاقد في الكهرباء خلال رحلتها من المصدر للزبون، ما هو حجم ذلك الفاقد؟ وهل هناك ما يمكن عمله لتقليله؟ الفاقد موجود لأن استخدام الموصلات الكهربائية لمسافات طويلة ينتج عنه فاقد ونحن نعمل الآن في إطار تقليله. وفي التوزيع كان يمثل حوالى «20%» واستطعنا تخفيضه ل«18%» ونسعى حتى «2016» لتخفيضه إلى «14%». هل الفقد ناتج عن عيب في المواعين الناقلة؟ لا، ولكن يمكن أن يكون في الطريقة التشغيلية للمعدات، مثلاً إذا كان هناك خط طويل كلما زدت طوله زاد الفقد، أيضًا إذا لم يكن هناك توازن في عدد الزبائن في المحول يزيد الفقد، الأمية بها 3 خطوط إذا كان الزبائن يستخدمون كهرباء في أحد الخطوط أكثر من الخطين الآخرين فهذا يزيد من الفقد، الكهرباء عندما تأتي في الموصل تتحول إلى طاقة حرارية بدلاً من كهرباء وبالتالي نكون قد فقدناها في المحول أو الموصل وأي معدة عندما تصمم تكون معدة ل«2%» من الفقد، ولكن إذا لم تستخدم بالصورة الأمثل تزيد حجم الفقد لذلك هو موجود في طبيعة المعدة ولكن الطريقة التشغيلية تزيد من نسبة الفقد. في افتتاح مصنع العدادات وجه السيد الرئيس ووافقه الوزير أسامة عبدالله المصانع ببيع فائض كهربائها لشركة توزيع الكهرباء، أين وصل ذلك التوجيه الآن؟ هذا من البرامج الكبيرة، على مستوى القانون متاح لأي جهة أن تبيع فائضها للشركة، ولكن تم تنفيذه الآن في شركات السكر عسلاية والنيل الأبيض وكنانة، فهذه المصانع لديها توليد ذاتي، ونحن لدينا ربط معهم، الآن لدينا اتجاه للربط مع الزبائن في مناطق الضغط المنخفض ليكون هناك استخدام للطاقة الشمسية وأيضًا شركة دال أبدت استعدادها للتوليد الذاتي. سمعنا احتجاجات متكررة على دمج فاتورتي الكهرباء والماء فهل هذه الاحتجاجات مبررة؟ وإلى اي مدى يمكن أن نقول إنها التجربة الأفضل؟ المواطن راض يدفع استهلاكه للماء، وكان يمكن ل«ناس الموية» أن يذهبوا إليه في منزله، ولكن الربط حقق مزايا كبيرة إحداها العدالة لأن بعضهم لا يدفع فاتورة الماء البتة، البرنامج نفذ أولاً في ولاية الجزيرة فشعر المواطن بعدالة فقد كان هناك غبن لدى من يسددون فاتورة المياه تجاه من لا يسددون، وقد نفذت التجربة التي بلغت من العمر سنتين في الخرطوم، وعدد مشتركي هيئة المياه زاد وكذلك التحصيل. ملاحظة: من غرائب الصدف انقطاع التيار الكهربائي أثناء تفريغ هذا الحوار من المسجل ليلاً ولكنه مالبث أن عاد سريعًا.