مهما اختلفت رؤيتنا للغربة إلا أن هدفها واحد، ولكن.. ماهي أحلام المغترب؟ وهل منذ البداية يحدد لها زمناً؟ وكم نسبة الذين حققوا أهدافهم من الغربة؟ لكل واحد منا آمال وطموحات عريضة تنتابه، وعندما يحين وقتها تصطدم بالواقع ويبدأ البحث عن الحلول «الوظيفة ما بتأكل عيش، والسوق ما عندو أمان وعايز رأس مال.. ما في غير السفر بره سنتين تلاتة أكوِّن نفسي وأرجع»، ومن هنا يبدأ محور الغربة الفعلية، وبمرور السنوات يبدأ المغترب في البحث عن الإجابات للأسئلة التي بدأنا بها. إن كانت الإجابة نعم؛ فهل حققت الغاية التي اغتربنا من أجلها؟ ولماذا لم نعد أدراجنا ونرتاح وسط الأهل ونجلس في أحضان الوطن؟ وإن عدنا فهل سنتأقلم مع المجتمع؟ القضية ليست أن الاغتراب بسبب المال، بل أحيانا كثيرة نجدها بسبب التقليد الأعمى بالغير، فالكثير من المغتربين لم يحققوا أهدافهم المنشودة لأنهم ليسوا مغتربين بل مهاجرين، والفرق بين المغترب والمهاجر شاسع وكبير، فمن يزيد اغترابه عن العشر سنوات يعتبر مهاجراً وهو عند الدول المتقدمة أصبح صاحب بلد ويستحق الجنسية، إذن من الصعب تقييم فكرة الأشخاص الراغبين في البحث عن فرص في بلد الغربة أيا كانت هذه الفرص سواء كانت للدراسة أو العمل أو ما بينهما، فبعض شبابنا المغترب يرى أن الوصول إلى بلد الاغتراب حلم ما بعده حلم، ومن ثم يصطدم بواقع لم يكن يمثل «1%» من تلك الأحلام الوردية.. والبعض الآخر يرى فيه تحقيق الذات وسهولة الوصول لتحقيق الأهداف التي قد تتجسد على أرض الواقع عن طريق الإمكانات المتوفرة في تلك البلاد وإمكانية تحقيقه لأمور صعُب عليه تحقيقها في بلده لقلة الإمكانيات.. حياة المغترب بشكل عام صعبه ومؤلمة مهما تخللتها من مواقف ولحظات جميلة، فهو يجد صعوبة في السكن وصعوبة في توفير مستلزماته وصعوبة في العيش بشكل عام على الرغم من محاولته أن يتعايش مع المجتمع، ولكنه يجد نفسه في «ركناً ضيقاً» وهي المساحة التي تركتها له ثقافة دول الاغتراب.. ركن الحرية التي لم يتعود عليها واختلافها عما نشأ عليه واعتاد!! قد ننتقد بعض تصرفات المغتربين وربما نعذرهم في حدود التجربة وليس التمادي، ولكنها تظل صعبة وتحقيق الأهداف فيها أمر ليس بالسهل، ولا يحققه إلا من أجاد التعامل مع ثقافة المجتمع الأخرى الغريبة بالطريقة التي تكفل حقوقه وتسيّر أموره.