{ تفجيرات «بوسطن».. إنعاش قوي جداً لتذكار هجمات (11 سبتمبر 2001م) التي استهدفت برج التجارة العالمية في نيويورك ووزارة الدفاع البنتاغون في واشنطن. في هذا الوقت استهداف «بوسطن».. وغداً ربما سان فرانسسكو أو ديترويت أو تكساس أو هاواي أو ما تيسَّرت لتنظيم قاعدة الجهاد.. الذي يتحرك تحت شعار «الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة». بعد هجمات (11 سبتمبر 2001م) لم تكترث الإدارة الأمريكية لأهمية إزالة ما تسميه «الإرهاب». ولم تعترف بأن هذا «الإرهاب» هو «رد فعل» لفعل تشكل واشنطن جزءاً كبيراً منه هو دعمها لمشروع الاحتلال اليهودي الصهيوني في فلسطين وسوريا ولبنان وكانت مصر معها لولا اتفاقية كامب ديفيد الاستعجالية. إن الولاياتالمتحدةالأمريكية ساعدت الأفغان في تحرير أرضهم من حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية قبل انهياره، لكنها لم تساعد العرب في تحرير أرضهم من اليهود الذين ورثوا احتلالها من وزارة المستعمرات البريطانية. وذلك لأن واشنطن كانت تريد هدم الاتحاد السوفيتي الشيوعي الذي كان يشكل بوجوده إلى حد كبير توازناً للقوة الدولية لكن الطبيعة الطغيانية الاستبدادية للشيوعيين هي التي كانت عنصر هزيمتهم من المخابرات الأمريكية ليخلو لواشنطن الجو فتحمي وتدعم إسرائيل وتبسط مزيداً من النفوذ في المناطق الغنية بالموارد السطحية والعُمقية. «نسبة إلى سطح الأرض وعمقها». وبعد اثني عشر عاماً من هجمات سبتمبر وتعيين وزير للأمن الداخلي بعد ذلك لم تنجح أكبر وأقوى دولة في العالم في تجفيف عوامل عدم الاستقرار الأمني. وذلك لأن الخطابات السياسية والخطط الأمنية كانت وما زالت مستفزة جداً، وهي بالتالي تبقى مُحفِّزة لمنسوبي تنظيم القاعدة الذي يقوده الدكتور أيمن الظواهري.. فواشنطن زادت الطين بلة. وحتى لو لم تكن هناك أساليب مستفزة من واشنطن فيكفيها إثماً سياسياً إنها تدعم إسرائيل، وهي التي ساعدت من قبل على تحرير أفغانستان ثم قامت باحتلالها، وهي التي ساعدت على تحرير الكويت لكنها احتلت العراق، وإذا كانت الولاية المتحدة دولة محترمة وليست دولة شعب ساذج أبله معظمه مواطنون «درجة ثانية»، وأن مواطنة الدرجة الأولى يستحقها فقط الوايت أنجلو ساكسون واليهود، لمَّا عرَّضت أمن مواطنيها لخطر تنظيم القاعدة. أو لأي خطر من أية جهة تريد أن تحسبه على تنظيم القاعدة. ربما تعلم واشنطن أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي والدعم الأمريكي لإسرائيل لن يستشرقا أملاً في مكافحة وجود ما تسميه الإرهاب في الولاياتالمتحدةالأمريكية. فمثلاً تنظيم القاعدة يعتبر أن أمريكا وإسرائيل وحلفاءهما في العلن والخفاء كلهم «كيان عدواني» واحد. وإذا كان تنظيم القاعدة هو الذي قام بتفجيرات «بوسطن»، فإن هذا يكون رسالة رد على الخطط الأمريكية الأمنية لما بعد «11» سبتمبر، ورسالة رد قوية على قتل زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.. وكانت مقولة بن لادن بعد أحداث «11» سبتمبر هي «لن يكون الأمن فلي أمريكا إذا لم يكن في فلسطين» وقد أطلقها وهو يُقسم بالله. إذن الصراع بين «الفعل» ورد الفعل ما زال قائماً. إن الفعل هو احتلال إسرائيل وحماية ودعم واشنطن لهذا الاحتلال على أرض المسلمين والعرب. إن القرآن الكريم يقول: «كفى الله المؤمنين القتال».. لكن يقول أيضاً: «كُتب عليكم القتال وهو كره لكم». إذن هذا يدل على أن الحرص في الإسلام على السلام والأمن والاستقرار، وليس على القتال. ولا يكون تحريض المؤمنين على القتال إلا لتحرير الأرض ونزع الحقوق، وهذا ما ينبغي أن تفهمه الإدارة الأمريكية ومخابراتها. أو تواجه أقدارها وهي تدعم الاحتلال وتحميه على أرض المسلمين. إن لكل فعل رد فعل، ففعل الاحتلال رد فعله هو المقاومة من قريب أو بعيد. لذلك لا أجد حصافة وذكاءً في خطابات سياسية لبعض الجهات تتحدَّث عن التعاون مع الأمريكيين وبطريقة غير مباشرة مع الإسرائيليين في مكافحة ما يسمى الإرهاب.