تزخر الولاية الشمالية بالعديد من الموارد الاقتصادية المهمة التي تحتاج إلى تفعيل حتى تصبح موردًا يدر على خزينة الولاية ما تتمكن به من تنفيذ خدمات التنمية ولكن ما يعيب هذه الولاية المترامية الأطراف والتي تبلغ مساحتها حوالى « 348697 ألف كلم2 » هو قلة عدد السكان والذي لم يتجاوزحتى الآن «السبعمائة ألف نسمة» وهو ما يعادل سكان واحدة من محليات ولاية الخرطوم، لكن ما يميزها هو تمتعها بعدد من الموارد أهمها الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة والتي تصل إلى أكثر من «85%» من الأراضي الزراعية بالشمالية بالإضافة إلى وفرة مياه الري بكميات كبيرة سواء كانت من نهر النيل أو من المياه الجوفية أضف لذلك وفرة المعادن مثل الذهب والحديد والنحاس وغيرها إضافة إلى الثروة السمكية في بحيرة النوبة بالإضافة للمورد السياحي في العديد من المواقع السياحية في مروي وكريمة والدبة والقولد والبرقيق وحلفا. ففي المورد السياحي نجد أن محلية البرقيق والتي بها حضارة كرمة وقد أنشأت الحكومة متحفًا يحوي محتويات هذه الحضارة الضاربة في جذور التاريخ حيث تم افتتاح المتحف في العام «2009م» والذي جمعت بداخله كل آثار تلك الفترات التي عاصرتها حضارة كرمة بداية من العصر الحجري ثم العصر الوسيط ثم العصر الحديث بالإضافة إلى التراث الإسلامي بالموقع، فهذه المنطقة بها مورد سياحي يمكن أن يشكِّل مصدر دخل لخزينة الولاية إذا وجد الاهتمام الكافي والترويج المناسب، إذن كيف يمكن الاستفادة من هذا المورد الهام في ظل تراجع نسبة الموارد الأخرى؟ مديرة السياحة بمحلية البرقيق عبير رمضان تشير في حديثها ل«الإنتباهة» أن محلية البرقيق بها عدد من المواقع السياحية والتي تتمثل في« موقع أبوفاطمة الأثري والذي به قبة أثرية، وموقع كرمة وبه متحف كرمة والذي يحتوي على الآثار التي أخرجتها البعثة السويسرية و تتمثل في «الموانئ الفخارية الخزف الأواني النحاسية تماثيل لملوك مملكة نبتة مصنوعة من حجر الجرانيت والذين يمثلون أسماء ملوك لتلك الفترة أمثال «تهارقا، سكامنسكن أنلماني، أسفلتا، وغيرهم من الملوك بالاضافه لهياكل عظيمة تحمل معاني ودلالات لتلك الحقبة التاريخية بالإضافة إلى بعض أدوات الزينة والعاج كما تمتد لتشمل موقع «دكي قيل» في كرمة والذي تقوم البعثة السويسرية بعمل الحفريات فيه، وموقع الدفوفة الشرقية وبه «الجبانة» وهي من المقابر الرئيسية لحضارة كرمة كما يجود مركز الدراسات النوبية بكرمة وكذلك من المعالم المهمة في تلك المحلية قصر الملك طمبل في جزيرة أرقو بالإضافة إلى وجود القباب الإسلامية في كرمة، وتضيف مديرة السياحة بمحلية البرقيق أنه حتى تتم الاستفادة من هذه المواقع السياحية والتي تمثل موردًا اقتصادي فلابد من وضع خطط مدروسة لتأهيل المواقع الأثرية وتسويرها وتفعيل القوانين المتعلقة بحماية الآثار بما يطابق المعايير العالمية للحماية وإشراك الجهات البيئية في برنامج الحماية وتوعية المجتمع المحلي بأهمية السياحة كمورد اقتصادي والاهتمام بالآثار الإسلامية في المنطقة، وتشير مديرة السياحة إلى أن معوقات السياحة تتمثل في حداثة إنشاء المحلية وعدم تهيئة مكتب السياحة فيها تهيئه تليق بأمر السياحة، وعدم وجود الترويج المناسب للقيمة الأثرية بالمنطقة وعدم معرفة المواطن بالقيمة المهمة للسياحة، وعدم اهتمام الجهات الرسمية بأمر السياحة، وعدم وجود منشآت إيوانية تأوي السياح وتمكنهم من قضاء أكبر فترة ممكنة وعدم وجود منتزهات سياحية بالمحلية. بينما يرى مختار محمد عثمان مدير متحف كرمة أن المتحف الذي يحوي بداخله جميع الآثار في جميع الحقب التاريخية بحضارة كرمة يعتبر موردًا اقتصاديًا مهمًا ولكن الموقع ينقصه العديد من المباني الأساسية والتي أهمها «الحمامات والمواقع الإيوائية بالإضافة إلى عدم ربط المواقع السياحية بالمواصلات والطرق حتى تسهل عملية طواف السياح وعدم وجود كافتريات بالقرب من المواقع السياحية» مشيرًا إلى أن أكثر الرواد والأجانب دائمًا ما يأتون في فصل الشتاء في حين إن الرواد المحليين يأتون في العطلات الرسمية والمناسبات المختلفة واصفًا العدد اليي يأتي من الرواد بالمعقول مشيرًا إلى بعض المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام الاستفادة الكبرى من القيمة الأثرية للموقع والتي تتمثل في ضعف الترويج وافتقار الكوادر للتدريب بالخارج، وضرورة وجود الصناعات اليدوية بالقرب من الموقع مشيرًا إلى أن متحف كرمة يعتبر أول متحف يكون بالقرب من المواقع الأثرية مناشدًا حكومة الولاية الشمالية الاهتمام بقطاع السياحة والالتفات لمعوِّقات العمل السياحي حتى تتم الاستفادة القصوى من مواردها. عمومًا فإن كانت السياحة تشكل موردًا اقتصاديًا هامًا في العديد من الدول وتمثل عائدات السياحية جزءًا من ميزانية تلك الدول كما في مصر التي تجني من السياحة 40% من نسبة الميزانية فإن على الحكومة السودانية أن تضع الاهتمام بموارد السياحة نصب أعينها خاصة وأن الحكومة فقدت جزءًا من عائدات البترول بعد انفصال الجنوب.