ردَّت جمهورية مصر اعتبار الرئيس محمد نجيب.. هل يردُّ السودان اعتبار الرئيس إبراهيم عبود... متى؟. في ذكرى ما يُسمَّى (ثورة 21 كتوبر) كل عام، لا يزال قدامى خصوم الرئيس عبود من العقائديين السابقين، يطلقون كل عام قنابلهم الصوتية لإرهاب السياسيين، بعدم إتخاذ القرار المنصف برد الإعتبار، ذلك القرار الذي يترتّب عليه تصحيح التاريخ وتقويم الزيف السياسيّ ورسم خارطة طريق إلى المستقبل، مستقبل بدون حزبين عقائديين وبدون حزبين طائفيين. وهذه الضحية الكبرى علام؟. لماذا هذا الصخب كل عام، في ذكرى رحيل الرئيس إبراهيم عبود؟ لماذا في كل عام يتسرَّب (البدو) إلى الأسِرَّة الملكيَّة العريقة، وبهائها وأناقة تفاصيلها، ودقائق طقوسها ورقائق مراسمها؟. فللأحزاب السودانيَّة العقائدية والطائفية علاقة بالحريات السياسية واحترام الإنسان والديمقراطية الليبرالية، إذا كان للبداوة علاقة بالحضارة. لكن لماذا في كل عام يتسرَّب (البدو) إلى الأسرَّة الملكيَّة وينامون في قصر بكنجهام؟. لماذا هذا الصخب الحزبي في (21 أكتوبر) من كل عام، في ذكرى رحيل الرئيس إبراهيم عبود؟. هناك سبب وحيد، وهو أن عدداً كبيراً من السياسيين الحزبيين، هم شيوخ يحتفلون بعيد ميلادهم السياسي، ويرفضون إدانة (ثورة) أكتوبر لأنها دشنتهم سياسياً، وكانت عيد ميلادهم السياسي. فهذه الندوات والأعياد السياسية السنوية، هي احتفال بأعياد ميلاد سياسية لأشخاص، وليست احتفاء بإنجاز وطني. الذين يحتفلون ب (ثورة أكتوبر) زادوا عن الثمانين أو يقاربون الثمانين من أعمارهم المديدة، ولكن من الواضح برغم مرور نصف قرن ، لكن (الشاب الثلاثيني) في داخلهم لم يتطوَّر بعد، ولم يزل يُكابر بمشاعر السياسة الطلابية في الستينات... شاب ثلاثيني لا يعبِّر عن تراكم خبرة وتجربة خمسين عاماً أو تزيد من عمره. لم يزل (الشاب الثلاثيني) في داخلهم يكابر، بأنَّ (ثورة) 21 أكتوبر عيد للحرية السياسية، والحرية الحزبية. علماً بأنها أحزاب لا تمارس الحرية السياسية في داخلها، وتنقلب على الحرية السياسية عسكرياً، كلما انهزمت ديمقراطياً. وسلسلة الإنقلابات العسكرية الناجحة والفاشلة في السودان منذ الاستقلال، هي وثيقة الإثبات. إن المحتلفين ب (21) أكتوبر شيوخ، لكن لا يعتبرون. لقد تورَّطوا في كارثة (ثورة أكتوبر)، لدرجة لا تسمح لهم بالتراجع. تورُّط يمنعهم من النظر إليها بعقل نقدي، رغم مرور (94) عاماً على رحيل الرئيس إبراهيم عبود. كان التصرف الحكيم الذي تمليه التجربة، هو الإعتذار عن خطأ (ثورة) أكتوبر بدلاً من الإحتفال. وفيمَ الإحتفال؟. في السياسة الإحتفال الحقيقي يتمُّ بالإنجاز، وليس بعيد الميلاد السياسي. لو كانت أحزاباً حقيقية، لما احتفل نفس الأشخاص، هم أنفسهم، الذين كانوا قبل تسعة وأربعين عاماً، ولاحتفل الحزب، ولاحتفلت الأجيال الجديدة في الحزب، ممَّن تبعوهم بإحسان!. لولا هذا الشعب يعفو عن كثير، لأصبحت ذكرى (21 أكتوبر) يوم لا ينطقون... ولا يؤذن لهم فيعتذرون!. (21 أكتوبر) هي بداية انحدار السودان إلى القاع. لقد أزاحت (ثورة) أكتوبر السودان عن طرق التقدَّم، وأدخلته دهليز التخلف وفقر القرون الوسطى. لم يزل السودان يصارع سلاسل وأغلال وسعيراً، سلاسل الفقر وأغلال التخلف وسعير البؤس، التي وضعها عليه من زعموا إزاحة الرئيس إبراهيم عبود، الذين لا يزالون يشتهون الحكم... حتى يكونوا حَرَضاً... أو يكونوا من الهالكين... الذين لا يزالون يشتهون العودة إلى الحكم... على أرائك الإنتظار الأبدي... ينظرون. لكن مَن أزاح حقيقة الرئيس إبراهيم عبود عن الحكم؟. الإجابة هي أن الذي أزاح الرئيس عبود عن الحكم، عدد من ضباط الرُّتب الوسيطة والصغيرة المُسيَّسين، الذين تحركوا ضده. لقد سقط الرئيس إبراهيم عبود ب (فعل عسكري)، وليس ب (ثورة شعب). مثلما سقط الرئيس جعفر نميري ب (فعل عسكري)، ولم تسقطه (انتفاضة الشعب) في أبريل 1985م. الشعب لم يُسقِط الرئيس إبراهيم عبود. الأجيال الجديدة يجب ألا تُصدِّق أن الشعب قد ثار ضدَّ الرئيس إبراهيم عبود. هذه دعاية سياسية. على الأجيال الجديدة ألا تُصدِّق أن النقابات والمثقفين هم الذين أزاحوه عن الحكم. هذا ادعاء سياسيين يعانون تضخُّم الذات، ولا يمتلكون أدوات التحليل السياسي. قال الرئيس إبراهيم عبود (أحكموا علينا بأعمالنا). غداً نستعرض عدداً من إنجازات الرئيس إبراهيم عبود الخالدة.