تعتبر مستشفى كسلا من أعرق المستشفيات في السودان حيث أنها تأسست في العام 1915م إلا أن هذا المستشفى أصبح أحد أخطر مهددات السلامة الصحية بولاية كسلا بدلاً من معالجة المرضى ورفع المعاناة عنهم بسبب الإهمال المخيف الذي تعانيه هذه المستشفى. حيث أصبحت دون غيرها من المؤسسات الحكومية مكباً للأوساخ والقاذورات ومرتعاً للقطط والكلاب الضالة، كما أن نوافذ المستشفى تطل على الشارع العام وتغري كل من تقطعت به السبل للولوج إليها عبر هذه النوافذ. «الإنتباهة» قامت بجولة داخل ردهات المستشفى الآيل للسقوط والمكتظ بالمرضى ومرافقيهم لتكشف المثير الخطير من الإهمال والتردي الواضح في الخدمات الصحية حيث يقبع عدد هائل من المرضى داخل العنابر الضيقة والمنهارة، حيث لا توجد مغاسل أو دورات مياه كافية وقابله للاستخدام الآدمي، ما جعل المرضى يغسلون أيديهم ووجوهم عبر نوافذ المستشفى المطلة على الشارع، وبالرغم من الجهود الخجولة من حكومة الولاية في مجال تشجير وتجميل شوارع مدينة كسلا خاصة تلك التي يرتادها أو يمر عبرها السواح والمسؤولون والضيوف والفنانون القادمون لدرة الشرق على شرف فعاليات مهرجان السياحة المقام هذه الأيام بالولاية، حيث كورنيش القاش الأخضر الساحر تقبع المستشفى في برك آسنة تحيط بالمرضى لتزيدهم مرضاً على مرض ومعاناة على معناة فضلاً عن أن مرافقى المرضى وأطفالهم يستخدمون الأزقة والساحات المغلقة لقضاء حاجتهم. رصدت «الإنتباهة» خلال جولتها الصباحية أعداداً كبيرة من المرافقين والأطفال والمشردين داخل فناء المستشفى الذي يمكن الولوج إليه عبر النوافد العديدة المطلة على الشارع أو عبر الانهيارات «والتهدمات» المنتشرة في سور المستشفى والتي تم إغلاقها بواسطة قطع من الحديد أو جوالات الخيش أو عبر العنابر التي لا تزال تحت التشييد، وبالرغم من الدمار الشديد الذي يعاني منه سور المستشفى إلا أنه لم يسلم من الملوثات البيئية والمتمثلة في جوالات الفحم القابعة على السور يستخدمها المواطنون والتجار كمكب للنفايات عبر حرقها في مجرى الصرف الصحي الذي تطل عليه نوافذ المستشفى. والداخل إلى مستشفى كسلا يعتقد جازماً أنه لا توجد جهة مسؤولة عن نظافتها حيث أكوام القمامة بكل أنواعها في كل ركن من أركانها لا سيما تلك الحاويات الحديدية الضخمة التي توجد وسط فناء المستشفى وتستقبل الزائرين والمرضى والوافدين إليها في تحد سافر لإهمال المسؤولين على مختلف مستوياتهم، ويرى المواطنون الذين استطلعتهم «الإنتباهة» أن المستشفى عبارة عن ملجأ للفقراء من المواطنين المغلوب على أمرهم وأن من يريد العلاج عليه التوجه لشارع الدكاترة بكسلا الذي يكتظ بالاختصاصيين المهرة الذين يوفرون رعاية فائقة للأثرياء الميسورين حملت «الإنتباهة» هذه المشاهدات والتساؤلات، فتم توجيه مندوب الصحيفة للسيد مدير عام التخطيط بالولاية جمال محمد الحسن الذي بدوره رد على هذه التساؤلات وأوضح أن المستشفى في حالة صيانة عامة، مشيراً إلى الهزات المتتالية التي تعرضت لها من فيضانات وغيرها من الكوارث. وقال إن المستشفى يشهد تأهيلاً كبيراً بتكلفته تبلغ «3.5» مليون جنيه. وأنهم بشأن إنشاء مستشفى مرجعي بديل من خلال قرض قدمه البنك الإسلامى بجدة ليبقى السؤال كم من الزمن على المواطنين التعايش مع البيئة المتردية والقاذورات؟ وهل ستقف حكومة الولاية مكتوفة الأيدى حتى اكتمال تأهيل المستشفى؟ أوليس من حق المواطن أن يصرف عليه القليل من الكثير الذي تصرفه حكومة ولايته على كثير من الإجراءات البديلة والمؤقتة من أجل تكفيف دمعته وتخفيف آلامه ومعاناته وأحزانه؟ وإلى متى تعتقد الحكومة أن الصحو والعلاج كماليات توضع على عاتق الجهات المانحة كونها لا تدر دخلاً للدولة؟!