يبدو أن وفد ما يسمى «قطاع الشمال» حينما كان يتعنَّت ويضع المتاريس على طريق سير التفاوض في أديس أبابا كان ينتظر اللحظة التاريخية التي خططوا لها ورسموا سيناريوهاتها وهي الهجوم الغادر على «أبوكرشولا» وقراها بشمال وجنوب كردفان، وهو تعدٍ سافر خلّف جرحاً عميقاً في النفوس وكتب فصلاً مُرّاً في تاريخ كردفان ومثل نقطة تحول كما أعتقد في تخيُّلات الكثيرين من متابعي هذا الملف عن كثب!! كل صاحب ضمير يجب أن يسجل اعتراضاً كبيراً وبأشد عبارات وحروف الرفض لكل ما تم من ممارسات غير إنسانية بحق المدنيين العزل في كردفان الكبرى تحت دعاوى مطالب الحقوق التي يعترف الجميع بوجود قصور وحقوق ضائعة لكن غير مبرر أن تؤخذ على أشلاء ودماء الضحايا الأبرياء. كل صاحب ضمير يجب أن يرفض سياسة التطهير السياسي التي اعتمدها المتمردون في حربهم السياسية، وهو سلوك يُعتبر فقر وإفلاس منطق وحجية، وهي تشوهات درجت قيادات التمرد على اتباعها في سلوكها وممارساتها تحت غطاء مفهوم الحقوق وخطوات البحث عن استردادها.. أساليب التصفيات الجسدية التي تمت في (أبوكرشولا) مثلاً، تعتبر من أفظع وأقبح العمليات التي تجري على خلفية نيل المطالب السياسية، تبرر أن تُنتهك حقوق وممتلكات الإنسان في تلك الفيافي وتُرتكب الجرائم ضده وينكوي بنيران التمرد.. حسب المعلومات المتوفرة يجب رفع دعاوى جنائية ضد عبد العزيز الحلو وياسر عرمان والعمدة الطاهر ومحمد الحسن الشيخ الذي نصبوه معتمداً لأبوكرشولا، ترفع ضدهم دعاوى جنائية لدى القضاء المحلي والدولي بسبب الاستهداف الانتقائي لبعض المجموعات السكانية والقيادات السياسية تقتيلاً وتشريداً وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن كل الأرواح التي زُهقت ذبحاً وعطشاً والانتهاكات بحق النساء والأطفال والأموال التي نُهبت..!! لست في مقام من يفنِّد دعاواهم التي بسببها مارسوا دورهم ضد المواطنين الأبرياء متحاشين أماكن تجمعات القوات وإلا لكان حريًا بهم مهاجمة الكتيبة الموجودة في جبل الدائر لكنهم تحاشوها وبسببها تغير هدفهم الرئيسى (مدينة الرهد) إلى «السميح» و«الله كريم» و«أم روابة» بعد أن أفسدوا في أبوكرشولا التي عادوا إليها مرة ثانية مستغلين تأخر تحركات الحسم، كما أن الأنظمة الإدارية في ولايات كردفان لا سيما شمال كردفان تتحمل وزرًا كبيرًا . وهذا يتطلب من القيادة في المركز أن تُعلي من أهمية التعامل بإستراتيجية واضحة مع ملف كردفان وتقسيماتها الإدارية والفدرالية بصورة أكثر إلحاحاً لأن موضوع غرب كردفان وأزمة ولاية كردفان يشكل أزمة سياسية داخلية للمؤتمر الوطني وهو ما استفاد منه المعارضون بصورة اساسية في اختراقاتهم السياسية واستقطاباتهم، معتمدين على المرارات الشخصية لبعض القيادات والمجموعات السكانية وبالتالي يتحتم على المؤتمر الوطني إعمال سياسة اكثر وضوحاً لإعادة الأمور إلى نصابها ووضع الملفات الحساسة في أيادٍ أمينة وصادقة، وكثير من المواطنين وهم يشاهدون المهددات والمخاطر حولهم ولا يجدون من يتفاعل معها سياسياً وميدانيًا من قبل حكومة الولاية ونقص القدرات والمشكلات المتراكمة عليهم بلا حلول كلها صراعات وأزمات داخلية ساعدت فصائل الأعداء في استثمارها وتسجيل نقاط والإمساك بالمبادرة. التاريخ يوثق ولا يجهل فبالتالي يتحتم على قيادات كردفان أن يقولوا كلمتهم بصدق حتى لا يدخل الأمر مستنقعًا أشبه بالأوضاع في دارفور وقصة تدويل القضية واستثمار معسكرات النزوح في عمليات التخابر الدولي بدخول المنظمات المشبوهة..!! يجب أن تتم محاكمات إنسانية اجتماعية لكل من شارك في الترويع، كما ان الحكومة مطالبة برفع كفاءة آليات الحل الشامل للقضايا وموضوعات النزاع في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، لأن سياسة هؤلاء المتمردين ومن خلفهم غرف الإسناد في أوربا وألمانيا والنرويج تحديداً وكمبالا وغيرها من المناطق التي يقيم فيها صناع الأزمات في السودان هي استثمار التنوع الاجتماعي والديني بتحويله إلى متناقضات ومتنافرات..!! الحكومة مطالبة بوضع رؤية متكاملة تسيطر بها على تحركات أبناء المناطق التي تضررت عبر منظمات وطنية ومدنية حتى لا ينفلت الأمر ويتحول الى ثأرات وردود فعل بين أبناء الإقليم الواحد لينتقل الصراع من شكله السياسي الى الاجتماعي والاثني كما يتراءى الآن من خلال الاستفزازات التي تمت في (أبو كرشولا) بجنوب كردفان..!! المواطن بحاجة الى معرفة إستراتيجية التعامل الحكومية حتى يطمئن أكثر وتُعاد الثقة التي فقدها البعض في من يمثلون السلطة في كردفان، كما أن المواطن بحاجة الى ندوات وبرامج توعوية تعيد له ما فقده من طاقة نفسية جراء ما تعرض له من صدمة الهجوم الذي خلَّف خسائر كبيرة النفسي فيها أكبر من المادي، كما أن هناك شبهات طابور خامس بحاجة الى تحقق وتعقب لأن الطرق التي سلكها المعتدون لا يمكن أن تتم دون معرفة ودراية حتى ولو كانت الأجهزة الرقمية حاضرة في الفعل!! علي أية حال القضية في غاية التعقيد ولا يمكن حلها عبر إستراتيجية قصيرة أو رزق اليوم باليوم، وما تم نتاج متوقع بعد انهيار التفاوض في أديس فلماذا لم يتم التحوط له من كل الجهات المعنية؟!