شهدت الفترة الاخيرة اهتزازًا في مسألة الرقابة الداخلية خاصة بعد التغيير الهيكلي وتقليص دور ديوان الحسابات بان يتبع لوزارة المالية والاقتصاد الوطني بعد ان كان تابعًا لمجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية بصلاحيات واسعة، واصبح التحصيل للايرادات خارج اورنيك «15» بصفة عامة يشكل مخالفة وتعارضًا مع اهم مبادئ واسس ميزانية الدولة، فالمؤسسات التي تحاول ان تتحصل على ايراداتها دون اورنيك كانما لها ميزانيات مستقلة، وتعدد هذه الميزانيات يخل بمبدأ الوحدة وتصعب عملية المراجعة، ويفتح الباب امام الفساد المالي.. وعلى الرغم من تشديد وزارة المالية على عدم تحصيل اي رسوم خارج اورنيك «15» تاكيدًا على ولاية المال العام بحسم مخالفات تحصيل الرسوم الغير القانونية على الطرق القومية كافة، واضافة الى تاكيد كثير من الجهات الرسمية على مستوى رئاسة الجمهورية في وقت سابق استمرار الغاء جميع الاستثناءات الممنوحة بتجنيب او فرض رسوم اضافية والصرف منها خارج اطار الموازنة المنصوص عليها في قانون الموازنة القومية على الوحدات التي تخل بالضوابط والإجراءات المحددة باللائحة وقانون الاعتماد المالي الا ان الناظر للواقع يرى ان الوضع لا يزال كما هو مما حدا بالخبير الاقتصادي د. محمد الناير ليقول ل«الانتباهة» ان المشكلة الاساسية تكمن في عدم متابعة هذه القرارات في مستويات الحكم المختلفة بالولايات او المحليات والتي من المفترض ان تكون ملزمة، وقال انها تحتاج الى آلية تستمد قوتها من قوة الرئيس ومجلس الوزراء للمتابعة والتنفيذ، اما ان كان الامر مجرد اتخاذ قرار ولا تتم متابعته كما حدث في السابق فانه لن يتعدى الاجراء الروتيني ولن يفيد الاقتصاد بشيء، وهو لا يتطلب ان تطوف لجنة الطرق القومية لمرة او مرتين وتختفي لسنوات ولكنه بحاجة الى آلية دائمة متحركة لمتابعة الولايات والمحليات ومدى التزامها بتنفيذ القرارات الصادرة عن المركز. التوجيه الاخير الذي بثه النائب الاول لرئيس الجمهورية د. الحاج آدم يوسف بالتوجيه بوضع قرارات مجلس الوزراء موضع التنفيذ الفوري خلال ترؤسه للاجتماع الاخير والتي قضت بعدم تحصيل اي رسوم الا بقانون سارٍ وبموجب اورنيك «15» والالتزام بعدم التحصيل لاي رسوم بالطرق القومية باستثناء رسوم الطرق القومية الخاصة بوزارة النقل والطرق والجسور وازالة جميع نقاط التحصيل على الطرق القومية وعدم تحصيل اي رسوم على البضائع والمواشي ووسائل النقل العابرة بغرض عدم تحصيل الرسوم والجبايات غير القانونية التي ظل يعاني منها قطاع النقل وادت الى تعطيل حركة مسار المركبات والشاحنات بالطرق القومية، وفيما يتعلق باورنيك 15الذي يبرئ الذمة ويؤكد ان المال المتحصل قد وُرِّد الى خزينة الدولة ويظهر في الميزانية العامة، الا انه وللاسف الشديد وعلى الرغم من اعلان الجهات العليا بان لا يدفع اي مواطن رسومًا خارج اورنيك 15 الا اننا نجد ان هناك بعض الجهات الرسمية التي لا تلتزم بهذا القرار كالمرور التي ما زالت تحصل الإيرادات دون ايصال 15 والمواطن لا يجد من يقف معه ولن يجد من يحميه فيكون مجبرًا على الدفع.. وحسب مراقبين فان وقف الرسوم والجبايات سيسهم وبصورة كبيرة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وضبط وزيادة ايرادات الدولة الى جانب تمكين حركة سير المركبات بالطرق القومية بكل يسر وتحقيق الامن والسلامة المرورية ويتطلب ذلك ضرورة تشديد الدولة من خلال اجهزتها الرقابية للحد منه حتى يقوم الاقتصاد بوظائفه ويعكس اداءه، عبر تفعيل جهة رقابية تلزم تنفيذه خاصة وانها ليست المرة الاولى التي يتجه فيها مجلس الوزراء لاصدار قرارات تشكل حماية للصادرات غير البترولية او للاستثمارات في الولايات والمحليات عبر خط ساخن لتلقي اي مخالفة من جهات رقابية لها حق التوجيه حتى لا يتضرر الناس خاصة اولئك الذين يكونون بعيدين عن المركز فيُضطرون لدفع الغرامة دون ايصال «15»..