ضعف الرقابة والمراجعة الداخلية تأتي في مقدمة الاسباب المؤدية لانتشار الفساد خاصة في ظل تنامي الموارد المالية للدولة الأمر الذي يتطلب اللجوء إلى اتباع نظام الحكم الرشيد وتفعيل مبدأ المراقبة والمراجعة الداخلية بتفعيل آليات وإجراءات الرقابة والمراجعة الداخلية بالشركات والمؤسسات وتحديد دورالمراجعة الداخلية واستقلاليتها في أداء عملها على الوجه المطلوب، اضافة إلى ضبط الاجراءات المحاسبية وفي إطار سعي وزارة المالية لضبط المال العام بعد أن أصدرت منشور التخويل بالصرف السنوي والذي حوى العديد من الإجراءات والضوابط والعقوبات الصارمة في حال المخالفات حيث شدد فيه على الوزارات والوحدات الاتحادية بضرورة الالتزام بقانون تخصيص الموارد في توريد الإيرادات المحصلة كافة للصندوق القومي للإيرادات والالتزام بتحصيل أي إيرادات عامة بموجب الإيصال المالي رقم (15) وإيقاف التحصيل بغيره مع توضيح الإيرادات المحصَّلة وفق الموازنة المجازة، غير أن أمس الأول اتخذ مجلس حكومة الخرطوم حزمة من الاجراءات والتدابير تهدف لضبط وترقية الايرادات المالية وتشديد الرقابة على التحصيل ومحاربة أوجه الفساد والعمل بموجب اورنيك (15) وعدم التعامل مع الايصالات المالية غير القانونية والتبليغ عن أية تجازوزات مالية، وجدد المعتمد عمر ابراهيم عمر خلال تقديم التقرير الاسبوعي لحكومة محلية الخرطوم أهمية تفعيل العمل الميداني للضباط الاداريين في التحصيل منعا للتجاوزات وزيادة الايرادات والعمل وفق التخفيضات التي اقرها المجلس التشريعي، مع أهمية إحكام الرقابة الادارية والمحاسبية والتفتيش واستكمال حوسبة سجل الممولين والتوزيع العادل في العمالة لإجراء الرصد حسب النشاطات التجارية. لكن الخبير الاقتصادي د. عز الدين ابراهيم ووزير المالية الاسبق قال إن الفترة الاخيرة شهدت اهتزازاً في مسألة الرقابة الداخلية خاصة بعد التغيير الهيكلي وتقليص دور ديوان الحسابات بأن تبع لوزارة المالية والاقتصاد الوطني بعد أن كان تابعاً لمجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية بصلاحيات واسعة، مبينا في حديثة ل (الأحداث) أمس بصفة عامة التحصيل للايرادات خارج اورنيك (15) يشكل مخالفة وتعارض مع أهم مبادئ وأسس ميزانية الدولة ذلك ما يرتبط بوحدة الموازنة. وشدد على ضرورة أحكام قانونية تصاحب الرقابة، بجانب احكام ادارية تتمثل في فصل العامل، وقال العقوبة منصوص عليها في قانون التعاملات المالية والحسابية فلابد من تفعيلها، فالمؤسسات التي تحاول تتحصل على ايراداتها دون اورنيك وتجنبها فكأنما لها ميزانيات مستقلة فتعدد هذه الميزانيات يخل بمبدأ الوحدة حيث تتعدد الموازنات فتصعب عملية المراجعة ويفتح الباب امام الفساد المالي وهذا ما كان شكوى ديوان المراجع العام والسلطات التشريعية في كثير من الاحيان، واكد أن التحصيل دون اورنيك وماله من اثار اقتصادية مدمرة غير صحيح يتطلب ضرورة تشديد الدولة من خلال أجهزتها الرقابية للحد منه ومنع تكراره حتى يمكن أن يقوم الاقتصاد بوظائفه، وقال على الرغم من قرارات المالية بإلغاء أي رسم خارج اورنيك (15) إلا أنه ليس هنالك تنفيذ ومتابعة، واعتبر ضعف التنفيذ وغياب الرقابة لتنفيذ القرارات أحد دواعم الفساد في البلاد. غير أن الخبير المصرفي د. محمد عبد العزيز يرى أن التخويل الذي صدر من وزارة المالية مؤخرا بمنع التحصيل خارج اورنيك (15) إجراء يدل على وصاية وإدارة الوزارة على المال العام من خلال تشديدها على الضوابط الخاصة بالصرف في إطار ترشيد الإنفاق العام وترتيب الأولويات النقدية باللوائح والإيرادات المالية والالتزام بالمحاسبية وقانون الشراء والتعاقد تؤكد ضرورة رقابة المال العام إلى عدة ضوابط أهمها التحذير الذي صدر من قِبل وزارة المالية لعدم تجنيب الإيرادات والالتزام بالتحصيل عبر أورنيك مالي وأن يتم ذلك عبرها وأن تتم كل الإيرادات عبر البنك المركزي. وقطع عبد العزيز في حديثه ل (الأحداث) بوجود وزارات تتحصل على غرامات ورسوم دون اورنيك (15) في إشارة إلى شرطة المرور مثالاً بجانب مؤسسات اخرى إذ تتحصل شرطة المرور على غرامات ورسوم تراخيص دون اورنيك (15) وقال إن الضحية المواطن مما يتعارض مع ما أعلنه رئيس الجمهورية وما ظل يكرره وزير المالية بأن أي تحصيل خارج الاورنيك غير مبرئ للذمة، وأضاف هذا الامر يحتاج إلى حماية، مؤكدا غياب الرقابة على التحصيل، وشدد على إعمال مبدأ الرقابة المالية على كافة موارد الدولة، مشيرا إلى أن ما يتم من تجاوزات في بعض المؤسسات والوحدات يتم نتيجة لضعف الرقابة وضعف المعلومة وعدم الصدق في التعامل، وقال إن الفترة الاخيرة شهدت ارتفاعاً في حجم الاعتداء على المال العام، ولكن الدولة شرعت في سن القوانين والتشريعات التي تضبط المال العام، مشدداً على ضرورة العمل الرقابي في الفترة المقبلة، مؤكداً أهمية تفعيل الرقابة الداخلية في ظل انتظام مشروعات التنمية بالبلاد واستغلال المشروعات للموارد، مبيناً أن إدارة موازنات المؤسسات تتطلب الصدق في التعامل في إدارة إمكانيات الدولة، مؤكدا أهمية دور المراجع الداخلي لأية مؤسسة في ذلك، وقال إن المراجعة الداخلية أصبحت موضع تركيز في الدولة. وقال إن أي تجاوزات لأية مؤسسة تظهر في تقارير المراجع العام الذي يقوم بتقديم تقرير سنوي مفصل عن مال الدولة والمؤسسات.