أصبحت صناعة النسيج في السودان محاطة بحزمة من المشكلات التي تجابه هذه الصناعة وتعيقها، ممثلة في عدم المواكبة في استخدام التكنولوجيا الحديثة التي تلبي رغبات المستهلكين، علاوة على عدم القدرة على الإبداع في مجالات التجهيز الذي يعد من أوسع مجالات الاستثمار، سواء في الماكينات التقليدية التي يمتلك السودان منها قدراً كبيراً، أو الحديثة التي تقف الإمكانيات حجر عثرة في طريقه، لذلك الصناعات النسيجية لم تستطع أن تسجل تقدماً ملحوظاً على خريطة صادرات النسيج العالمية التي لا تزيد نسبتها عن «7%» من حجم التجارة العالمية في قطاع النسيج، رغم توفر البيئة المشجعة في السودان لنمو الصناعات النسيجية من توفر المواد الأولية والخبرات المتوارثة والأيدي العاملة الرفيعة. وحسب تقرير وزير الصناعة الأخير حول أداء وزارته بالبرلمان للعام المنصرم، قال التقرير إن هنالك تحديات تواجه قطاع النسيج والتي تتطلب تأهيل واستجلاب ماكينات بتقانات حديثة تواكب التطور في العالم، وعليه لا بد من السعي لمساعدة القطاع الخاص في مجال التمويل وتوفير الضمانات اللازمة لهم، وبغير ذلك سيظل هذا القطاع متعثراً، ولن تتوفر القيمة المضافة للقطن السوداني. وأبرز المشكلات التي تواجه قطاع النسيج تتمثل في المشكلات الفنية والماكينات المستجلبة والعمالة الماهرة والمدربة والمستديمة، والمنافسة من الإنتاج المستورد مما يتطلب ضرورة الاهتمام بجودة المنتج وسعره. أما الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج أشار في حديثه ل «الإنتباهة»، إلى أنه عند مجيء حكومة الإنقاذ لسدة الحكم كان إنتاج السودان في عام 1986 يساوى «186» ألف ياردة، وقدرفعت حكومة الإنقاذ إنتاجها في عام 2002 ووصل إلى «800» مليون ياردة، إنتاج الغزل والنسيج بخطة عام 2002 ولكن من المؤسف فإن إنتاج مصانع النسيج فى نهاية عام 2002 انخفض إلى «15» مليون ياردة، وهذا يساوى أقل من «2 %» في الخطة العشرية، بل أن هذا المستوى أمن إنتاجا فعليا من «8 %» إلى «9 %» مما كان عليه الإنتاج قبل الإنقاذ في عام 86، وعليه ما حدث فى نهاية الخطة العشرية في عام 2002 يعتبر انهيارا كاملاً في قطاع النسيج. وقال إن الإنتاجية التي وصلت للمرة الثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة ليست هنالك ظروف استثنائة في تلك الفترة، وقال الآن نجد المصانع توقفت كلياً عن العمل وأصبحت المصانع موسمية لغرض معين حسب طلب العقودات. وأشار الى أن وزير الصناعة يشتكي من أن القوات المسلحة لا تعمل بناء على توجيهات رئيس الجمهورية التى أصدرها منذ مدة من السنوات، تطالب القوات النظامية أن تشتري من المنتجات المحلية من المصانع، مما أدى إلى تأثر المصانع. وقال كبج إن حل المشكلات التى يعاني منها قطاع النسيج بالبلاد يتمثل في قيام الدولة بمساعدة هذه الصناعة والصناعات الأخرى ضمن برامج محاربة الفقر، وخلق فرص عمل للبطالة بالبلاد، وتوجيه بنك السودان للبنوك لتقديم قروض استثمارية طويلة المدى بنسبة مئوية للأرباح المحلية وإعادة تأهيل كل مصانع النسيج بالبلاد، وخفض رسوم الكهرباء في تلك المصانع واستجابة القوات النظامية لتوجيه الرئيس بشراء المنتجات السودانية بدلاً عن المستوردة. أما الخبير الاقتصادي محمد الجاك أحمد فقد قال خلال حديثه ل «الإنتباهة» إنه نتيجة لسياسات الدولة فقدت صناعة النسيج كغيرها من الصناعات، الدعم الذي توفره الدولة للمصانع التي تم بيعها، لذلك ظلت متوقفة وتدهورت البنيات التحتية. أما المصانع التي آلت إلى القطاع الخاص فقد ظلت تعاني من مشكلات تمثلت في العجز عن التمويل والسياسات الاقتصادية. وكذلك قيام الدولة بإنشاء مصانع حكومية في مجال صناعة النسيج، ولكن ما شهدته هذه الصناعة من التدهور ارتبط بسياسة الدولة الاقتصادية التي كانت من أهم سماتها تحرير السوق وعملية خصخصة مؤسسات الدولة، بما فيها صناعة النسيج، لكل ذلك أصبحت صناعة النسيج تعاني من تدهور وعدم فعالية. فصناعة النسيج على مستوى القطاع العام والخاص تخلفت كثيراً مقارنة بالأعوام الماضية، وأصبحت في الوقت نفسه لا تشكل أية إضافة للاقتصاد القومي على الرغم أن هنالك سوقاً عالمية كان يمكن أن تستفيد منها هذه الصناعة، الهدف منه إحلال الواردات.