تقرير مفيد خرجت علينا به إنصاف العوض المترجمة ب«الإنتباهة» نقلاً عن صحيفة «الغارديان» البريطانية ذات المصداقيَّة العالية فقد كشف التقرير عن جانب خفي من الهجوم الأخير الذي شنَّته قوات ما تُسمى بالجبهة الثورية على أم روابة يتمثل في الصمغ العربي الذي قالت الصحيفة إن السودان يصدِّر منه بين «40% إلى 70%» من الإنتاج العالمي يأتي معظمه من مدينة الأبيض التي تبعد حوالى «100» كلم من أم روابة. الغارديان قالت إن الصمغ العربي المنتج في السودان بجودته العالية يمثل أهميَّة كُبرى لصناعة المياه الغازيَّة خاصة البيبسي كولا والكوكاكولا وهي من أكثر المنتجات شهرة وأرباحاً في العالم ولصناعات أخرى مثل الأدوية والعلكة ويُستخدم الصمغ العربي في مزج السكر مع العصير وبدونه يبقى السكر عالقاً على قعر القارورة. التقرير ذكَّر بأهمية الصمغ العربي الذي بلغت أهميته درجة تمكّن الشركات الأمريكية من فرض رأيها على صانعي القرار في أمريكا بما مكَّن من استثناء هذه السلعة من العقوبات الأمريكيَّة على السودان وسُمح بتصدير الصمغ العربي لتلبية حاجة الشركات الأمريكيَّة. من هنا جاء تدخل الصمغ العربي في ديناميكيَّة الصراع السياسي والاقتصادي الأمريكي والعالمي حول السودان. ذلك ما لفتت «الغارديان» النظر إليه حيث إن الولاية الفقيرة والمهملة والمنكوبة (شمال كردفان) باتت تحتل أهمية كبرى كونها موطناً للعنصر الأساسي لهذه السلعة الخطيرة ذات الأهمية الاقتصاديَّة الدوليَّة مما يُدخل شركات المشروبات الغازيَّة ذات التأثير الكبير على القرار السياسي والاقتصادي في حَلَبَة الصِّراع مما يشكِّل ضغطًا عليها ويجعلها تتحرَّك وتحرِّك ملف التفاوض بين الحكومة السودانيَّة والمتمردين وسط دوائر القرار داخل الكونجرس الأمريكي. من جانب آخر حملت إلينا الأنباء أن أمريكا تعتزم دعوة كلٍّ من مالك عقار رئيس ما تُسمى بالجبهة الثورية وإبراهيم غندور ولعلَّ الخبر يعكس حقيقة أن أمريكا لا تزال تلعب بديلها في الشأن السوداني كونها معنيَّة بمشروع السودان الجديد الذي رعت في سبيل إقامته نيفاشا وظلَّت تحشر أنفها في ملف العلاقة بين السودان وجنوب السودان بل ملف قطاع الشمال والصراع في دارفور. قبل ذلك بأيام صدر تصريح عن الخارجية الأمريكيَّة تدعو فيه نافع علي نافع لزيارتها للتباحث حول عددٍ من الملفات ويشمل ذلك دارفور والمنطقتين. نعود لملف الصمغ العربي وأهميته العالمية التي كان ينبغي أن تجعل السودان يوليه اهتماماً أكبر وبالرغم من علمي أن إدارة الصمغ العربي يتولَّى أمرَها أحد العقول السودانية المعتبرة وأعني د. تاج السر مصطفى بزهده وورعه وعلمه ووطنيته التي أعلمها علم اليقين إلا أن الأمر والله العظيم يحتاج إلى أن نوليه اهتماماً أكبر فالصمغ العربي أكثر أهمية من مشروع الجزيرة ولو كانت تلك السلعة تُنتج في أي بلد آخر لحقَّق منها أكثر مما تحقِّقه هولندا من صناعة الألبان والأمر أكبر من أن يُناقَش في هذه المساحة. من العجائب أنَّ وزير الزراعة المتعافي قال منتقداً التخبُّط والعشوائيَّة التي تسُود حياتنا.. قال إن السودان يستورد غذاءً بمليار دولار بينما يدعم الزراعة بمبلغ «600» ألف دولار!! الصمغ العربي المنتج في السودان يُهرَّب إلى دول فقيرة تُفيد منه وتُصدِّره ولكن هل معالجة الأمر بهذه البساطة في بلاد يستهدفها أبناؤها بالتمرُّدات ويخرِّبون ويدمِّرون ويقتلون ويتآمرون عليها بأكثر مما يتآمر الأعداء أصحاب الأجندة الشريرة!؟!