قبيل توقيع اتفاقية السلام في نيفاشا بين حكومة السودان والحركة الشعبية، وفي 25/7/2002م قبل قرابة أحد عشر عاماً، إلتقى في لندن نائب الرئيس السوداني السيد/علي عثمان محمد طه بوزير الخارجية البريطانية (جاك سترو). كان اللقاء بمبنى وزارة الخارجية. إستغرق اللقاء نصف ساعة. في ذلك الإجتماع ركَّز السيد/ نائب الرئيس السوداني على تحقيق (التنمية وإعادة الإعمار) «ليشمل كل السودان ولا يقتصر فقط على جنوبه، لأن ذلك يشكل قاعدة صلبة للسلام». كذلك طالب نائب الرئيس السوداني بريطانيا برفع التجميد عن مستحقات السودان وفقاً لاتفاقية (لومي) و(كوتونو). وكان يجلس حينها إلى جانب وزير الخارجية (سترو) الموفد البريطاني إلى السودان (ألن قولتي). حيث أجاب (قولتي) على طلب نائب الرئيس السوداني بقوله (هناك برنامج للتنمية وإعادة الإعمار سينفذ بمجرد الوصول إلى السلام). اليوم بعد قرابة أحد عشر عاماً على لقاء نائب الرئيس السوداني بوزير الخارجية البريطاني، ورغم توقيع اتفاقية السلام وإنفاذ اتفاقية نيفاشا بالكامل وفصل السودان وقيام دولة الجنوب، إلاّ أن (التنمية وإعادة الإعمار) لم تشمل شمال السودان، ولم يتم رفع التجميد عن مستحقات السودان وفقاً لاتفاقيتي (لومي) و(كوتونو). كذلك ثبت أن الوعد البريطاني في اجتماع نائب الرئيس بوزير الخارجية (جاك سترو)، عبارة عن وعد كاذب. ذلك الوعد الذي كان نصّه (هناك برنامج للتنمية وإعادة الإعمار سينفذ بمجرد الوصول إلى السلام). اليوم بعد قرابة أحد عشر عاماً على تلك الوعود الزائفة، لا يوجد برنامج بريطاني للتنمية أو إعادة الإعمار في السودان. بل يوجد عكسها ونقيضها. سراب الوعود البريطانية أصبح لا يخدع أحداً اليوم في السودان، وفي إطار الوعود البريطانية الزائفة الجديدة، وفي إطار السراب البريطاني الجديد، وصل السودان وفد من مجلس اللوردات البريطاني برئاسة اللورد نذير أحمد (عضويته في مجلس اللوردات معلّقة بسبب تعليق أدلى به يمسّ اليهود). ويضم وفد مجلس اللوردات في عضويته البارونة (ميرال حسين) التي يدور الحديث حول جذورها السّودانية، هل هذه هي جزء من برنامج البدايات لبذر بذور دولة انفصالية نوبية في شمال السودان وجنوب مصر. إلى جانب (ميرال حسين) هناك في عضوية وفد مجلس اللوردات الزائر هذه الأيام اللورد (قربان) والبارونة (أودِّين Uddin). هذه هي السيدة (منزلة قمر الدين)، وهي من مسلمي شرق لندن. لا شك أن وفد مجلس اللوردات يحمل وعوداً كاذبة جديدة، وسراباً بريطانياً جديداً. من قبل أيضاً إلى جانب وزير الخارجية البريطاني، إلتقى نائب رئيس السودان السيد/ علي عثمان محمد طه بوزيرة التنمية الدولية البريطانية (كلير شورت) كان اللقاء يوم 25/7/2002م بمبنى وزارة التنمية الدوليّة. حيث أوضح نائب الرئيس السوداني في لقاء الوزيرة البريطانية أن وجود برنامج مساعدات وأن وجود الجهد البريطاني ومؤسسات التمويل الدولي ورفع التجميد عن مستحقات السودان سيكون دفعاً للسلام في السودان. كما أشار السيد/ نائب الرئيس إلى أن وجود الشركات البريطانية في السودان يبرز الإهتمام البريطاني بالشأن السوداني. تجدر الإشارة إلى أن إلى اليوم، ومنذ لقاء (طه - شورت) في لندن بتاريخ 25/7/2002م، وتوقيع اتفاق السلام، لم يوجد برنامج مساعدات بريطاني ولم يبذل جهد بريطاني لدعم السودان ولم تقدِّم مؤسسات التمويل الدولي أي قرض للسودان أو منحة أو مساعدات أو إعفاء ديون، ولم يرفع التجميد عنه. كما أن عدد الشركات البريطانية العاملة في السودان متواضع للغاية، مقارنة بثلاثة آلاف شركة بريطانية تستثمر في دول القارة الأفريقية. في ذلك الإجتماع قال (ألن قولتي) فيما يتعلق بتقسيم الثروة بين الشمال والجنوب، أن ينبغي اتباع النموذج الكندي. في لقاء (طه - شورت) أشارت الوزيرة البريطانية إلى موضوع نزع الألغام وإعفاء ديون السودان مما يحسِّن صورته دوليَّاً ويجذب إليه الشركات، موضِّحة أن فترة الست سنوات الإنتقالية التي نصّ عليها اتفاق السلام ينبغي ان تكون للسلام والتنمية وقالت وزيرة التنمية الدولية البريطانية كلير شورت في ذلك الإجتماع بنائب الرئيس السوداني (بمجرد توقيع اتفاقية السلام وبداية المرحلة الإنتقالية ستبدأ المساعدات فوراً Instantly). هذا وقد تمّ توقيع اتفاقية السلام وفصِل الجنوب وقامت دولة الحركة الشعبية، ورغم مرور (11) عاماً على توقيع اتفاقية السلام، لم تبدأ بعد المساعدات!. والتي قيل أنها ستبدأ فوراً بعد توقيع السلام!. ذلك يعني بكلّ الوضوح أن سواءً جاء اللورد نذير أحمد إلى الخرطوم، أم غيره من كرام المواطنين البريطانيين، فإن ذلك لا يغير شيئاً من الحقيقة، حقيقة أن بريطانيا لا تهتم بالوعود التي تقدمها للسّودان، ولا يعنيها في كثير أو قليل تنفيذها، بل هي تواظب كعهدها على نقض عهودها والحنث بوعودها. زيارة وفد مجلس اللوردات البريطاني برئاسة اللورد نذير أحمد، زيارة بغير محتوى سياسي. هي فقط تمرين علاقات عامة... لا غير!.