كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اندلاع السلام (نيفاشا) ..الحلقة العاشرة
نشر في الانتباهة يوم 31 - 12 - 2011

وتم تكليف ياسر عرمان وعبد العزيز آدم الحلو بالعمل مع متمردي دارفور، وإحدى الروايات تشير إلى إرسال دكتور جون مبعوثين إلى عبد الواحد في جبل مرة الذي بدوره تداول بالهاتف مع زعيم الحركة الشعبية، ورفض الدارفوريون الدعوة للانضمام للحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان لأسباب سياسية وتكتيكية،
ساند عبد الواحد فكرة السودان الجديد لكنه عارض تقرير مصير الجنوب، وفي رواية أخرى ذكرت مجموعة من قياديي الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان وكول دينق أن متمردي دارفور في بواكير أيامهم كانوا يرغبون في الانضمام للحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان ولكن قرنق اعترض على ذلك، كان قرنق يرغب في أن يقوِّي متمردو دارفور حركتهم الخاصة، وأن تكون لهم أجندة وطنية محددة، وأن يعملوا مع الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان، من خلف الكواليس، ويقال إن أول اجتماع بين قيادات حركة/ جيش تحرير السودان «الدارفورية» وزعيم الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان قد تم بشكل سري في بروكسل عام 2002م، عندما كان دكتور جون في طريقه إلى النرويج ويبدو أن ذلك هو نفس المكان الذي التقى فيه لأول مرة زعيم حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم. وفي نوفمبر 2002م حضر شريف حرير، وهو أحد قيادات المتمردين الدارفوريين إلى مشاكوس وطالب بضم دارفور في مفاوضات الإيقاد، لكن طلبه قوبل بالرفض من جميع الأطراف، عندئذٍ قرر متمردو دارفور أنه لن يتم التعامل بالجدية اللازمة مع قضيتهم إلا إذا شكّلوا تهديداً عسكرياً ملموساً على الأرض، للمقاومة المسلحة في دارفور تاريخها تاريخها وأسبابها المنطقية الخاصة بها لكن يبدو أن محادثات مشاكوس ورفض الطلب الذي تقدم به حرير ربما زادت من عمق الهُوة، وفي ذلك الوقت أصدرت قيادات تمرد دارفور ومؤتمر البجة في شرق السودان مجموعة من البيانات أوضحت فيها مساندتها لإطار تفاوضي شامل يضم كافة المناطق المهمّشة في السودان.
وافقت الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان ومجموعات دارفور على التعاون مع بعضها البعض على أن يقوم الجنوبيون بمساعدتهم على التنظيم على الصعيد السياسي، كان التفاعل بين الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان وحركة/ جيش تحرير السودان قوياً، وقام عبد الواحد ومني أركو مناوي والوفد المرافق لهما بزيارة رمبيك ونيو سايت في جنوب السودان مطلع 2003م، وفي هذا الإطار حصلا «وفقاً لأحد المصادر» على وعود بتزويدهما بالسلاح والتدريب، عملت قيادة الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان مع جبهة تحرير دارفور وقاموا بصياغة مانيفستو الحركة وإستراتيجيتها السياسية بل واقترحوا تغيير اسمها ليكون متوائماً مع الأجندة الوطنية، ويقول ياسر عرمان أن الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان قد عملت على صياغة المانفيستو وساعدت في إعداد الإعلان السياسي بل وشارك زعيم الحركة الشعبية نفسه في هذا الجهد، كان تأثير الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان واضحاً في صياغة المنفستو، وقد أكد عددٌ من المصادر في قيادة الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان مساعدة الحركات المسلحة الدارفورية بالتدريب العسكري في إيري وشقدوم، كما أكد مصدران موثوقان من الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان حصول الحركات المسلحة على الدعم العسكري والمعينات اللوجستية والتسليحية على مدى سنوات عديدة، وكانت خطوط الإمداد الرئيسية لجيش/حركة تحرير السودان تمر عبر يوغندا وإريتريا، وأستطيع الزعم بأن الأسلحة المتدفقة غرباً تعود إلى نفس المصادر، وتؤكد مصادر الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان الدور الإريتري في تزويد دارفور بالسلاح وقد قامت الاستخبارات الحكومية بمراقبة هذا الارتباط منذ وقت مبكر، وأشارت إلى حصولها على دلائل قاطعة تؤكد تزويد الحركة الشعبية لمتمردي الغرب بالإمدادات.
لم تحظ المعارك والصدامات التي كانت تدور في دارفور عام 2002م ومطلع عام 2003م باهتمام كبير من العالم الخارجي، ولكن تسارعت خطى الأحداث وانتقل تنظيم حركة المقاومة إلى مستوى أفضل وفي فبراير 2003م أعلنت جبهة تحرير دارفور مسؤوليتها عن الهجوم على الحامية الحكومية في قولو، ويرى كثير من المراقبين أن ذلك الهجوم كان البداية الحقيقية لثورة دارفور المنظمة، وكان تغيير اسم جبهة تحرير دارفور، إلى حركة/ جيش تحرير السودان في مارس 2003م إيذاناً بتبني الحركة لدور وطني يتخطى حدود دارفور.
كانت الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان ترغب في التحدث باسم كافة المجموعات المتمردة في طاولة المفاوضات وعندما تناقش قرنق مع شريف حرير وطلب انضمام الحركات الدارفورية إلى الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان قوبل طلبه بالرفض. وعرض نفس الاقتراح على خليل إبراهيم ولكن الاختلافات الأيدولوجية بشأن الدولة والدين لم توفر أرضية مشتركة مناسبة للانطلاق.. التزمت حركة العدل والمساواة بأجندة وطنية تقتضي تغيير النظام ما جعلها تختلف عن بقية المجموعات المتمردة في دارفور، أما الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان فكانت ترى أن انضمام متمردي دارفور إلى محادثات نيفاشا سيعقد العملية التفاوضية برمتها ويحول دون تحقيق الأهداف المنشودة، وقد أوضح قرنق موقفه لحركة/ جيش تحرير السودان في مطلع 2003م.
عدم إحراز تقدم
تم عقد عدد من الجولات التفاوضية خلال النصف الأول من عام 2003م، وضمت الجولة الأولى التي انعقدت في كارين في 23 يناير مراقباً من التحالف الوطني الديمقراطي وفي ذات الوقت نشب قتال عنيف في وسط وغرب أعالي النيل بين المليشيات الجنوبية الموالية للحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان الأمر الذي أدى إلى تهديد المحادثات، وعقدت اللجنة المعنية بالإشراف على مذكرة التفاهم الخاصة بوقف العدائيات اجتماعاً عاصفاً سردت خلاله الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان سلسلة الانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة في غرب أعالي النيل، ولكن ممثلي الطرف الحكومي أشاروا أنها لا تعدو أن تكون مجرد «مناوشات قبلية» انتصب مبعوثنا الخاص «فيغارد اليفسن» واقفاً وأشار إلى رجل السياسة النرويجية العتيق، رئيس الوزراء إينار غيرهارسن الذي اشتهر عنه أنه عندما كان يقوم بصياغة إحدى خطبه كتب في هامش الورقة: «حجة ضعيفة، ارفع صوتك!» دعا إليفسن إلى الهدوء واقترح آلية مستقلة للتحقق لمراقبة تنفيذ الاتفاقية.
بالرغم من أن أجندة المفاوضات في كارين دعت إلى مناقشة تقاسم السلطة والثروة وتناول المناطق الثلاث، فقد انصب تركيز الطرفين بدلاً من ذلك على العنف، وبموجب اقتراح من الترويكا، تم التفاوض على ملحق وقف العدائيات بتوسيع تفويض وتكوين فريق التحقق والمراقبة، وتم توقيعه في كارين في 4 فبراير.. ونص الملحق على أن يعمل كلا الطرفين على تسهيل مهام الفريق الذي ربما يضم كوادر وطائرة ضمن فريق مدني كبير للحماية والمراقبة فضلاً عن نشر مراقبين دوليين، وفي 29 يناير أكد فريق المراقبة الذي تم نشره سلفاً قيام المليشيات والقوات المسلحة السودانية بمهاجمة المدنيين ووضع القيود على إيصال المساعدات الإنسانية، ونسقت الترويكا ردها على هذه الانتهاكات وقمت بنقل هذه المخاو إلى السفير السوداني في أوسلو ودعوت إلى سحب القوات.
في غضون ذلك، انتهت مفاوضات كارين بدون إحراز تقدم يذكر، على سبيل المثال، تقزمت المناقشات الخاصة بالمناطق الثلاث إلى «سمنار» عندما رفضت الحكومة التفاوض على نحو جدي. وتداول الدكتور غازي وسلفا كير عن إمكانية اللقاء بين الرئيس البشير، وزعيم الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان والجنرال سمبيو للدفع قدماً بعملية التفاوض، لكن بدا جلياً من تلكؤ الطرفين في المفاوضات أنهم في طريقهم لإعادة تسليح قواتهم، وعززت الحكومة مواقعها في غرب أعالي النيل وأبيي وفي المنطقة الأخيرة نشرت مليشيات تتحرك بتوجيهات مباشرة من الخرطوم، حسب ما ذهبت إليه الشائعات، وافادت مصادرنا بقيام الحكومة بعقد صفقات جديدة مع روسيا لشراء كمية كبيرة من المعدات العسكرية تشمل الأسلحة وطائرات الهليكوبتر والسيارات المدرعة، التي ربما يرسل بعضها على الأقل إلى دارفور.. واتهم أعضاء الوفد الحكومي في كارين الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان بأنها تعاني من «ندامة المشتري» وأنها ضلت طريقها بعد النجاح غير المتوقع الذي حققه بروتوكول مشاكوس.
حان الوقت لتقييم رغبة الطرفين لتحريك مجموعة من القضايا الهامة، في منتصف فبراير قررت الذهاب إلى السودان، وسيصل الجنرال سمبويو بعد وصولي، وقد قررنا تنسيق رسالتنا وإطلاع بعضنا البعض على الأمور. سافرت إلى نيروبي أولاً واجتمعت مطولاً بجون قرنق وفريقه، وأصروا أنهم لم يقدموا على التنازل فحسب، بل عدلوا مواقفهم بشأن عدد من القضايا، فحينما دعوا في الماضي إلى نظام كونفدرالي في ظل دستور علماني منفصل للجنوب. فإنهم الآن يقبلون بالفيدرالية بشرط عقد استفتاء لتقرير مصير الجنوب، وتخلت الحركة الشعبية عن مطلبها الداعي إلى فترة انتقالية قصيرة «سنتان» ووافقت على سنة واحدة من ست سنوات قبل إجراء الاستفتاء وأبدت الحركة الشعبية استعدادها لقبول منصب النائب الأول للرئيس بدلاً من مطلبها بتداول منصب الرئيس، وأن تكون العاصمة القومية علمانية، ورأى قرنق أن يقرر مواطنو أبيي مصيرهم من خلال استفتاء إذا كانوا يرغبون في الانضمام للشمال أو الجنوب وأن يتم إجراء استفتاء أبيي قبل الاستفتاء العام لجنوب السودان، وفيما يخص القضايا الأمنية، ظل زعيم الحركة الشعبية ينادي بجيشين، وأن تسحب الحكومة قواتها لما وراء خط «13» شمالاً وأن يسحب الجيش الشعبي قواته لما وراء خط «12» جنوباً، وناقشنا موقف الحكومة من هذه القضايا وفهمت ما هي الخطوط الحمراء وما هي القضايا التي يمكن تقديم تنازلات بشأنها.
وللمضي قدماً، رحب قرنق بفكرة لقاء قمة يجمعه بالبشير لتسريع عملية السلام، ولكنه أكد على ضرورة عدم وضع آمال كبيرة على ذلك الاجتماع، ربما يحتاج الأمر إلى لقاء قمة آخر لتسوية القضايا الصعبة بعد إحراز تقدم على طاولة المفاوضات، كما كان قرنق منفتحاً على فكرة إنشاء خط ساخن للتوضيحات والتعامل مع الحالات المستعجلة ولكن ليس من أجل المفاوضات وأبدى زعيم الحركة الشعبية تشككاً كبيراً في صدق نوايا الحكومة مشيراً إلى ما سمّاه «سياسة فرق تسد» القائمة على دعم الحكومة للمليشيات المسلحة في الجنوب وتساؤله عن مدى التزامها بتنفيذ اتفاقية السلام. ورغم ذلك أكد التزام الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان الثابت بإكمال مفاوضات السلام.
نفاد الصبر في الخرطوم
كنتُ متفائلة تماماً بعد المناقشات وشعرت بأن لدي ما آتي به إلى الخرطوم، وفي يوم 17 التقيت الرئيس البشير، والنائب الأول علي عثمان طه، ومستشار الرئيس للسلام الدكتور غازي صلاح الدين، وكان مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية خارج البلد، كان الاجتماع مع الرئيس ونائبه الأول إيجابياً رغم أنني كنت آمل في المزيد، ونقلت استعداد قرنق للقاء البشير في أي «زمان» وفي أي «مكان» وأن وزير الخارجية الكيني أبدى استعداده أيضاً لترتيب اللقاء قبل نهاية الشهر، رحب البشير بالفكرة ولكنه يريد أن يتم الإعداد للقاء القمة بشكل جيد ليتمخض عن نتائج ملموسة، وشكا من عدم حضور زعيم الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان في مناسبات سابقة، وما كان من الممكن أن ينعقد اجتماع كمبالا لولا بروتوكول مشاكوس، وكان ردي بأن التقدم الذي أُحرز مؤخراً اتفاقية وقف العدائيات وآلية التحقق تعتبر نجاحاً ينبغي للطرفين التعويل عليه. وحددت عدداً من القضايا للتباحث وإدراجها كأجندة للاجتماع، وكرر البشير قوله عن أهمية أن تكون القمة «حدثاً بارزاً» في مسار عملية التفاوض وأن تحقق نتائج طيبة.
أشار الرئيس إلى واقعة حدثت في ديسمبر عندما ذهب نائب الرئيس علي طه إلى أبوجا بنيجريا بناءً على دعوة من الرئيس النيجيري أوباسانجو لمقابلة قرنق الذي كان في إجازة هناك ورفض حتى إلقاء التحية على طه.
ونقلت ما قاله لي قرنق بأنه لم يتم إخطاره بالاجتماع وشعر بأن النيجيريين قد نصبوا له «كميناً» وما خفي كان أعظم، كان قرنق يعتبر علي عثمان متشدداً وأشار في كثير من المناسبات إلى تاريخه كإسلامي وعلاقاته المزعومة بجهاز الأمن وقوات الدفاع الشعبي، كما أن رصيفه بروتوكوليا هو الرئيس البشير وليس نائبه، من جانبه أكد البشير ضرورة تعرف قرنق على طه بشكل أفضل: «يتحتم عليهما ذلك، سيعملان معاً في حكومة جديدة» وأنهى الرئيس اجتماعنا بكلمة متفائلة ولكنه حذر أن للحكومة خطوطًا حمراء لن تسمح بتجاوزها، وما دون الخطوط الحمراء فهم على استعداد لقبوله، ولكن يا ترى ما هي هذه الخطوط الحمراء؟.
تناولت محادثاتي مع الدكتور غازي الأشياء بتفاصيلها، وبعد اجتماعنا الرسمي لساعة عقدنا اجتماعاً خاصاً لمدة ثلاث ساعات وكنت أرغب في معرفة هذه «الخطوط الحمراء» بصورة واضحة وما هي القضايا التي يمكن تقديم تنازلات بشأنها، وقال الدكتور غازي إنهم كانوا يظنون أن المفاوضات بعد مشاكوس ستكون سهلة وأنهم تفاجأوا بالصعوبات، وتحدث عن استنزاف الحرب وضرورة الوصول إلى اتفاق «نفس الرسالة نقلها لي زعيم الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان» كانت الخرطوم تفضل الوحدة، وإذا ما تعذر ذلك يوجد تيار قوي داخل الحكومة وطّن نفسه على فكرة الانفصال حتى من دون فترة انتقالية، وقال غازي إن الصفقة على الطاولة، ولكن لن تظل هناك بعد ستة شهور من الآن، للحكومة خطوط حمراء واضحة والقضية هل الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان مستعدة للقبول بهذه الخطوط الحمراء؟ وقال: ينبغي للحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان القبول بالمتاح والمغادرة بعد ست سنوات.
في محادثاتنا الخاصة، أعرب المستشار الرئاسي للسلام عن تبرمه من الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان والتي على حد قوله تقدمت بمقترحات تفتقر إلى الواقعية وأثارت القضايا التي تم حلها سلفاً، وحذر من أن أي محاولة لإعادة فتح موضوع الشريعة في علقته بالعاصمة ستقابل بالرفض. لقد تمت معالجة هذا الأمر في بروتوكول مشاكوس وتعتبر الآن قضية غير قابلة للتداول، وبخصوص الحكم رفض الدكتور غازي موقف الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان باعتباره غير مؤسس تماماً: على الدوام يزجون بقراءات جديدة لنموذج كونفدرالي رغم أن بروتوكول مشاكوس قدم حلاً فيدرالياً للمناطق الثلاث ولترتيبات تقاسم السلطة، وقال الدكتور غازي إن الحركة الشعبية تتصرف كالمقاول، تحصل على نصيبها من الكعكة وتغادر، إنهم ليسوا شركاء ولا يبدو راغبين في الشراكة، واستطرد قائلاً: إذا وضعت نفسك في مكانهم، ما هي المكاسب التي تجعلهم يبقون في السودان؟ حقيقة أنا لا أعرف، وأحسست بوضوح بأن هناك حدوداً للتنازلات التي تقدمها الحكومة، وإذا لم تتخلّ الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان عن مطالبها الجزافية فليس أمامها سوى الانفصال.
في رأي الدكتور غازي أن الأمن والرئاسة ستكونان قضايا حاسمة، وكشف أن الحكومة بصدد تقديم ورقة إلى سمبيو عن كيفية التعامل مع المناطق الثلاث، وساورني انطباع بأنه سيتم الفصل بين أبيي من جهة وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق من جهة أخرى وسيكون هناك قدر من التشدد بشأن المنطقتين الأخيرتين، كما سمعت لأول مرة أن الحكومة ستوافق على وجود قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان بشكل دائم في الجنوب خلال الفترة الانتقالية، وصرح الدكتور غازي بأن تقاسم الثروة يعتبر من القضايا السهلة ويمكن تسويتها سريعاً وأن قضية الرئاسة ستحل كجزء من حزمة كلية عند اقتراب المفاوضات من نهايتها، وعدت إلى المقترح القاضي بعقد لقاء القمة في جولتين: جولة لتأكيد ما تم الاتفاق عليه سلفاً وتمهيد الطريق لمحادثات مستمرة، وبعد إحراز التقدم المطلوب، يتم عقد جولة ثانية لتسوية القضايا النهائية، وكانت الاستجابة مماثلة لما حدث خلال اجتماعاتي السابقة.
بناءً على المباحثات المطولة مع قرنق وغازي، توصلت إلى أن الهوة بين الطرفين مازالت كبيرة وبدت نقاط الخلاف واضحة للغاية، بالنسبة للحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان كانت المناطق الثلاث والأمن من أصعب القضايا، وبالنسبة للحكومة كانت وضعية العاصمة وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق هي الخطوط الحمراء وإن كان موضوع الرئاسة والأمن لم يحظَ بذات القدر من الأهمية، وكان واضحاً نفاد صبر الخرطوم وأن القوى الميالة لإطلاق سراح الجنوب قد أصبحت أكثر قوة، وأتذكر خيبة أملي من تردد الخرطوم في إكمال لقاء القمة.
وعقب عودتي للنرويج في يوم 19 اطلعت كلير شورت على الموقف بالهاتف، وعندما ذكرت لها ما قاله غازي عن الانفصال، ردت بأنه يحق للجنوب الانفصال إذا رجح الاستفتاء ذلك الخيار، وبالنسبة لي كانت إمكانية الانفصال عنصراً أساسياً واضحاً في بروتوكول مشاكوس، ولكن هذه المرة الأولى التي أسمع فيها وزيرة بريطانية توافق على الانفصال بهذه الطريقة، كانت كلير المسؤولة الرئيسية عن ملف السودان خلال تلك الفترة ولآرائها أهمية خاصة.
حادثت دكتور جون قرنق مطلع مارس وأطلعته على نتائج مباحثاتي في الخرطوم، بعد ذلك بدأنا في الحديث عن المناطق الثلاث ولكن حديثنا كان إجرائياً بشكل عام، وناشدت زعيم الحركة الشعبية إبداء قدر من المرونة للمضي قدماً في المفاوضات وأشار إلى زيارتي إلى جبال النوبة قائلاً: «تم إيقاف عملية التعريب». كما أطلق عليها «في كافة المناطق التي تسيطر عليها الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان» وحول القضية المحورية الخاصة «بتقرير مصير» المناطق الثلاث ذكرت له أنه من المهم أن يكون الشخص خلاقاً: من الممكن الإشارة لهذا الموضوع بطرقي الخاصة باستخدام تعبيرات من قبيل «المشورة الشعبية» ووافق دكتور جون طالما يضمن ذلك الحقوق الديمقراطية للمواطنين.
المحادثات المطولة
في الثاني من أبريل التقى البشير وقرنق للمرة الثانية، لم يفلح الرئيس الكيني في ترتيب لقاء القمة الذي طالما أراده، حيث استضافها منافسه السابق وخليفته الرئيس مواي كيباكي. وكان لقاء القمة ناجحاً حيث اتفق الزعيمان على جدول زمني لإكمال المفاوضات بنهاية يونيو «قرر الزعيمان عدم نشر الموعد النهائي فلربما اقتضت الضرورة تمديد الموعد». وبعد أيام قلائل أشار البشير لقرنق علناً ولأول مرة بقائد الحركة الشعبية بدلاً من لقبه، وتركت هذه البادرة انطباعاً جيداً في دوائر الحركة الشعبية.
انعقدت الجولة الرابعة من المفاوضات حول الترتيبات الأمنية خلال الفترة 6 16 أبريل، وانتهت الجلسة اللاحقة حول المناطق الثلاث برئاسة كينيا في نهاية مايو، وتم إحراز تقدم كبير في قضايا تقاسم الثروة خلال هذه الفترة بمساعدة من صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، والترويكا، وآخرين.
وقد ساعدت المقاربة الفنية والتعليمية وتقديم الحقائق في تضييق شقة الخلاف بين الطرفين. قاد المفاوضات المستشار النرويجي لوسيط الإيقاد أندريه ستيانسن، وبدا الاتفاق وشيكاً جداً، وفيما يتعلق بالقضايا الأخرى تم التفاوض حول عدد كبير من النصوص، لكن بقيت القضايا الرئيسية على طاولة المفاوضات بلا حل.
في أواخر أبريل هاتفني دكتور جون ليخبرني عن اجتماع قادة التجمع الوطني الديمقراطي في أسمرا، وانتهزت الحركة الشعبية الفرصة لإطلاعهم على سير عملية التفاوض والتداول معهم حول كيفية تشكيل حكومة عريضة بعد توقيع اتفاقية السلام، كما تم التباحث حول القضايا الدستورية، واستعرض دكتور جون بعض القضايا التفاوضية مع شخصي وأكد ضرورة الموافقة على مبدأ الجيشين خلال الفترة الانتقالية قبل أن تقدم الحركة الشعبية تنازلات في القضايا الأخرى، كما أبدى عدم رضاه عن الطريقة التي تدار بها هذه المفاوضات بالذات من قبيل فريق الإيقاد.
بالنسبة للمليشيات «أشير إليها ب «القوات الأخرى» في المفاوضات، فقد رفض قرنق لأول وهلة فكرة إشراكها في المفاوضات، واعتبرت الحركة الشعبية هذه المجموعات قوات موالية لحكومة الخرطوم وتعمل على زعزعة الاستقرار في الجنوب ورأت أن ضمهم للمفاوضات أمر مثير للسخرية تماماً.
إجمالاً كان دكتور جون متفائلاً ولكنه حذر من المواعيد النهائية المصنوعة وشكك في اكتمال المفاوضات في يوليو، كان واضحاً أنه ليس في عجلة من أمره.
وخلال هذه الفترة مع نهاية أبريل وصلتنا تقارير عن تصاعد القتال في دارفور وكنا قلقين بشكل متزايد، كما وصلتنا معلومات تفيد بأن الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان ربما يكونون متورطين في مد جماعات المتمردين في دارفور بالسلاح، كما أصدرت الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان بياناً عبّرت فيه عن مساندتها للمتمردين، ولا شك أن هذه الخطوة ستعرقل من مساعي السلام، ونحن في الجانب النرويجي حذرنا من أن هذا الدعم سيضر بمفاوضات الإيقاد ويقوض مذكرة التفاهم الخاصة بوقف العدائيات التي من المفترض أن تطبق في كافة أنحاء السودان، ونفى قرنق تقديم الحركة/ الجيش الشعبي أي مساعدات للجماعات المتمردة.
وفي ذلك الوقت كانت صديقتي وزميلتي، كلير شورت، منهمكة في فترة صعبة من المداولات حول العراق في مجلس الوزراء البريطاني وبشكل مباشر مع رئيس الوزراء بلير، وفي مطلع مارس أخبرتني كلير بأنها هددت بتقديم استقالتها إذا لم يتم الالتزام بشروط معينة، وإذا قررت بريطانيا خوض الحرب في العراق دون تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومن ضمن شروطها بذل مزيد من الجهود لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وأن تكون المسؤولية الكلية عن إعادة إعمار العراق من ضمن مسؤوليات الأمم المتحدة، وحينما استبان لها عدم الالتزام بشروطها استقالت من منصبها كوزيرة للتنمية الدولية في 12 مايو 2003م وكانت استقالتها نكسة كبيرة للجهات المعنية بالتنمية ولتعاوننا بشأن السودان، وخلفتها البارونة أموس في حقيبة التنمية الدولية في الحكومة البريطانية، ورغم المحاولات الرامية لتأسيس علاقات عمل وثيقة بيننا، إلا أن تعاوننا مع بريطانيا عانى من تغيير القيادة، إذ لم يكن السودان من ضمن أولويات الوزيرة الجديدة.
لقد غادرت كلير شورت في مرحلة حرجة من المفاوضات، وقبل مغادرتها بفترة وجيزة ما بين 30 أبريل 1 مايو استقبلت هي وجاك سترو وزير الخارجية البريطاني، النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه، ووزير الدولة يحيى حسين بابكر، ووكيل الوزارة مطرف صديق، وأتى والتر كانستينر من واشنطن للتباحث مع طه حول الإرهاب ومحادثات السلام، وكما قال طه مؤخراً:
خلال اجتماعي مع كانستينر بلغته الرسالة الرئيسية بأننا مستعدون لقبول جيشين في الدولة، القوات المسلحة السودانية، والجيش الشعبي لتحرير السودان. أتى كانستينر إلى لندن خصيصاً للتباحث معي حول هذا الموضوع، وفهمت أن هذه هي الأجندة الرئيسية وراء زيارته، كما استعنت بالمؤتمر الصحفي لإيصال رسالة أخرى هامة: عندما سُئلت عن منصب نائب الرئيس وإذا كنت مستعداً للتنحي في حالة تم التوصل إلى اتفاق قلت لهم: نعم.
وأكد طه أن الغرض من بث هذه التطمينات هو بعث رسالة للحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان أن الحكومة تريد العمل معهم، وسُئل إذا كان يعتبر زيارته للندن نقطة تحول، رد قائلاً: «نعم، هي كذلك».
وسمعنا من والتر كانستينر أن الجيشين يحتاجان إلى هيئة تنسيقية من نوع ما، أي مجلس أو هيئة دفاع مشترك، كما يتعين توضيح مهام الجيشين، ومن ضمنها دور القوات المسلحة السودانية في الجنوب، ويمكن التفاوض لاحقاً بشأن تفاصيل دمج الجيشين مستقبلاً بعد انقضاء الفترة الانتقالية، بخصوص الخطوط الحمراء كان طه واضحاً جداً في لندن وطلب ألا تؤدي ترتيبات الفترة الانتقالية إلى التأثير المسبق على نتيجة الاستفتاء. كما تمت مناقشة دور المليشيات «والجماعات المسلحة الأخرى» والضمانات التي يمكن أن تقدمها الحركة الشعبية. ولم يعترض نائب الرئيس على المراقبة الدولية لوقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية، أيضاً تحدث طه عن مجمل عملية السلام موضحاً أنهم بحاجة إلى تفاعل أكثر قوة ومباشر بين الطرفين أكثر مما أتاحه منبر الإيقاد حتى الآن، علاوة على ذلك، وردنا من كول دينق في المملكة المتحدة أن طه مهتم جداً بالوضع في دارفور وهو قلق من تمدد المعارك وانتشارها في الشرق وكسلا. وقال النائب الأول للرئيس إنه ملتزم بإكمال المباحثات في 30 يونيو، وكان هناك ثمة حديث يدور حول لقاء آخر مرتقب بين الرئيس البشير وزعيم الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان، وعند هذا التقاطع لم نشأ عرقلة إجراء الانتخابات خلال الفترة الانتقالية حسب طلب الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.