سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اندلاع السلام (نيفاشا) ..الحلقة الرابعة
نشر في الانتباهة يوم 02 - 12 - 2011


هيلدا فرافجورد جونسون/ ترجمة: فريق ميتافرسي
إنها لحقيقة مؤلمة إن إحلال السلام أكثر مشقة على الدوام من شن الحرب.. غير أن حصاد السلام بلا شك هو الأوفر عائداً.. لقد استغرقت اتفاقية السلام الشامل التي أنهت في عام 2005م الحرب الأهلية الثانية في السودان ثلاث سنوات تقريباً لتبلغ تمامها، وما كانت هذه الاتفاقية لتوقع على الإطلاق لو لا إخلاص مجموعة صغيرة من الأفراد، من السودان ومن المجتمع الدولي..
من بين أعضاء المجتمع الدولي تبرز هيلداف جونسون، وزيرة التنمية الدولية في النرويج وقتها، ثانية المدير التنفيذي لليونسيف الآن.. بجهودها التي لم تكل لجمع اللاعبين الكبار.
ويمثل هذا الكتاب رواية هيلدا من الداخل حول كيف تفاوض طرفا أطول حرب أهلية في إفريقيا، أي الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني لإنهاء عشرين عاماً من سفك الدماء. وتأخذنا هيلدا، مستفيدة من قدرتها الفريدة على التواصل مع قائد الحركة الشعبية الراحل جون قرنق وعلي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني في رحلة أخّاذة تبدأ منذ مستهل المحادثات في نيروبي إلى لحظة توقيع الاتفاقية ذات المائتين وستين صفحة في نيفاشا بعد ستة عشر شهراً. وهذه الرحلة غنية بالنظر العميق في الديناميات السياسية لشمال وجنوب السودان، بقدر قوة استخلاصاتها حول آليات التفاوض والحاجة لارتباط قوي من قبل المجتمع الدولي.
النزاع السوداني الشمالي الجنوبي كان لعقدين تقريباً واحداً من تلك النزاعات المعقدة، وقد بدا عصياً على الحل ما لم تُغيّر بيئة السياسات الأوسع على نحو درامي، وكما تشير هيلدا فقد أدت أحداث 11 سبتمبر المأساوية إلى هذا التغيير ووفرت الحافز لاتفاقية السلام الشامل.. وبدون الشعور الملح الذي خلقته صور اصطدام الطائرات وانهيار البرجين، لم يكن من المرجح أن توافق النخبة الحاكمة في الخرطوم على التسويات الضرورية.. لكن وبقدر ما أسعفت الديناميات الخارجية المفاوضات. تساعدنا حتمية تلك المفاوضات على إدراك حجم الانسداد في السودان.. لقد كشف التطبيق المتباطئ والمثقل بالمشكلات للاتفاقية عبر السنوات الخمس الماضية أن مأزق الانسداد سيظل قائماً، وقد يتفاقم مع اقتراب الاستفتاء الحاسم حول مستقبل جنوب السودان.
إذن فالحاجة إلى إحلال السلام في السودان هي أكبر من أي وقت، وهذا الكتاب لا غنى عنه لأي شخص رصد وتابع ذلك الجهد الخارق وأراد أن يجيب عن السؤال الصعب وهو: كيف تحقق ذلك السلام.
كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة 1997م 2006م
ومع حلول إدارة أمريكية جديدة، كان عليَّ أن أبدأ بناء العلاقات كان ولتر كانستاينر، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، هو رصيفي الجديد، وكان جون دانفورث هو المبعوث الخاص للرئيس بوش، سرعان ما التقيت وكانستاينر في واشنطون، وكانت هنالك عدد من المشاورات على المستوى الرسمي، بدأنا ننسق الاتصالات مع الحكومة السودانية والحركة/ الجيش الشعبي كان للولايات المتحدة عقب 11 سبتمبر اهتمام استراتيجي أكبر بالسودان، على الأقل من منظور مكافحة الإرهاب وفي الكونغرس كان هنالك اهتمام مستمر ايضاً تدعمه كتلة النواب السود والمسيحيين الإنجيليين من جانب الجمهوريين، أصبح بوش شخصياً مشاركاً في العملية ليصبح أول رئيس أمريكي يرتبط مباشرة برئيس الحركة/ الجيش الشعبي لتحرير السودان كان سبب عضوية بريطانيا في الترويكا واضحاً، فبوصفها القوة الاستعمارية السابقة أبدت اهتماماً قوياً بالبلاد، على المستوى السياسي كان الارتباط البريطاني لإنهاء النزاع أقل، لكن هذا الوضع كان يتغير، خاصة بين مسؤولي التنمية.
كانت كلير شورت وزيرة التنمية الدولية، وهي الآن صديقة قديمة، من بين أول من تواصلت معهم في المملكة المتحدة عقب عودتي للوزارة فقد عملنا معاً على عدد من القضايا المرتبطة بالتنمية وافريقيا منذ فترتي الأولى في الوزارة في 1997م 1998م أصبحت افيلين هيرفكينز وزيرة للتنمية في هولندا وتولت هايدماري ويزوريك «المعروفة باسم رووت هايدي» مسؤولية التنمية في الوزارة الألمانية الجديدة، وقد رأيت إمكانية أن يحقق فريق تقدمي من الوزيرات النساء فرقاً في التنمية الدولية، دعوت جميعهن إلى أوتستاين موناستري، الجزيرة التي تقع تحت دائرة اختصاصي قبالة ساحل ستافانغر، لبضعة أيام وكانت إستراتيجيتنا هي السعي وراء إصلاح سياسات وممارسات التنمية على أساس المشاركة العالمية مع مسؤولية متبادلة «نقوم بما يخصنا، وعليك أن تقوم بما يخصك» وهو خط من التفكير رسا لاحقاً وقنن بوصفه الهدف الثامن من أهداف الألفية في إجماع مونتري، وقد أطلق هذا الاجتماع علاقة عمل وصداقة وثيقة بين أربعتنا وستحدث ما سميت ب«مجموعة أوتستاين» فرقاً كبيراً في التنمية الدولية خلال السنوات الأربع أو الخمس التالية في سياق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وفي ما يتعلق بمؤسسات بريتون وودز، على السواء.
أصبح هذا التحالف مهماً أيضاً فيما يتعلق بالسودان، وكجزء من تقسيم العمل داخل مجموعتنا، تسلمت ملف السودان ووجهت افيلين هيرفكينز المسؤولين في وزارة الخارجية الهولندية بأن يأخذوا النصح من النرويج وقد منح هذا موقفنا وزناً أكبر، كانت الصداقة والشراكة والثقة بيني وكلير شورت عاملاً حاسماً للمفاوضات وبينما كنت منخرطة في الأنشطة اليومية كنت متيقنة من أن بإمكاني الاتصال بكلير في أي وقت والحصول على دعمها، وقد برهنت أنها من أهل العمل الجماعي حقيقة، وقد كانت تقف بشكل كامل في ما اتفقنا عليه لاحقاً بوصفه مقاربتنا المشتركة للوصول إلى حل سلمي للنزاع السوداني، كان موقفها من حق تقرير المصير مهماً بوجه خاص، وقد تساءلت كلير في أول نقاش لي معها عن السودان في لندن في 1998م مازحة ما إذا كنت أصبحت من أنصار الحركة/ الجيش الشعبي قلت لها إن تأييد حل عادل للجنوبيين والشعوب المهمَّشة الأخرى في إطار تفاوضي متفق عليه لا يعني مناصرة الحركة الشعبية، وشددت أيضاً على أهمية العلاقات الطيبة مع الخرطوم لكن الكر والفر أعطياني سبباً لتأمل ما يقتضيه الحفاظ على الحياد في نزاعٍ ما، وأنت تحمل آراء قوية حول قضايا بعينها، بالنسبة لي فإن تلك القضايا المعينة ترتبط بالمبادئ والقيم الكبرى، بغض النظر عن ظروف ومواقف كل من الطرفين.
ظللت خلال الشهور الثمانية عشر التي قضيتها خارج الوزارة على اتصال باللاعبين الرئيسيين في السودان، وكنت أعلم أن القليل من التقدم قد أحرز، كانت كلير وافيلين ما تزالا وزيرتين، ومن ثم فقد عاودنا على الفور اتصالاتنا الرسمية وقررنا الاستمرار في عملنا على جدول أعمال تنموي عريض.. أمن فريق السودان في النرويج على أن الوقت الصحيح قد أزف لبدء تحرك حول عملية السلام، وقد أضافت 11 سبتمبر زخماً لهذا الجهد. كانت الحكومة السودانية تُدرك أن التعاون ضد الإرهاب وصنع السلام مع الجنوب يمكن أن يحسن العلاقات مع الولايات المتحدة. وقد وفَّر هذا حافزاً مهماً للتفاوض بجدية كما سنرى.
كان مبرر الترويكا لتحركها هو الحاجة لفريق صغير ومتماسك من البلدان التي لها نقاط قوتها في علاقتها بطرفي النزاع في السودان كانت بريطانيا مهمة بوصفها القوة الاستعمارية السابقة وكان لوزارة خارجيتها معرفة واسعة بالسودان واتصالات كثيرة بين الشخصيات المهمة في الخرطوم، وكان للنرويج علاقات وثيقة بالجنوبيين. فالمنظمات غير الحكومية النرويجية مثل العون الشعبي النرويجي عملت في جنوب السودان لعقود، وعملت منظمة العون الكنسي النرويجي في الجانبين طوال فترة النزاع، وكانت مشاركتنا ستعطي الجنوبيين الثقة في دور الترويكا وفي عملية السلام، وقد شكلت فريقاً تكون من أناس ذوي خبرة طويلة واتصالات مستمرة بالبلاد بما في ذلك هالفور اسكيم المعروف والمحترم على نطاق الإقليم كان دور الولايات المتحدة حاسماً فقد كنا نعرف أن لا فرصة لنجاح أي جهد للسلام في السودان بدون المشاركة الأمريكية الوثيقة ففي متناول يد الولايات المتحدة أوسع وأقوى حزمة من العصي والجزرات، وقد قررنا في الترويكا أن نستخدم طيفاً من تلك العصي والجزرات وسنبذل أقصى ما بوسعنا لإحياء عملية السلام وجعل اتفاقية السلام حقيقة ماثلة.
دانفورث: سبر غور المياه
كان جاك دانفورث، المبعوث الأمريكي الخاص للسودان والسيناتور السابق قسيساً أسقفياً وسياسياً مخضرماً في مقدمة أعضاء الحزب الجمهوري وهو كذلك براغماتي، يريد أن يرى نتائج ملموسة كان دانفورث في مهمة قصيرة جزئياً لأسباب شخصية وكان لديه القليل من الخبرة بإفريقيا ومعرفة محدودة بالسودان، لكنه قرر أن يسير بسرعة، فقدم خلال زيارته الأولى للسودان في نوفمبر 2006م، وبدون الكثير من المشاورات الدولية، حزمة من الاختبارات صممت لقياس مستوى التزام السودان. بعض هذه الاختبارات كان ذا أهمية خاصة للدوائر الأمريكية، وصممت الأخرى كنماذج للاتفاقيات الشاملة مع انطلاق المفاوضات فاتفاقية جبال النوبة لوقف إطلاق النار على سبيل المثال كان الغرض منها البرهنة لطرفي النزاع أنه إذا كان وقف العدائيات ممكناً في منطقة معينة يمكن الوصول له على النطاق الأعم، وترتيبات وقف إطلاق النار كانت مثالاً آخر لاختبارات دانفورث.
تضمن الاختبارات الأربعة، السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الحركة في جبال النوبة ووقف إطلاق النار في المنطقة، السماح بتوصيل الإغاثة وبرامج التطعيم، بما في ذلك الاتفاق على أيام ومناطق للهدنة، وقف القصف الجوي للأهداف المدنية، لجنة للتحقيق في حالات الاسترقاق وإطلاق سراح الأشخاص المسترقين كان غير مسموح لغرباء بالوصول إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة الشعبية في جبال النوبة وقد مثل نجاح دانفورث في تأمين زيارتها اختراقاً كبيراً، لكن القوات الحكومية قصفت ممر الطائرات في 11 نوفمبر، قُبيل وصول أولى رحلات الأمم المتحدة الجوية، بغرض تأخير أو منع وصول المبعوث الخاص حسبما هو ظاهر. لكن دانفورث لم يرتدع.
فاجأ مسار دانفورث البريطانيين والنرويجيين وقد خشينا أن يحرف التركيز على القضايا الإنسانية الانتباه وبالتالي يؤخر إحياء عملية السلام، لم تبد كل «اختبارات» الأمريكيين ضرورية أو ملحة بالنسبة للجهود الجماعية. لكن ثبت في خاتمة المطاف. أن الكثير من تلك الاختبارات كانت مهمة للمحادثات لاحقاً.
رغم أن الحكومة السودانية كانت سعيدة بارتباط الولايات المتحدة فقد كانت قلقة أيضاً من مقاربة دانفورث ورغم أنه قد نظر لهم باعتبارهم متباطئين فقد قبلوا الاختبارات الأربعة، كانت المهمة ناجحة رغم استمرار القصف الجوي للمدنيين، ردت الحركة الشعبية إيجاباً على الاختبارات المتعلقة بها. وفي طريقه من السودان زار دانفورث لندن وأوسلو للتشاور مع زملائه في الترويكا ولشرح المبرر وراء تلك الاختبارات، وعد دانفورث أن تراقب الولايات المتحدة الأداء على الأرض، وأن يقوم بزيارات منتظمة للحفاظ على مواصلة الضغط في أوسلو التقى دانفورث بالمبعوث السويسري إلى السودان السفير جوزيف بوتشر وناقشا إمكانية دعوة الطرفين إلى بيرغنستوك لإجراء مباحثات حول جبال النوبة. سيعود دانفورث إلى السودان في يناير وحيث كنا قد عزمنا أنا وكلير شورت أن نزور البلاد في نفس التوقيت فقد اتفقنا أن نلتقي هناك ومع تقديرنا لجهود دانفورث فقد شددنا على ضرورة الجهد الجماعي لإحياء مفاوضات السلام.
في مطلع 2002م سجل تقدمًا في ثلاثة من المجالات الأربعة، أي المساعدات الإنسانية في جبال النوبة والوقف المؤقت لإطلاق النار وترتيبات وقف العدائيات «أو «مناطق الهدنة» بغرض تطعيم الأطفال، وكما تم التوصل إلى اتفاق حول لجنة للتحقيق في أعمال الاختطاف والاسترقاق ومع ذلك فقد بدأت الحكومة السودانية هجومها في فصل الجفاف في العديد من الجبهات وكان من ضمن جبهات الهجوم جبال النوبة حيث جرت هجمات أرضية واعتقالات في غرب أعالي النيل، وبحر الغزال وجنوب النيل الأزرق وعلى الأرجح كانت الخطط المعدة لهذه الهجمات هي السبب وراء رفض الحكومة لوقف القصف الجوي، وكما حدث كثيراً من قبل، يبدو أن الحكومة كان لها اختباراتها أيضاً إلى أي مدى يمكنهم المضي، وما هو مدى التزام الأمريكيين.
تظل إستراتيجية الولايات المتحدة محلاً للجدل، فهي قد «اختبرت» رغبة الطرفين في تطبيق المعايير الإنسانية ومعايير حقوق الإنسان، لكنها لم تختبر إرادتهما السياسية أو جاهزيتهما للسلام، وحيث إن تلك الاختبارات لم تعكس بالضرورة المتغيرات التي تشكل حسابات الطرفين، فقد يساء تفسير عدم الإذعان لها بوصفه افتقاراً للإرادة السياسية، لكن ليس من شك أن هذه الاختبارات بلورت اهتمام الولايات المتحدة بالسودان وارتباطها بمفاوضات السلام.
كانت أكثر آراء دانفورث إثارة للجدل تدور حول موقف الحركة الشعبية من الحق في تقرير المصير، وكان تصريحه المتكرر حول أن الاستقلال ليس بالحصيلة الواقعية، وهو الاستخلاص الذي عكسه في تقريره إلى الرئيس بوش، يعني ضمناً أن مطلب الحركة بالاستفتاء كان مجرد مساومة سيتم التخلي عنها مقابل تنازلات في مجالات أخرى، وقد وجدت الحركة الشعبية وجنوبيون آخرون هذه التصريحات عدائية، فهم لن يتخلوا أبداً عن الحق في تقرير المصير كان هذا «خطاً أحمر» بالنسبة لهم وسيظل كذلك طوال فترة المفاوضات.
اكتسب دانفورث في نهاية المطاف معرفة وتعلقاً قويين بالسودان، وقد عدل بهدوء مواقفه عبر الزمن وكفّ عن التصريحات ذات الطابع المتحيِّز حول حصيلة المفاوضات، وفي نهاية الأمر أثبت دانفورث أنه كان فعّالاً، يعمل عن قرب مع الترويكا ويلعب دوراً مهماً في بعض اللحظات المفصلية من المفاوضات، كذلك كان دانفورث مهما في مراحل لاحقة فقد أعاد، بوصفه سفيراً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، تركيز الانتباه على اتفاقية سلام السودان، كما نظم، عندما رأس مجلس الأمن، جلسة المجلس حول السودان في نيروبي في نوفمبر 2004م، عندما وضع جدولاً صارمًا لاستكمال المفاوضات، كان هذا ضرورياً لإجبار الطرفين على الاتفاق على البرتوكول الأخير حول التطبيق في 31 ديسمبر 2004م، لكن بالرغم من أن دور الولايات المتحدة بنفوذها السياسي وجزراتها وعصيها كان مهماً لنجاح الترويكا، كان الأمريكيون أقل فاعلية عندما يعملون منفردين بدون تعاون ونصح البلدان الأخرى، وقد برهن تضافر ما تملكه البلدان الثلاثة أنه كان المقاربة الأفضل.
الترويكا والقمة
زرنا جاك دانفورث وكلير شورت وأنا السودان في يناير 2002م كانت تلك فرصتي الأولى منذ عودتي الوزارة لمقابلة اللاعبين الأساسيين في الجانبين وقد مثلت قمة الإيقاد التي عُقدت في الخرطوم في «8 9 يناير ذروة الجهود الدبلوماسية السودانية للهروب من العزلة، وقد نجحت القمة نجاحاً عظيماً من ناحية مستوى مشاركة رؤساء الدول، ومن ناحية حصيلة الاجتماع نفسه.
طلبت القمة من الرئيس موي أن يبحث عن سبيل لاستيعاب المبادرة الليبية المصرية ضمن عملية الإيقاد، وكان من المسائل الأساسية في هذا الصدد ما إذا كان ضرورياً تعديل إعلاني المبادئ اللذين قامت عليهما المبادرتين، ومثل ما كانت الحركة/ الجيش الشعبي ستعارض أي تغيير يُضعف الفقرة الخاصة بالحق في تقرير المصير في إعلان مبادئ الإيقاد، فإن الخرطوم ستفضل بالضبط إعادة صياغة تلك الفقرة، وفي النهاية لم يقم القادة المصريون والكينيون بأي محاولة جدية لدمج المبادرتين، وهو تقصير جعل مسار الإيقاد يحافظ على تقدمه، وقد كنت بوصفي رئيسة مشاركة لمنبر شركاء الإيقاد راضية تماماً بتلك الحصيلة ودعوت في خطابي إلى القمة، الأطراف السودانية إلى استخدام «السانحة» التي أُتيحت لهم للتفاوض حول السلام، وأن يتفاوضوا بجدية واستعجال وقد تعهدت بدعمنا الكامل لمجهوداتهم.
كان مضيف القمة هو الرئيس البشير الذي اعتبر وقتها وعلى نطاق واسع رأس النظام، وعلى خلاف اعتقاد الكثيرين، على الأقل في ضوء قرارات المحكمة الجنائية الدولية، فالبشير ليس أكثر أعضاء الحكومة تشدداً، وليس من بين أولئك الذين يتبنون جدول الأعمال الإسلامي بشكل متشدِّد، ولكون البشير تدرج في رتب الجيش فهو رجل عسكري أولاً وأخيراً، ليس ماهراً في الأحاديث الناعمة أو التعبيرات الدبلوماسية المصقولة «سيصبح هذا واضحاً للعالم لاحقاً أثناء أزمة دارفور». وفي نفس الوقت كان البشير، الذي نجا كرئيس من الكثير من حالات الصعود والهبوط منذ 1989م، أكثر قدرة على المناورات السياسية مما يوحي به الانطباع الأول، ونقاش المسائل الحساسة معه ليس أمرًا سهلاً على الإطلاق، على الجانب النرويجي كان لدينا مصادر قلق رئيسية لكني عرفت بالغريزة أن المواجهة ستعود بنتيجة عكسية، فنقلت وجهات نظرنا بطريقة جعلت البشير محل احترام في الحوار، وإن لم يكن دائماً سعيداً به. كما لم يشكل اعتداده بنفسه مشكلة حتى عندما خرقت البروتوكول في إحدى زياراتي على سبيل المثال، بمقابلته هو ونائبه علي عثمان طه وقد التقيت بكليهما مراراً عندما يكون كلاهما في المدينة.
قبل القمة كان دعم وحضور الغرباء للمفاوضات أمراً حساساً، وفي حين كان الكينيون قلقين نوعاً ما، نقل لنا الطرفان بدبلوماسية أن مثل هذا الدعم كان ضرورياً ورغم أن منبر الشركاء يقدم المساعدة كانت الترويكا ستكون أكثر أهمية، فقد كانت تقعد بها حمولات تاريخية وكما قال أحد مسؤولي الحركة/ الجيش الشعبي بصراحة «لا يمكن للإيقاد أن تقوم بهذا العمل منفردة»، وكرر مسؤولو الحكومة السودانية وجهة النظر هذه، كان الاعتراف الرسمي بنا هو أفضل سبيل لإرساء دورنا، وهكذا فقد رحب البلاغ الختامي لقمة الإيقاد بالدعم الدولي، ليقبل بذلك دور منبر الشركاء كمراقبين في المفاوضات ومثّل ذلك النص الأساس الرسمي لجهود الترويكا في المفاوضات، وكانت الكثير من التوقعات في الأفق.
كلير شورت في مناطق «المتمردين»
كانت كلير شورت قد عادت لتوها من الجنوب ومن أول اجتماعاتها مع جون قرنق عندما التقينا في الخرطوم، ناقشنا الوضع وحصيلة اجتماعات كلينا، وما يمكن عمله لإطلاق المفاوضات، كانت كلير قد أصدرت سلفاً تكليفاً بإعداد تحليل للنزاع السوداني من الناحيتين العسكرية والأمنية خلص إلى أن هذا النزاع يمكن أن يستمر بلا نهاية، لكنها كانت ما تزال تعتقد أن من الممكن الوصول إلى «صفقة» توافق عليها الحكومة حين يتاح لها الارتباط دولياً وتخفيف ديونها، ويمارس في ظلها الجنوب تقرير المصير في استفتاء يلي فترة انتقالية، نفذت كلير المعروفة بنفاد صبرها وحديثها المستقيم إلى لب القضايا، وقد أرادت أن تعرف، وهي تضع الرئيس البشير ورئيس الحركة الشعبية في الصورة، أن تعرف ما الذي يمكنهما القبول أو السماح به، ووضعت كلير «حزمة صفقتها» بوصفها ما يشكل الطريق إلى الأمام، وقد كانت راضية عن حصيلة نقاشاتها.
لم يكن لكلير شورت فكرة وقتها عن الجهد الذي بذله جون قرنق للقائها، كان ألن قولتي يحاول في البداية ضمان أن يكون الاجتماع مع الحركة الشعبية في مستوى أقل، لكن كول دينق، الشخصية القيادية في الحركة في المملكة المتحدة، أدرك أهمية ما سيكون عليه أول اجتماع بين رئيس الحركة الشعبية ووزيرة من حكومة جلالة الملكة، فأصر.. كان قرنق واقعاً تحت ضغط جدول زمني ضيق فطلب وسيطاً موثوقاً ليستأجر له طائرة، ولأسباب أمنية لم يكن جون قرنق يستخدم الطيران في جنوب السودان، لكنه كان يريد الآن أن يفعل ذلك استثناءً، وقد أمر بأن يكون كل شيء سرياً، وعندما جاء أحدهم، وكان قرنق لا يثق فيه، ليقول إن الترتيبات اكتملت، تظاهر رئيس الحركة الذي اشتم رائحة مؤامرة، بالجهل، قال قرنق معنفاً مساعده الذي خرق السرية وهو يرفع أصبعاً، ليمثل شخصاً واحداً هو شخصه، ثم رفع أصبعين «ما الفرق بين شخصين وأحد عشر شخصاً؟ لن استخدم الطائرة، سأقود السيارة» عمل قرنق وقتها مواعيد اجتماع خطط له في نيروبي لدمج منظمة رياك مشار والحركة الشعبية، وقاد السيارة لحوالى ستين ساعة ليصل ليلاً للقاء كلير شورت التي طارت إلى رومبيك بعد ساعات قليلة من وصوله لها. انضم ألن قولتي إلى كلير التي وفقت باستدعائها للسفير رتشارد ماكيبيس من الخرطوم.
كانت الاجتماعات مطولة، وقد انبهرت كلير بالتزام رئيس الحركة ومقدراته الفكرية، وكان أكثر ما أسعدها حماسه ل«الحزمة» التي ناقشاها، دعت كلير قرنق لزيارة لندن وهي الزيارة التي ستكون اختراقاً لعلاقات الحركة بالمملكة المتحدة.
كانت مناقشات شورت مع علي عثمان طه والمسؤولين الحكوميين الآخرين مشجعة كذلك. وكان من وجهة نظرها التي اتفقت فيها معها تماماً أن حرص الحكومة على إنهاء عزلتها يتيح لنا فرصة حقيقية للتقدم، لقد أصبحت كلير الآن شريكاً متعاطفاً في عملية السلام تؤثر على تفكير رئيس الوزراء توني بلير، وتدفع نحو تغييرات رئيسية في سياسة المملكة المتحدة تجاه السودان. وكانت متيقنة تماماً أن استفتاء جنوب السودان هو مفتاح الأزمة، وأن ذلك الاستفتاء يجب أن يتضمن خيار الانفصال، كنت أيضاً سعيدة بحصيلة القمة وبالنقاشات في الخرطوم، فانطلقت إلى رومبيك للقاء دكتور جون قرنق وقيادة الحركة.
انطلق جيشان من نشاط الترويكا، ومن السودان ذهبت مباشرة لإجراء محادثات مع الأمريكيين والبريطانيين في 14 يناير، وقد دارت نقاشات مفصلة بيني وولتر كانستاينر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية وألن قولتي حول اختبارات دانفورث الأربعة، ومررنا على ما سميناه «اللا أوراق non - papers» التي صاغها جانبنا النرويجي حول القضايا المتعلقة بإحياء المفاوضات، التقينا مرة أخرى في 4 فبراير في واشنطن، وقد تبع ذلك محادثات رسمية بعد عشرة أيام فقط في أوسلو، وبحلول ذلك الوقت كان التعاون في إطار الترويكا قد تأسس بدوره مع تنسيق وثيق بين العواصم وفي بعثات الأمم المتحدة والسفارات في البلدان ذات الصلة، في تلك المرحلة لم تصدر أية إشارة علنية إلى أنشطتنا خوفاً من أن تثير التوترات مع الدول أعضاء الإيقاد ومنتدى شركاء الإيقاد.
في غضون ذلك تشاورت كلير شورت مع وزارة الخارجية و«10» داوننج ستريت. كذلك واصلنا كلير وأنا مشاوراتنا مع الأمريكيين، وقد توجت تلك الجهود في 7 فبراير خلال زيارة توني بلير إلى نيجيريا، ففي خطاب إلى البرلمان النيجيري قال رئيس الوزراء البريطاني: انغمس السودان في النزاع طوال سنوات ما بعد الاستقلال، خلال عشر سنوات. ونواصل نحن وغيرنا تقديم مساعدات إنسانية مكثفة. لكن هذه المساعدات لا تمثل بديلاً للسلام. أود أن أعلن اليوم، إنني أنوي تعيين مبعوث خاص ليعمل مع الآخرين في البحث عن السلام وستُظهر بريطانيا الالتزام السياسي الضروري والدعم الملموس. وسأدعو مجموعة الثماني في يونيو لمضاعفة جهودها لتحقيق السلام في هذين النزاعين.
وجاء تعيين ألن قولتي كممثل خاص بعد وقت قصير من ذلك.
إلى جبال النوبة وأولى علامات السلام
لشعب جبال النوبة تاريخ حديث مشابه لتاريخ الجنوب فقد كانت الغارات من أجل الحصول على الرقيق كثيفة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وعندما وصل البريطانيون لجأوا إلى العمليات العسكرية الواسعة بما في ذلك القصف الجوي لإخضاع السكان المحليين وقد وضعت المنطقة تحت إدارة منفصلة لبعض الوقت. وجرت محاولات لإغلاقها أمام النفوذ الشمالي، ظل الإقليم نائياً، ومتخلفاً، على الحدود بين الشمال والجنوب لكنه لا ينتمي لكليهما.
قادت النزاعات على الأرض والموارد منذ الاستقلال إلى التغريب المتزايد للسكان المحليين، وقد حابت الخرطوم في النزاعات الطويلة بين النوبة وجيرانهم العرب البقارة الرحل، الأخيرين. وخلال المراحل الأولى من الحرب الأهلية الثانية بدأت الخرطوم تسليح البقارة والمسيرية ضد غارات الجيش الشعبي لتُحدث المزيد من الخلل في توازن القوة في غير صالح النوبة. وعندما ظهر ممثلو الجيش الشعبي في قرى النوبة في 1985م، لم يجدوا عناء في تجنيدهم. ردت الحكومة بعنف مباشرة أو من خلال مليشيات المسيرية، وبحلول الثمانينيات وصلت الحرب في جنوب كردفان إلى زخمها الخاص.
ظلت جبال النوبة البعيدة من الحدود الدولية لا تخرج منها الأخبار خلال فترات الحرب الطويلة وكان جزءًا من استراتيجية الخرطوم لمواجهة التمرد حرق المحاصيل والقرى، وتعطيل التجارة ووصول المساعدات الإنسانية ويبدو أن الهدف كان تجويع السكان ليخرجوا من الجبال، ودفعهم إلى «قرى السلام» حيث يمكن السيطرة عليهم، وقعت انتهاكات واسعة في تلك المعسكرات حيث مات الناس من المعاملة وسوء التغذية والأمراض «أشار البعض إلى هذه الممارسات بوصفها جزءاً من سياسة الاستيعاب القسري للنوبة في التيار الرئيسي للثقافة الشمالية وسمي ب«المشروع الحضاري» قدم القليل من العون الخارجي في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة من خلال المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، لكن هذا العون لم يكن كافياً. وقد نجحت الخرطوم في التشويش على جهود المساعدة الدولية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة الشعبية، حتى خلال أسوأ المجاعات في 1991م 1992م. وقد نجحت عملية شريان الحياة بتقديم المساعدات لاحقاً، لكن لم ترسل أولى بعثات الأمم المتحدة لتقييم الأوضاع الإنسانية إلى مناطق الحركة/ الجيش الشعبي إلا في 1999م ومع تجدد جهود السلام كانت المقاومة في المناطق الحدودية متصاعدة وواضحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.