{التقى السيِّد الصادق المهدي أثناء زيارته إلى مصر بمؤسس ما يُعرف بالتيار الشعبي حمدين صباحي، وهو منافس مرسي في الانتخابات المصرية، وهذا التيار الشعبي يعلم الصادق المهدي أنه حلف سياسي عدواني ضد الصحوة الإسلامية في مصر التي تعرضت في فترات متصلة للاحتلال الأوروبي والغزو العلماني ومحاولات إبعاد المجتمع المصري فيها عن الحضارة الإسلامية بمختلف الوسائل، أقلها الأفلام الفاسقة والفاجرة والخليعة. لكن السيد الصادق المهدي كان ما يهمه هو رسم صورة توحي بأنه يعارض الحكم الإسلامي في السودان، ويلزمه هذا أن يعارضه في مصر. فقد قال إمام الأنصار:«التيار الشعبي ضخ دماءً سياسية جديدة في مصر. مع أن تأسيس هذا التيار قد سبقته عملية انتخابية ديمقراطية لن تجعل مصر في حاجة إلى هذا التيار الشعبي، فماذا بعد العملية الديمقراطية؟! اللهم إلا الكيد والحقد على جماعة الإخوان المسلمين التي تمثل التيار الشعبي المحترم باعتبارها كسبت أصوات الأغلبية. فمرسي رئيس منتخب جاء به الشعب، ويبقى التيار الشعبي فائتاً لأوانه، فكان ينبغي أن يكون قبل الثورة المصرية ثورة 25 يناير، لكنه الآن يبقى معارضة قبيحة جداً. ولماذا لم يتكون هذا التيار الشعبي إثناء إجراء الانتخابات؟ هل لأنه كان يستبعد فوز الإسلاميين؟!..إنه إذن قصر النظر السياسي. فلو كان العالم الإسلامي كله دولة واحدة لفاز الإسلاميون فيه بالانتخابات، ولو كان الوطن العربي دولة واحدة لفازوا أيضاً. ولا سبيل إلى محاربتهم إلا بالوسائل التي حاربت بها أوروبا واليهود الإسلام وباعدت بينه وبين قصور الحكم في العالم الإسلامي لعقود طويلة باستثناء المملكة العربية السعودية طبعاً. والصادق المهدي أطرب قيادة التيار الشعبي في مصر بقوله إن الأوضاع السياسية السيئة التي يشهدها السودان حالياً بسبب السياسات الخاطئة التي اتبعها الإسلاميون، وإن أكبر آثارها تجسد في انفصال الجنوب بدعوى تطبيق الشريعة الإسلامية. إذن السؤال هو: هل يريد الصادق المهدي ألا يخوض الإسلاميون في مصر المنافسة الانتخابية وإن كانوا هم الأكثرية، ويريد معاملتهم كما عامل هو أنصار نميري عام 1985م؟ وكل ما يقوله السيد الصادق غير قابل للتطبيق على المستوى المحلي، فقط هي كلمات وعبارات لا تخرج من سياق معارضته لحكومة الخرطوم، ثم إن السيد الصادق المهدي هو رئيس وزراء منتخب وأطيح، فلماذا يشجع على تقويض الحكم المنتخب في مصر لمجرد أن أهله إسلاميون مثل حكام الخرطوم؟! أين الالتزام بالقيم الديمقراطية التي طالما حدثنا عنها؟! إذن المسألة ليست منافسة ديمقراطية وإنما صراع مبادئ، فالصادق المهدي يرى أن حكومة الخرطوم ليست ديمقراطية، لكنه يرى حكومة مصر المنتخبة مثلها، وهو ديمقراطي كما يدعي ويطرح نفسه، وفي نفس الوقت يبارك سلوك التيار الشعبي في مصر وهو ينازع حكومة منتخبة خارج أسوار المعارضة الديمقراطية الشرعية. وكان المطلوب من السيد الصادق أن ينصح القوى المصرية المعارضة بألا تقوم بما قام به من قبل العلمانيون في تركيا ضد حكومة أربكان المنتخبة أو بما قام به محمود عباس أبو مازن ضد حكومة حماس المنتخبة عام 2006م، وذلك لصالح مستقبل الديمقراطية في مصر. فلا نريد لمصر أن تعود إلى عهود الدكتاتورية والملكية والاحتلال الأوروبي والدولة الفاطمية.. نريدها مصر سيدنا عمرو بن العاص بصورة تواكب عصرنا هذا.