هناك كثير من الأسر السودانية القليلة في دول المهجر التي تُعرِّف ابناءها على السودان وتدخله في قلوبهم وتأخذهم اليه في عطلاتهم السنوية وترسلهم اليه للدراسة الجامعية والذي من المفترض ان يفعله اي اب حادب على مصلحة ابنائه والذي من الطبيعي ان يحدث.. ولكن الواقع يقول ان كثيرًا من الأسر لا يعرف ابناؤهم عن السودان سوى انه بلد والديه، بل ونجده ينفر عند ذكر اسمه والتي تعود غالبًا الى الصورة السيئة التي رسمها له الوالدان عن بلده او عبر ما يراه على اجهزة الاعلام المختلفة والتي تنقل وتعكس صورًا سيئة تترسب في نفوس ابناء المغتربين وفيما بعد تجده يُربى على ذلك ولا يؤخذ اليه وعندما يحين موعد دراسته الجامعية يتم ارساله الى دول آسيا او اوروبا لإتمام الجامعة وعندما يأتي يعمل في نفس دولة الاغتراب في اغلب الأحيان ويتزوج وتدور نفس الحياة مع ابنائه من جديد، وهذا لا يقتصر على الابناء فقط بل يحدث حتى مع البنات والتي تكون بلغت سن الاربعين ولم تتزوج لانها حبيسة الغربة بامر والديها وهذا الجرم يعود للوالدين الذين لم يأخذوهنَّ لبلدهنّ ويحببوهنّ فيه ولاهم تركوهنّ ليذهبن لوحدهن. هذه قضية هامة تؤثر على شريحة واسعة من ابناء الوطن والمستقبل وهم ابناء المغتربين والتي تجعلنا نشير الى ان هنالك ثلاث فئات من المغتربين ؛ الاولى منهم تحمل هموم الوطن في حدقات عيونها وهؤلاء يرتبطون بالوطن وتلقائيًا يرتبط ابناؤهم به وينشأ معهم حب وتقديس الاوطان وهؤلاء لا خوف عليهم.. والفئة الثانية وهم الساخطون على الوطن وهؤلاء لا علاقة لهم بالوطن ولا يتواصلون مع اهاليهم وبالتالى ينشأ ابناؤهم على ما وجدوهم عليه. الشريحة الثالثة وهم بسطاء المغتربين والذين لا ينقص حب الوطن لديهم بل قد يزيد الحب عندهم اكثر من الفئة الاولى ولكن ضيق ذات اليد يقف عائقًا بينهم وبين اولادهم من التواصل المستمر مع الوطن ويرجى منهم فى مقبل الايام. كل هذا يرتبط بمشكلة اخرى كبيرة ايضًا تواجه ابناء المغتربين خاصة ابناء الشريحة الثانية والثالثة وهى تتعلق بالتربية واسلوب الحياة التى يألفون عليها ببلاد الاغتراب وحال عودتهم فى المستقبل يصعب ان يتكيفوا مع الاوضاع بالسودان، فاختلاطهم بابناء السكان الاصليين جعلهم لا يحملون من سمات وطنهم الاصلي الا السحنة والمسمى فقط، كما تربع بعض الآباء على عرش الاغتراب لسنين عددا، وتخوفهم من الذهاب الى بلدهم لعدم تكبد الالتزامات المالية من ضرائب وجبايات اخرى فرضت عليهم قسرًا، حيث انه طالما مغترب لا بد من سداد كل الالتزامات، والسبب الآخر بكل اسف يرجع الى تعود بعض الاسر على الراحة في الغربة وخاصة الزوجات اللائي آثرن البقاء الى اجل غير مسمى دون مراعاة للازمات التي تحدث في الغربة. خاتمة قولي ان بعض المغتربين يعيشون هذا الانفصام الحقيقي، ولا يسعني الا ان اقول لهم: العيب الكبير ننسى الوطن بالفيهو نهجر لي ضفافو وننكروا نجافيهو الرزق ان قليل ود البلد كافيهو والزول البيشحد اصلو خير ما فيهو